أفلام الرسوم المتحركة لها جاذبية كبري للكبار والصغار لذلك كان من الظلم في الماضي أن تقتصر هذه النوعية من الأفلام علي مخاطبة الأطفال فقد اتجه الكثير من مخرجي السينما الكبار إلي استخدم الرسوم المتحركة في تقديم موضوعات جادة وتخلصوا من الفكرة القديمة بأن أفلام التحريك للصغار وأصبحت لجميع الأعمار. وهذا ما فعلته المخرجة الإيرانية مرجان ساترابي التي تعيش في فرنسا والتي قدمت سيرتها الذاتية في فيلم تحريك "أبيض وأسود" مدته 72 دقيقة وموجود علي موقع "يوتيوب" لمن يريد مشاهدته وهو مترجم للغة العربية. الفيلم اسمه "بيرسيبوليس" أي بلاد فارس عندما قامت الثورة الإيرانية وسقط الشاه عام 1979 كانت المخرجة طفلة بنت عشر سنوات تعيش في بيت العائلة بطهران مع والدها ووالدتها وجدتها. ترصد بعين الطفلة كيف كانت الثورة الإيرانية في بدايتها ثورة من أجل الحرية والديمقراطية ضد نظام الشاه الاستبدادي ثم عاد الخوميني من باريس وركب الثورة واتجه بها إلي تأسيس النظام الإسلامي من خلال استفتاء من جملة واحدة: "هل تريد تطبيق الشريعة الإسلامية.. نعم أم لا" وبالطبع حصل علي موافقة 99% من الشعب الإيراني الذي كان يتطلع سريعا إلي الاستقرار ليعود إلي حياته الطبيعية بعد أحداث الثورة. تقوم ساترابي في الفيلم بسرد العديد من الوقائع التي كانت شاهدة عيان عليها. التناقض الصريح بين الأقوال والأفعال. الخطاب الإعلامي الدعائي الفج. كيف يتعلم الأطفال في المدارس العنف والرغبة في الانتقام كان خالها يؤمن بالديمقراطية ويقول ان الشعب الإيراني لن يتنازل عن حريته فيتم القبض عليه ويحاكم أمام محكمة ثورية ويصدر حكم باعدامه باعتباره من أعداء الثورة. كانت المخرجة تدرس في المدارس الفرنسية بطهران واستطاعت الحصول علي منحة للدراسة في فيينا وتسافر بالفعل وهناك لا تستطيع التأقلم مع الحياة في مجتمع حر تواجه العديد من المشاكل وتفقد المنحة وتهرب إلي فرنسا وتمر بالعديد من التجارب والمحن وتعود إلي طهران وتلتحق بكلية الفنون الجميلة وتسمع عن زميلتها التي قالت "كان لدينا أيام الشاه 3000 معتقل وأصبح لدينا بعد الثورة 300 ألف معتقل" قبضوا عليها وحكموا عليها بالإعدام ولكن القانون يمنع إعدام العذاري. قاموا بتزويجها بواحد من الحرس الثوري وفي الصباح نفذوا حكم الإعدام. تزوجت ساترابي من زميلها واختلفت معه وطلقها وتحكي عن مأساة المطلقة في مجتمع متخلف فكل الرجال يريدون اقامة علاقة معها وفي النهاية تعود ساترابي مرة أخري إلي باريس ولا تريد العودة إلي طهران. تعيش هناك مع ذكرياتها الجميلة مع جدتها فهي تعتبر الجيل القديم أفضل كثيرا من جيل والدها ووالدتها. هكذا استطاع فيلم بالرسوم المتحركة وخلال 70 دقيقة فقط أن يقدم سيرة ذاتية لامرأة إيرانية تحكي من خلال حياة عائلتها ما حدث في إيران منذ الثورة الإسلامية حتي اليوم. وهي تقدم رسالة إلي العالم ومنهم بلدان الربيع العربي بضرورة الدفاع عن الحرية التي تستحق الثمن الذي تدفعه الشعوب من أجل الحصول عليها هذه سينما من المنفي مازالت حية وتناضل من أجل الحرية.