خرجت الدورة ال 21 لمهرجان الموسيقي العربية هذا العام عن الإطار المرسوم والهدف الأول والأساسي لاقامة حفلاته وفعالياته.. إذ لم يلتزم القائمون علي المهرجان بالخط الأساسي في الحفاظ علي الأغنية العربية الأصيلة حيث اختفت الأغاني التراثية والتي تقدم الطقطوقة والموشح والموال والمونولوج والقصيدة والدور.. واكتفت بالتعاقد مع نجوم الغناء الذين من الممكن تقديم حفلاتهم بدار الأوبرا وعلي مدار العام ولأكثر من مرة. وامتداداً لعدم تقديم الأغاني التراثية غابت عن الحفلات أيضا فرقة التراث للموسيقي العربية والتي تتميز بتقديم ألوان الغناء القديم لأساطين الموسيقي العربية مثل عبده الحامولي وسلامة حجازي أبوالعلا محمد وداود حسني وكامل الخلعي وسيد درويش فلم تتضمن الحفلات أعمالهم التي يجب تقديمها للحفاظ علي تاريخ الموسيقي العربية.. وكان من الممكن أن تتاح الفرصة للجميع فتقدم تلك الأغاني التراثية جنباً إلي جنب أغاني حليم وعبدالوهاب وأم كلثوم والأطرش وشادية ووردة وفايزة أحمد وغيرهم من رواد العمالقة حتي أن قائد الفرقة الموسيقي للتراث المايسترو فاروق البابلي كاد يتعرض لأزمة صحية مع الأيام الاولي للمهرجان بسبب عدم مشاركة فرقته. وغاب عن حفل الافتتاح عنصر الابهار ولم يرتق إلي مستوي افتتاح حفلات الدورات الماضية.. كما لم يكن أوبريت الافتتاح "أمير النغم" علي قدر من الكفاءة التي اعتدنا علي مشاهدتها طوال الأعوام الماضية.. بل لم يكن "أوبريت" بالمعني المعروف عنه فلم يتخلله المشاهد التمثيلية الممتزجة بالدراما والقصة والحبكة والأداء التمثيلي وسرد تاريخ "الشخصية المكرمة" حيث تم الاعتماد علي تسجيلات تليفزيونية قديمة للموسيقار الراحل رياض السنباطي وشهادات بعض المعاصرين له عن عبقريته الموسيقية وتخللها مجموعة من الأغاني التي لحنها الراحل لكبار المطربين وقد وصل عدد الأغاني الي15 أغنية ومقطوعة موسيقية مما ساهم بشعور من الملل والضجر والسأم الذي سيطر علي الجمهور من كثرة الاغاني بالرغم من الاصوات العذبة التي شاركت مثل ريهام عبدالحكيم ومي فاروق ووعد البحري وحسناء وسارة ورحاب مطاوع ومحسن فاروق وهاني عامر وأمجد العطافي الذي ترك علامة استفهام عند المتابعين للمهرجان في تصعيده فجأة وانضمامه للجنة التحضيرية للمهرجان لأول مرة هذا العام إلي جانب تكريمه ضمن المكرمين إلي جانب تميزه بأداء اغنيتين عن بقية المشاركين الذين قدموا كل منهم اغنية واحدة. لأول مرة يشهد مهرجان الموسيقي العربية انسحاب واعتذار عدد كبير من الفنانين وعدم المشاركة بعدما أعلنوا اشتراكهم باستثناء اعتذار الفنان محمد الحلو الذي أصيب في حادث سيارة بدولة الامارات قبل انطلاق المهرجان بأيام.. ويحسب لإدارة المهرجان قدرتهم السريعة علي الاتفاق مع أسماء أخري من النجوم بدلاً من المنسحبين فجاء علي الحجار بدلا من آمال ماهر. ووليد توفيق بدلا من محمد الحلو. ونصير شمة بدلا من فؤاد زيادي. ونصير شمة بدلا من لؤي. ونادية مصطفي بدلا من المغربية اسماء المنور.. ولكن