تحقيق: مصطفي عبيدو - علا عبدالهادي عنتر سعيد - محمد بسيوني الإشراف القضائي علي الاستفتاء مطلب شعبي حيث لا يثق الشعب في أي جهة أخري غير القضاء لأداء هذه المهمة لضمان نزاهة النتائج.. والسؤال: ما الموقف في حالة تنفيذ القضاة تهديداتهم بعدم المشاركة في الإشراف علي الاستفتاء علي الدستور الجديد؟ أساتذة القانون الدستوري وأعضاء الجمعية التأسيسية والقوي السياسية يؤكدون أن امتناع القضاة عن الإشراف علي الاستفتاء أمر غاية في الخطورة في تلك المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد.. بينما اختلفوا حول الحلول لهذه الأزمة التي تواجه الاستفتاء علي الدستور. فقهاء الدستور يرون أن الحل الوحيد للخروج من هذا الموقف هو المصالحة مع القضاة.. لأن البديل لا يحقق الاستقرار. يؤكد الدكتور إبراهيم محمد علي أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية أن الأزمة الدائرة حالياً حول الدستور تتفاقم مثل كرة الثلج وكان يمكن لرئيس الجمهورية حل هذه المشكلة منذ البداية بالرجوع للإرادة الشعبية. مشيراً إلي أن وجود معارضة من جانب القضاة وبعض التيارات الثورية كان يستلزم إعادة النظر في القرارات محل الخلاف وهذا لا يأخذ علي الرئيس في شيء خاصة أن المجتمع المصري حالياً تحول إلي فريق مع وفريق ضد وهذا الانقسام ليس في صالح أحد. ويري أن الحل يحتاج إلي موافقة القضاء للإشراف علي الاستفتاء الشعبي علي الدستور إلا أن معظم الهيئات القضائية ترفض حتي لو وافقت هيئات النيابة الإدارية وقضاء الدولة علي الإشراف فأعدادهم لن تكفي لكن بنص الإعلان الدستوري لابد من الإشراف القضائي الكامل وهو يحتاج إلي إعلان دستوري جديد يخرج الاستفتاءات الشعبية من تحت رقابة القضاء أو يسمح للموظفين بمشاركة بعض الهيئات القضائية في الإشراف وهو ما يجعل الانتخابات أو الاستفتاءات غير شرعية ومشكوك فيها مما يغذي عدم الاستقرار وزعزعة البلاد. المصالحة يتفق معه الدكتور عادل عامر أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة بأنه في حالة رفض القضاة الإشراف علي الاستفتاء الشعبي علي الدستور سيكون بمثابة كارثة كبري لأنه سيكون في حاجة لمشروع قانون لعدم إشراف القضاء عليها مما سيجعله محل شك وقد يستغل المعارضون ذلك للتشكيك في أنه تعرض للتزوير وقد يسمي "دستور الجماعة" لذلك لابد من المصالحة وإلغاء الإعلان الدستوري حتي يمكن للقضاة الإشراف علي الاستفتاء ودعوة الشعب لاستفتاء حتي يمكن الحد من حالة الانشقاق ليؤكد للجميع أن رئيس مصر حريص علي الهيئات القضائية وعلي الشعب بالكامل. وفي الوقت الذي استبعد فيه بعض أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور.. يري البعض الآخر بأن هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية يمكنها القيام بمهمة الإشراف علي الاستفتاء.. وزيادة مدة التصويت إلي أربعة أيام بدلاً من يومين وتقسيم المحافظات علي أربع مراحل بدلاً من ثلاث. يقول الدكتور جمال جبريل عضو التأسيسية إن الاستفتاء سيتم بشكل طبيعي وفي حالة المقاطعة التامة من قبل القضاة له فإن هناك حلولاً كثيرة ومنها الاستعانة بأعضاء هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية وهم يتجاوز عددهم أربعة آلاف عضو للإشراف علي الاستفتاء وكذلك مد فترة الاستفتاء لمدة أربعة أيام وإعادة التوزيع الجغرافي لأربعة مناطق بدلاً من ثلاث. يضيف جبريل أن الوصول لحل سياسي هو الأقرب للتوقع قبل إجراء الاستفتاء مشيراً إلي أن الدستور وإقراره للعمل به بما فيه من ملاحظات أفضل ألف