سؤال.. ربما يكون الأخير إليك... يا من أيقظت أحلامها ومشاعرها التي كانت قد أخمدتها وأنهت عملها منذ سنوات. فكم قبلك حاولوا إيقاظها باستماتة لكن محاولاتهم باءت بالفشل. أما معك أنت ... فقد كان الأمر مختلفا .. كم حاولت هي المقاومة ... كم حاولت هدم تلك المشاعر وتجاهلها .... ولكن باءت جميع محاولاتها بالفشل .... أجب فقط عن سؤالها... لماذا ؟؟؟ لماذا لم تتركها كما هي، فقد كانت هادئة ... مستكينة ... في قمة الراحة لا ينقصها شيء - أو هكذا كانت تظن - ! فما وجَدَت نفسها إلا وتتفتح عيناها على شمس جديدة ، تجد عيناها تلمعان من شدة الضوء ... تكاد عيناها تنطق وتبوح بكل شيء حين تراه فتستدير في اتجاه آخر حتى لا يكشف هو ما تخفيه... في بداية الأمر لم تستوعب ماذا يحدث معها ... حاولت إغلاق جميع النوافذ .... لكن الضوء كان أقوى يتخلل من كل مكان تجده أينما ذهبت ... أما النسيم فكان أرق من أن تغلق النوافذ في وجهه وتحرم منه ... فتفتحت النوافذ كلها دون مقاومة أو تحكم منها ... أخذت تقترب ببطء وحذر من النافذة واقترب الضوء مصحوبا بلمسة دافئة خفيفة لم يستطع قلبها مقاومتها ... واقترب هو وبدا النور يظهرشيئا فشيئا كلما ابتسمت هي له وكلما ابتسم لها ... وخطا هو الخطوة الأولى فتوقفت هي .... فنظر إليها وقال مالي أرى الخوف في عينيك ... لم تتوقفين؟ اطمئني؛ فأنا معك .. ثم مد يده إليها فابتسمت ابتسامة يملؤها الخجل وقدمت يدها إليه على استحياء ... ثم استمر هو في التقدم وهي خلفه كلما أبطأت شد على يدها وقال لها أكملي فأنا معك لماذا تخافين ... - شعرت بنبرة عتاب وهو يقول ألم أقل لكِ انا معك - فألقت على نفسها اللوم وقالت لها لماذا تخافين من هذا الضوء الدافيء فتوقفت مرة أخيرة ونظرت إليه وقبل أن يقول شيئا ... أخذت رابطة عنقه وقالت له دعني أربط بها عيني وأسير خلفك!! ..... فرأت في عينيه فرحة مصحوبة بذهول وكأنه يقول لها أنت تمزحين هل ستمشين معي مغمضة العينين.. فقالت له شد على يدي، وسأمشي خلفك كلما تقدمت سأدفعك للأمام أكثر وإن تعثرت سأقف وراءك في ظهرك حتى لا تسقط ... ثم وضعت رابطة عنقه على عينيها وربطتها بيديها ثم ابتسمت وقالت أكمل الطريق وخذني إلى حيث شئت فأنا لا أخاف أي شيء وأنا معك ... في بداية الطريق كانت الشمس تملأ الأرجاء ... والدفء يملأ قلبيهما أو - قلبها على حسب وصفها - .... فجأة و في وسط الطريق مع حلول غيوم الشتاء .. شعرت بأن الضوء يختفي تدريجيا لكنها شدت على يده ولكن يده كانت تترك يديها تدريجيا أيضا إلى أن حل الظلام وفجأة لم تجد يده ... فقد اختفت دون سابق إنذار .... أخذت تنادي عليه بصوت هز المكان وهو يجيب بصوت منخفض حتى صوته بات يتلاشى تدريجيا إلى أن أصبحت تسمع صدى صوتها وهو يهتف باسمه دون رد والعجيب أنه على الرغم من كل هذا لم ترفع رابطة عنقه من فوق عينيها !!! تسلل الخوف -عليه- إلى قلبها فلم تجد حلا سوى أنه حان الوقت لتبحث عنه فرفعت رابطة عنقه ونظرت إلى بعيد ... فإذا به يراقبها ويشاهد تحركاتها ... فتنادي عليه ينظر إليها ويراها ولكنه لا يجيب !! لم تكن تدرك أنه تركها وحيدة في ظلمات الليل وقسوة البرد ... لم تستوعب أي شيء يحدث حولها .... سقطت على الأرض منهارة غير مصدقة لما يصير أخذت تفكر؛ هل هو يراها حقا ولا يجيب .. أهو حقا كذلك!؟ أم ثمة شيء آخر تخفيه غيوم السحاب بداخله ولا يريدها أن تعرفه... كل هذا وهو يشاهدها في تلك الحيرة فنادت بصوت عال ... إن كنت تسمعني .. قل لي إن أعجبك الاختباء وراء السحاب، فقط تذكر أنك تركت خلفك من تتنظر دفء الشمس وضوءها... لكن فقط اسأل نفسك هل ستظل هي منتظرة حتى تسطع شمسك لها مرة أخرى مهما طال الاختباء ؟!! وأول إجابة سينطق بها قلبك ويصدقها عقلك ... سترى هي صداها في عينيك .....