تخوض مصر الان معارك في كل الاتجاهات. فهناك معركة الدستور. والحريات. وتطبيق الشريعة. وتحقيق اهداف الثورة. والقصاص لشهداء الالتراس. ومحاكمات رموز النظام السابق. والاقتصاد. وتدني مستوي الخدمات الصحية. والاضرابات الفئوية. والقضاء علي الفساد الذي استشري في جسد الوطن وشوهه وخلق حالة من الخلل داخل مؤسسات الدولة يصعب علي أي حكومة أو حزب أو فصيل مهما كان قوته وتنظيمه ان يقضي علي هذا المرض في شهور. المهم اننا نشعر في كل خطوة نخطوها بعد الثورة انها ثقيلة وصعبة وتحتاج لام المعارك. لا شيء يمر بسلاسة. وابتلانا الله بمثقفين ونخبة تجيد العك والعجن السياسي ومشوهة وورثت كل امراض النظام البائد. ليس لديها ما تقدمه الا الضرب والسلخ والتشويه للمنافس. والاعتراض من اجل الاعتراض فقط ليقال انها معارضة. ليس لديها ثوابت ولا مبدأ. كل يوم بلون واتجاه. ويبدو اننا كتب علينا ان نعيش في ظل الحزب الواحد إلي حين ان تنضج القوي السياسية. هل يعقل ان تشوش القوي السياسية علي الدستور من خلال وسائل الاعلام الضخمة التي تمتلكها لدرجة ان الشعب اصبح لا يعرف شيئا عن المواد او الحريات أو ما هي اسباب الرفض أو ما هي المشكلة. لدرجة ان الامر تحول لدي المعارضة الي ظاهرة صوتية فقط من خلال الآلة الاعلامية الضخمة القادرة علي تسطيح وتهييف وضبابية أي قضية. هل يمكن لاحد الان ان يقيم اداء الحكومة تقييما موضوعيا في ظل كم الاكاذيب التي يروجها الاعلام؟. هل يمكن لنا ان نحكم علي الاخوان في ظل هذا اللغط والصراع والمنافسة غير الشريفة؟. المشكلة في مصر الان اننا تحولنا الي عصبيات واحزاب وفصائل. لا احد يعلي قيمة الوطن. فالسلطة القضائية تريد ان تبقي كما هي تدافع عن مصالحها ومزاياها وترفض اي مادة في الدستور تنظم شئونها. ورغم اعترافهم بأن هناك اوضاعا غير سليمة وهناك فساد في كل مؤسسات الدولة بما فيها القضاء وقد اعترف بعضهم بهذا. فكل مؤسسة في الدولة الآن تريد مصلحتها الخاصة فقط حتي ولو تعارضت مع مصلحة المجموع. وخرجت المصلحة العامة والشعب من كل الحسابات. وصلنا إلي درجة ان الكل الان يخون الكل. وهذا هو المطلوب منذ اندلاع الشرارة الأولي للثورة. واتذكر اننا ونحن في الميدان وكان مملوء بالامن وعناصر النظام السابق وكانوا يحاولون ان يوقعوا بين الثوار والاخوان بواسطة عناصرهم المندسة وسطنا. ويعلنون رفضهم للاخوان. وكنا جميعا نفطن لذلك ونردد "كلنا ايد واحدة" ولكن لم يدم هذا طويلا فبعد تنحي مبارك والاستفتاء الأول حدث ما كانوا يسعون اليه وازداد الشرخ يوما بعد يوم الي ان وصلنا الي درجة تخوين الاخوان. وانهم جماعة غير دينية وبدأت حملة تشويه واسعة نالت منهم ورسخت في عقول البعض صورة ذهنية سيئة عنهم بحرفية شديدة . في نفس الوقت لم بلتفت الاخوان لما يحدث ولم يحاولوا ان يقربوا هذه القوي وسرعان ما كانوا يفقدوا اعصابهم وصوابهم من شدة النقد وانحرافه. واحساسهم بالظلم والافتراء من الاعلام جعلهم يتركون الساحة بلا رد أو صد. فاصبحت الصورة ضبابية عنهم. ومختلفة تماما عن بداية الثورة. ووقعوا في بعض التصريحات التي تناولها الاعلام بسوء نية. فاتسع الشرخ اكثر واكثر بينهم وبين القوي الأخري. وهذا ليس في مصلحة الوطن. نريد ان نري انجازات الاخوان حقيقة واقعة واضحة. وأيضا نريد معارضة تحترم عقولنا وتقدر الوطن وتعد نفسها ان تكون بديلا جاهزا لتولي السلطة وتبادلها مع حزب الحرية والعدالة وان تغير منهجها وتتحول من ظاهرة صوتية الي واقع ملموس مؤثر.