لم تكن الكاتبة الإيرانية مرجان ساترابي لتحلم في يوم من الأيام، أن يحصل فيلمها "بيرسيبوليس" على عدد من الجوائز، ليكون واحدا من أشهر أفلام الرسوم المتحركة التي عالجت قضية المرأة الإيرانية. ويرصد "بيرسيبوليس" حياة مؤلفته ساترابي التي نشأت في إيران خلال الثورة الإسلامية، فالطفلة الصغيرة التي غادرت إيران عام 1994، أصبحت الآن يافعة وقوية الإرادة، ونادراً ما تزور مسقط رأسها.
وتقول مرجان: "لم أكن متمردة من قبل، والتمرد بالنسبة لي، هو أن تميز الخاطئ فتتمرد ضده. أما عن نفسي فلا أؤمن بما يقوله الآخرين بسهوله، ولابد أن أقبل الكلام واقتنع به ذهنياً أولاً. وحين أستمع إلى شيء يقوله أحد، أفكر فيه جيداً، وأُقيم جدواه بالنسبة لي. وهذا ليس تمرداً بل استخدام للعقل."
وفي البداية، لم تكن ساترابي تتوقع تحويل روايتها المصورة إلى فيلم رسوم متحركة، إذ تقول: "حقيقة كنت لا أريد تحويل القصة إلى فيلم، وحاولت تعطيل إنتاج الفيلم مراراً، بوضع عقبات وشروط معقدة مثل: أريد الفيلم أبيض وأسود، وبالرسم اليدوي، ويجب أن يكون أستوديو التسجيل في وسط باريس، وليس في ضواحيها، ، لكن فوجئت بالشخص المسؤول يخبرني عن قبولهم لجميع شروطي."
وحظيت رواية "بيرسيبوليس" بشعبية كبيرة فور صدورها، ورشحت لجائزة الأوسكار.
وتقول مرجان: "توزيع جوائز الأوسكار أسوء تجربة، حيث تتعطل جميع مصالحك لمدة أسبوع كامل، وتتسلم "دي في دي"، يضم المحظورات، وما يجب قوله، وما لا يجب، وعدد الثواني التي يسمح لك التحدث خلالها، والامتناع عن تقديم الشكر لأي شخص من عائلتك؛ سوى الزوج أو الزوجة والأبناء.
وتتابع "في صباح يوم توزيع الجوائز، تجد عددا من الأشخاص، وسيارة ليموزين فاخرة في انتظارك.. وعندما وصلت إلى مقر توزيع الجوائز، وجدت عددا كبيرا من المصورين أمامي، فظننت أنني مشهورة وحققت نجاحاً باهراً، لكن الحقيقة أن كل هؤلاء لم يكونوا من اجلي، وفوجئت بجون ترافولتا إلى جواري، لذا لم أحصل على صورة واحدة للأوسكار بسبب ترافولتا الذي دمر يومي."
ومضت تقول "كما أنني كنت أرتدي حذاء ذا كعب عال، وفستان غير مريحان، والطعام غير جيد. ما أقصده في النهاية أنك إن فزت بإحدى جوائز الأوسكار، فربما ينسيك ذلك مشقة ما مررت به، لكن إن لم تفز فستتذكر المعاناة فقط."
واليوم، وبدلاً من الحديث والاهتمام بالسياسة، تركز ساترابي جهودها على الفن الذي سيقدم للعالم وجهة نظر مختلفة بشأن إيران، فبيرسيبوليس كانت مجرد البداية.
وتقول مرجان: "تركت بلدي ثلاث مرات، في كل مرة أسمع أشياء لا تصدق حول إيران، وذلك بالطبع لأن الناس لا ترى إلا الصور والمعلومات على شاشات التلفزيون، فيعتقدون أن الدولة بهذه الصورة، وهذا غير صحيحة."
وتضيف بالقول: "الصدام بين الثقافات، الشرق والغرب، الجنوب والشمال، المسلمين والمسيحيين غير موجود كما يقدم. فلديك ما بين 12 و20 في المائة من الحمقى في العالم تعرف بالمتعصبين، هنا في فرنسا، على سبيل المثال، إذا اتخذت موقفاً وسطياً، فسيكون هناك 16 في المائة تمثل جناح اليمين المتشدد، في المقابل هناك العديد من المتعصبين في إيران، بحيث تجد 16 في المائة من الحمقى في كل مكان، هذا ما هو عليه الأمر، وإذا ما كان هناك فصل في العالم، سيكون بين الناس الحمقى، وبقية العالم."
وتعمل ساترابي حاليا على فيلم جديد بعنوان "دجاج بالخوخ."