مرة من حالة الفوضي التي نعيشها حالياً وسيكون بداية جيدة لبناء مؤسسات مصر الثورة علي أساس من العدل والحق ولذلك فإن المصالح السياسية الضيقة يجب أن تتراجع قليلاً وتقديم مصلحة الوطن. وتري الدكتورة عزة الجرف عضو الجمعية التأسيسية نحن نعول علي قضاة مصر الشرفاء والوطنيين ولن يخذلوا هذا الوطن وسوف يشاركون في صناعة أفضل دستور مصري وإن كان بعضهم لديه ملاحظات عليه فإنه وبشهادة الأغلبية مفخرة وثمرة طيبة لثورة 25 يناير. وقالت إن القضاة كانوا مثالاً للوطنية علي مدار التاريخ ولا أعتقد بأنهم سوف يمتنعون عن المشاركة في الإشراف علي الدستور لأنهم حماية وضمان بالنسبة للجميع المؤيدين والمعارضين لهذا الدستور. تشاركها الرأي الدكتورة هدي غنية عضو الجمعية التأسيسية حيث تتوقع رفض القضاة الإشراف علي استفتاء الدستور لأن القضاة دائماً محبين لبلادهم وامتناع البعض لن يوقف مسيرة العمل للاستفتاء علي الدستور وتطالب من لديه تحفظات علي أي مادة أو نص دستوري بالتفاعل الإيجابي من خلال الصندوق في الاستفتاء والفيصل يجب أن يكون الصندوق وليس تعطيل مؤسسات الدولة والقضاة يدركون جيداً مصلحة بلادهم وهم من أحرص الناس عليها. القوي السياسية أما القوي السياسية فهي كالعادة منقسمة بين مؤيد لموقف القضاة ومعارض له. فيوضح د.المصطفي حجازي رئيس مبادرة التيار الرئيسي المصري أن الصراع الدائر الآن هو صراع علي مبادئ وليس سياسياً سواء بين معارضي وأنصار الرئيس حول الدستور مضيفاً أن هناك طرفا يدعو للاستبداد وهم أنصار الرئيس وآخر لسد ذرائع الاستبداد وهو القوي المدنية والسياسية والمعارضة والتيار الرئيسي المصري يقيس حركة المجتمع. مشيراً إلي أن الاستفتاء بدون قضاة سوف يصبح غير شرعي خاصة أن الجمعية التأسيسية مطعون علي تشكيلها وعلي إجراءاتها وتمريره يغير الحقائق كاملة. ومن جانيه يقول د.يسري حماد المتحدث باسم حزب النور السلفي إنه يتوقع أن يشرف القضاة علي الاستفتاء لأنهم لا يملكون أن يخالفوا القانون والدستور الذي يفرض عليهم أن يشرفوا علي الاستفتاء وإذا حدث وهذا مستحيل فإن الرئيس عليه أن يتدخل لوقف هذه المهزلة من خلال إجراءات قانونية وقضائية ضد المخالفين للقانون والدستور وهذا يكفله القانون أيضاً والدستور. أما جمال صابر وكيل مؤسسي حزب الأنصار فيقول رغم اعتراضي الشديد علي مواد مشروع الدستور والتي لم تخرج واضحة جلية في مسألة تطبيق الشريعة الإسلامية إلا أنني أعتقد أن القضاة سيخرجون للاستفتاء ولن يعترضوا أبداً لأنه فرض عليهم وليس بإمكانهم أن يمتنعون وهو ليس خياراً لهم بل حق يكفله القانون والدستور والسلطة القضائية هي ملك للشعب وتصدر أحكامها باسم الشعب ولا يمكن أن تخالف الشعب وتقف ضده أبداً. أما إذا رفضوا فهم يخالفون القانون والدستور ولا نامنهم أبداً علي أن يشرفوا علي أي انتخابات وليتخذ الرئيس قراراً بقانون لمعالجة الموقف. ويقول الدكتور طارق الزمر المتحدث الرسمي باسم الجماعة الإسلامية إنه لا يتوقع أبداً رفضاً كبيراً من كل قطاعات القضاة في المشاركة في الاستفتاء وسيكون هناك مقاطعة بسيطة لن تؤثر علي الإطلاق ولن يحدث أبداً إجماع من كل القضاة وهو ما رأيناه خلال جمعية القضاة العمومية التي لم تكتمل أصلاً وحضرها سياسيون وآخرون غير قضاة. أضاف أنه إذا حدث اعتراض كبير فإن للرئيس الحق أن يتدخل ويعمل سلطاته الدستورية ويعيد الأمور إلي نصابها لأن أي سلطة قضائية لا تعمل لصالح الشعب فلا يمكن أن تستمر في رفضها ولن تصمد أمام حشود الشعب الكبيرة التي منحتها وأعطتها حق أن تحكم باسم الشعب.