- هل هو الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي.. وجهازه الرئاسي من نواب ومساعدين ومستشارين؟ - أم هو الرئيس وجماعته وحزبه الحرية والعدالة الذي قدمه مرشحا باسمهم لتولي منصب الرئاسة؟ - أم ان جماعة الحكم. أوسع وأشمل لتضم جماعات الإسلام السياسي من سلفيين. لجهاديين. لتفكيريين. لغيرهم ممن يرفعون "الإسلام" شعارا.. وينادون بالشريعة مبدأ وعقيدة؟! - أم ان المسألة ليست أكثر من لعبة.. معقدة.. ومدبرة.. تتوه وسطها الحقيقة.. ويغيب معها اليقين.. ويتصارع وسطها الجميع. * دون رؤية. * ودون اهداف محددة. * ودون سلطة واضحة. * ودون مسئولية.. يتحدد من خلالها المطلوب انجازه وعلي وجه السرعة كما يتحدد معها المرفوض الذي لابد من محاسبة من قام به. هذه اللعبة المعقدة والمدبرة التي تأخذ البلاد إلي المجهول أو إلي الجحيم بمعني أدق. هل يدرك اللاعبون والمشاركون فيها خطورتها؟ وهل هم واعون بما يجري وبما ستئول إليه الأمور؟! أم انهم مناسقون ومغيبون مع تيار عشوائي. ليست له بداية ولا نهاية.. يذهب بهم إلي ميدان التحرير. وإلي غيره من الميادين.. محمولين ومعبئين في حافلات أو أتوبيسات مجهولة الهوية.. يسبقهم إليها عناصر تحمل اللافتات وتردد الهتافات.. وتصيح "الشريعة" هي الحل ولتنطلق الحناجر في الميدان تعيد وتكرر ما جاء به المدبرون من شعارات.. هذه الحالة العامة والشائعة. - هل هي المعبر الصحيح عن الأوضاع في مصر الآن؟ - هل يمكن أن نستدل منها.. ومن خلالها عن هؤلاء المخططين والمدبرين لها؟ - هل هي أسلوب الحكم والإدارة لشئون البلاد.. سواء كانت الممارسات الحالية مرحلة "تكتيكية" تسبق الوصول إلي الأسلوب النهائي؟ أو سواء كانت.. هي كل ما لدي القائمين علي الحكم من اجتهاد وتصور؟ وبصرف النظر عما اقترفه النظام السابق من جرائمه وما حرص علي نشره من فوضي وما مارسه من فساد.. إلا أن هذا "النظام الفاسد نفسه" قد حرص وبقوة علي أن تكون هناك: * سلطة.. * وأن تكون هناك مسئوليات. * وأن يطبق علي أرض الواقع حساب وعقاب.. ورغم كل ما شاب الادارة السابقة.. إدارة النظام السابق من ظلم وفساد وانتهاكات إلا ان الواقع يقول ويؤكد: ان مبارك ونظامه قد ظل يحكم البلاد ثلاثين عاما متصلة.. وان ما بناه وشيده مبارك من "نظام بوليسي".. قد أحكم قبضته وسطوته علي الجميع. * بمن فيهم الإخوان المسلمون. * وبمن فيهم السلفيون. * وبمن فيهم الليبراليون. * وبمن فيهم الخارجون علي القانون من جماعات الجهاد والتكفيريين وآخرين. ما أعنيه وأقصده.. انه كانت هناك "دولة".. أو شبه دولة.. يقولون.. انها كانت دولة فاسدة نقول صحيح.. ويقولون.. انها كانت عميلة ومشبوهة في مقاصدها.. نقول نعم.. لكن ظلت الدولة أيا كان وصفها قائمة بأدواتها وأجهزتها وقوانينها وحتي سياساتها وأساليبها.. دولة يمكن الرجوع إليها ورغم كل