لم تراع إدارة المهرجان أن هناك عدداً من الجمهور لم يعرف هذا التغيير بعد حجز حفلات للأصوات الغنائية مما جعل البعض يتذمر عندما فوجيء بتغيير برنامج المهرجان واسماء المشاركين.. وكان علي إدارة المهرجان وضع لوحة كبيرة في مدخل المسرح الكبير تعلن فيه عن الاعتذارات وتغيير بعض الاسماء ولا تكتفي بما سجلته في البرنامج الذي أعيد طبعه باعتبار ان البعض اكتفي باحتفاظه بالبرنامج حين صدوره وقتها. كرم المهرجان عدداً من الشخصيات التي ساهمت في إثراء الحياة الفنية.. ولكن زيادة عدد المكرمين إلي 12 شخصية يقلل أحيانا من قيمة التكريم.. وتتضمن اسم الراحل رياض السنباطي. وأيضا اسم الموسيقار الراحل محمد نوح الذي كرم الشهر الماضي ايضا في مهرجان الإسكندرية الدولي للأغنية كما امتد التكريم للمطربة غادة رجب والتي نالت لقب أصغر مكرمة في تاريخ المهرجان وكرمت باعتبارها من أفضل الاصوات الرومانسية ومشاركتها في حفلات المهرجان منذ بداياته.. كما أنها وقفت مبكرا علي المسرح الكبير في تسعينيات القرن الماضي في سن العاشرة وغنت أمام محمد عبدالوهاب. تضمن التكريم الزملاء كريمان حرك وأمجد مصطفي لمساهماتهما في النقد الموسيقي والاوبرالي.. وشمل التكريم المطرب محسن فاروق والذي كرم ايضا في الصيف الماضي بمهرجان القلعة للموسيقي والغناء وقد رحب الجميع بتكريمه لتعرضه للظلم الشديد علي مدي سنوات مسيرته وانضمامه للأوبرا وهو أحد الاصوات القديرة في الموسيقي العربية. افتقد المهرجان إلي التنسيق في تقديم الاغاني حيث كان هناك تكرار لبعض الاغنيات مثل قارئة الفنجان التي قدمها هاني شاكر في حفلته واعادها خالد سليم في اليوم التالي. كما غني هاني شاكر أيضا نعم يا حبيبي وقدمها احمد سعد في حفلته ايضا. فلابد أن يكون هناك تنسيق في تقديم اغاني الحفلات لعدم تكرارها حتي لا تعقد المقارنة وإتاحة الفرصة لتقديم اغان أخري إلي جانب ترجيح كبار النجوم في اختياراتهم. في ليالي المهرجان لم يكن هناك موضع لقدم في حفلات هاني شاكر وعلي الحجار وصفوان بهلوان ومن أنجح ليالي المهرجان حفلات هاني شاكر وخالد سليم وعلي الحجار ووليد توفيق والقديرة عفاف راضي بينما سأم عدد من الجمهور من حفلة صفوان بهلوان والذي خيم عليه الحزن والاكتئاب بما يحدث في بلده سوريا من مجازر دموية حتي إنه طلب من جمهور حفلته الوقوف دقيقة حدادا علي أرواح شهداء سوريا.. إلا ان اختياراته للأغاني لم تكن علي المستوي المطلوب مما دفع البعض الخروج مبكرا قبل نهاية الحفل. استاء الجمهور ايضا من فقرة عازف العود العراقي نصير شمة والذي افتتح بها الليلة الرابعة عندما أطال من عزفه لما يقرب من ساعتين إلي جانب فقرة الفنان أحمد سعد الي تأخر صعود الفنانة نادية مصطفي إلي ما بعد الحادية عشرة والنصف فخرج عدد من الجمهور بسبب الوقت المتأخر.. اما الفنانة ريهام عبدالحكيم فقد تمكنت بادائها العالي واستعراض طبقات صوتها ما بين اغاني وردة وفايزة وام كلثوم إلي ان يصل الجمهور الي حالة التشبع الوجداني الموسيقي.