شيء. - دولة.. وضعت الإخوان رغم قوتهم وتنظيمهم واعدادهم في المكان الذي أرادته لها داخل السجون وخارج السجون. - دولة.. أخذت من السلفيين ما أرادته منهم ووظفتهم فيما أرادت توظيفهم فيه.. إلي حد وجوب الطاعة لولي الأمر.. أيا كانت سياسات أو ممارسات أو أهداف ولي الأمر هذا. - دولة.. هذه الدولة ذاتها والتي ادارها النظام السابق. استطاعت أن توظف وتجند الاكاديميين والفنيين والقانونيين والعلميين والخبراء ونجوم الدولة المدنية!! وقتها للعمل لخدمة النظام. يدخل في هذا التوظيف والتجنيد.. كل ما يمكن من "طبخ" للقوانين وتزييف للأحكام.. وتبرير للمخالفات وفبركة للمؤسسات من مجالس نيابية إلي مجالس محلية إلي أجهزة ادارة وتشريع. **** باختصار.. كانت هناك دولة وكانت هناك اجهزة وكانت هناك سلطة.. وكانت هناك مرجعية بل وكانت هناك قوانين يمكن الاحتكام إليها والمحاسبة علي أساس.. ومرة أخري.. ليس هذا دفاعا عما كان ويكفي القول ان فساده - أعني ذلك النظام - وسوءه.. قد قضي عليه وازاله من الوجود ونعود الآن.. هل توجد دولة بالفعل؟ وهل توجد سلطة؟ وهل من قانون نحتكم إليه؟ وهنا.. لا اسأل عن غياب الدولة فيما يخص المعضلات الكبري كتلك التي تحدث في سيناء.. تلك التي تهدد بضياع جزء عزيز من أرض.. بل وتهدد الوطن كله أو تلك التي تهدد الأمن والبشر في مختلف المحافظات.. بل أسأل عما يجري في التحرير.. وفي عدد من الميادين.. هذه الجموع المدفوعة الأجر.. هذه الجموع المحمولة إلي مواقع التمرد والعصيان.. تطالب بالمجهول وتتحدث عن الغيبيات.. هذه الجموع المغيبة التي تدعو إلي القتل باسم الدين وتجاهر بتكفير الغير دون وعي.. وتنشر الفتنة بين أبناء الوطن الواحد. واللافت والغريب ان هذه الممارسات وهذه التصرفات وهذه الأحكام الشاذة.. تتردد بنفس القوة والعنف. داخل المؤسسات التي تتمتع بقدر من الشرعية. مثل "لجنة الدستور" وداخل الأحزاب والمنظمات والجمعيات التي تتخذ من الإسلام غطاء.. ومن الشريعة وتطبيقاتها ذريعة.. والسؤال.. هل يمكن أن تستمر هذه الأوضاع وان تتواصل هذه التصرفات؟ * هل يمكن أن تظل السلطة غائبة.. وأن يبقي القانون معطلا هذا ان وجد القانون في الأصل. الشيء المؤكد ان ما تحتاجه مصر.. وما يتطلع إليه المصريون. * ليس أبدا تطبيق الشريعة.. خاصة ان الداعين لها. كثر ولكل منهم "مزاجه". رؤيته.. تفسيره أو مذهبه وبالتالي نحن نتطلع إلي هدف لا نعرف كنهه وأصحابه أيضا لا يعرفون أو علي الأقل لا يتفقون عليه. * هل يمكن أن نترك الناس غارقة في همومها. وفي مشاكلها.. غارقة في فقرها وعوزها وبطالتها وحرمانها.. ونحلق بعيدا في الغيبيات وفي كثير من الأحيان في الخرافات.. في حين ان الواقع علي الأرض مخيف.. بل ومرعب. * لا أحد في مصر ضد "شرع الله".. ضد الشريعة.. لكن جميع المصريين: * ضد الفوضي. * ضد غياب الأمن. * ضد تحلل الدولة.. الحديثة والقديمة علي السواء. * ضد اختفاء السلطة. وتبخر المسئولية. مصر بجميع أطيافها ترفض أن تحكم أو تدار شئونها "بالقطعة". مصر.. بجميع قلوبها وعقولها.. تبحث عن هذا "النفر" من المصريين القادر علي أن يضع لها "روشتة" علاج شامل: - يلم شتات الدولة. - يعيد بناء البيت من الداخل. مصر.. في حاجة لمن يدرس خريطة الأزمة وتفاصيلها.. يشخص المرض. يقترح العلاج. يختار الأولويات. يحدد مواقع البدء. ان من أخطر ما نعيشه. ونتعايش معه. هو هذا الاهدار. هذا الفاقد المريع للامكانيات وللقدرات وللثروات التي بين ايدينا وتحت اقدامنا.. ولا تحتاج إلا أن نوليها الاهتمام الواجب فتتحول إلي كنوز وإلي ثروات وإلي أسباب وأدوات تعيد للمواطن كرامته وتلبي حاجته. من هنا فإن الواجب يفرض علينا وفورا ان نعبيء الجهود ونضع الخطط لوقف هذا الاهدار.. ونتحرك إلي الأمام.. دون اطالة أو تكرار فيما سبق وعاشت معه مصر سنوات وسنوات من الدفع بمبررات واسباب زائفة كزيادة السكان أو نقص المواد.. أو الأكذوبة الكبري التي تتحدث عن الدعم.. سواء كان دعم طاقة أو غذاء أو صحة أو غيرها وعلينا أن نتذكر ان هذا النصيب أو هذا القدر الذي ترصده الدولة تحت بند الدعم.. ليس بدعة مصرية.. وليس حالة خاصة بالمصريين وحدهم. علينا أن نتذكر.. أن جميع الدول.. الغني منها المتوسط والفقير.. ينفق علي مواطنيه.. علي ابنائه.. هذه الدول جميعا تقدم خدمات صحية عالية المستوي وبالمجان.. وتنفق علي التعليم بجميع مراحله العليا والصغري وبمستويات انفاق تتجاوز المعقول لدينا. تنفق كذلك علي الاسكان وعلي النقل وعلي الطرق.. هذه الدول أيضا.. الغني منها والفقير.. تقدم الدعم المباشر لكل مواطن في حاجة إليه دون منة ودن تعال. **** المهم ان هذا المفهوم. المعوج. والخاطيء للدعم لدي السلطة في مصر سواء السلطة السابقة أو السلطة الحالية يستوجب ويتطلب المراجعة وهذا التناول المغلوط للدعم لابد من تصحيح فالشيء المؤكد: - ان الدعم الذي تقدمه الدولة في مصر وبكل أنواعه وأشكاله دعم متواضع.. ليس هذا فقط ولكنه دعم في نفس الوقت منهوب معظمه وهذا النهب الذي يطول الدعم في مصر.. ليس ظاهرة مصرية فقط.. ولكنه حالة مكررة في العديد من الدول وعلي سبيل المثال.. في الهند يوجد الآن. نقاش وطني عام حول الدعم.. دعم الطاقة ودعم الوقود ودعم الغذاء ودعم الصحة ودعم الأسر التي لا دخل لها وكذلك دعم المرأة عند الولادة.. هذا الدعم الذي يمثل هذه الأيام موضوعا وطنيا عاما يشمل أو يتناول أكثر من 600 مليون مواطن هندي - ستمائة مليون هندي - والجدل الجاري الآن في الهند وعلي كل المستويات لا يتحدث أو يقترب من فكرة الالغاء أو التخفيض أو الاستمرار.. فاستمراره ضرورة لا مجال لمناقشتها ولكن الجدل يدور حول سوء استخدام هذا الدعم فكل ما يحدث في مصر هناك عصابات ومؤسسات تقوم بسرقة جزء كبير من هذا الدعم. ومن هنا.. بدأوا في طرح افكار وصبغ من شأنها ذهاب الدعم لمستحقيه.. وفي هذه الاطار طرح أحد كبار العلماء والممولين وكبار رجال الأعمال فكرة: - استبدال الدعم العيني.. بدعم مالي مباشر لكل من يستحق الدعم. فردا كان أو أسرة والمشكلة.. ان عددا هائلا من المستحقين حالهم نفس حال فقرائنا.. لا يقرأون ولا يكتبون.. ولا يستطيعون التعامل مع البنوك إذا بدأ بالفعل اتباع "الدعم المالي" بديلا عن الدعم العيني. وهنا قدم المليادرير المتخصص في التكنولوجيا "ناندال نيلسكاني".. نظاما تكنولوجيا يسهل علي المواطن الفقير كيفية التعامل مع البنوك ليبدأ نظام الدعم المالي ابتداء من عام .2014 ما أردت أن أقوله بالحديث عن الهند وتجربتها وتعاملها مع قضية تكاد تكون حاكمة عندنا هذه الأيام هو: ان الأزمات الاقتصادية لا تتعلق بمصر وحدها.. بل تمس معظم الدول الكبير منها والمتوسط والفقير وان مسألة الدعم لا ترتبط بالدول الفقيرة وحدها كمصر.. بل هي أيضا تمس ومباشرة معظم دول العالم.. ويكفي ان نذكر ان الولاياتالمتحدةالأمريكية تقدم يوميا دعما عينيا يتمثل في وجبة غذاء مجانية لحوالي 50 مليون مواطن أمريكي.. فإذا انتقلنا إلي الهند وتحدثنا عن هذا العدد المهول من المواطنين الهنود الذين يتمتعون بالدعم والذين يتجاوز عددهم ال 600 مليون مواطن نجد ان الهند لم تقف أمام الأزمة أو المشكلة حائرة بين الاستمرار أو الإلغاء أو التخفيض.. إنما اهتمت الدولة كلها.. برئيسها.. وبأحزابها.. وبقواها العلمية والفنية والمالية. اهتمت وبحثت في كيفية: علاج المسروق من الدعم من خلال الصيغ القائمة وكيفية الانتقال إلي الدعم المالي.. فضلا عن ضمان ان تغطي شبكة الدعم كل المحتاجين وهنا نقول.. لا يكفي أن نعيد ونزيد عن الدعم.. وكيف ان مشكلة الدولة ناجمة عن الاسراف. ان مشكلة الدولة ناجمة عن الاسراف في الدعم.. أو في سرقة الدعم وبالتالي تتحايل علي الغائه أو تجاوزه أو تخفيضه فكل الدول تقدم الدعم لمواطنيها.. - ان لم يكن في صورة طاقة أو غذاء.. - فإنما في صورة خدمات عامة وواسعة تشمل الجميع.. خدمات في التعليم. في الصحة والنقل. والمواصلات.. فضلا عن توفير فرص عمل مجزية. خدمات لا تترك مجالا إلا وتشارك فيه وتدعمه وتطوره ومثل الهند ومرة أخري يعطي المثل والدليل. ان توفير الدعم وحمايته.. ليس فقط مسئولية الدولة.. بل وكذلك المفكرين والعلماء والفنيين والرأسماليين والناس جميعا. لحماية المجتمع وضمان وجود مواطن لا تقتله الفاقة ولا تهمله الدولة ولا المواطنون.. ولا مجال أمام هذه المسئولية النبيلة التي يتباري الجميع في القيام بها. للحديث عن غيبيات.. أو الغرق في شعارات دينية أو مذهبية.. فلا أولوية.. أهم من الاهتمام بالإنسان وتوفير حقه في الحياة.. وفي العدالة والكرامة الإنسانية.. وبالطبع لقمة العيش.