تقرير - خاص : سيناريو التوريث في مصر، بدأت دراسته فعليا بعد أن نجح في دولة سوريا في عام 2000 إثر تولي نجل الرئيس السوري بشار الاسد الحكم خلفا لوالده الذي كان يحكم البلاد قرابة ثلاثين عاما ما بين الفترة من 1970 وحتى عام 2000. بدأ التخطيط الفعلي لخلافة النجل الاصغر للرئيس المصري السابق جمال مبارك منذ عام ألفين والترتيب منذ عام 2001 حين بدأت التجهيزات في إنشاء جمعية شباب المستقبل واستقطاب عدد كبير من الشباب لمنح الكمبيوتر واللغات والتي شهدت اقبال متزايد مع عام 2002 و2003 وتكوين شعبية لجمال مبارك من خلال هذه الجمعية التي تعمل في الاساس لتلميع صورته التي لم يكن يراها احد وبدأ يظهر جمال مبارك بشكل كبير وواضح جدا في عدد من اللقاءات التليفزيونية سواء كانت المحلية أو العالمية ودوره الذي كان يبرز من خلال أمانة سياسات الحزب الوطني الذي كان يسيطر على كافة المجريات السياسية في مصر. إلا أن اصوات المعارضة بدأت تقف ضد جمال مبارك بشكل كبير والتي تمثلت في "الحركة المصرية من أجل التغيير - كفاية" والتي بدأت العمل فعليا في عام 2004، حيث برز دورها في رفع شعاراتها منذ انتخابات الرئاسة في سبتمبر 2005.. إلا أن القمع الامني وحملات التنكيل في الشوارع والاعتقالات الواسعة التي شملت صفوفها بشكل كبير لم يتح الفرصة لتدميرها بالرغم من المحاولات المستميتة لذلك، إلى أن ظهرت حركة 6 أبريل المناهضة أيضا لفكرة التوريث في مصر والتي دعت لأول إضراب عام من خلال شعار "خليك في البيت" في عام 2007 ويرى بعض المحللون أن هذه كانت خطوة أساسية في إصابة مصر بشلل في هذا اليوم. بالرغم من هذه التحركات السياسية الواضحة والتي خرجت في الشارع سواء رافعة شعار "إفرجوا عن مصر" أو "لا للتوريث" فكان دور جماعة الاخوان المسلمين التي تعتبر نفسها الاكثر تأثيرا في الشارع المصري كانت تتخذ دور المشاهد المتفرج على المسرح السياسي. عام التوريث كان من المفترض أن يكون عام 2011 هو عام التوريث في مصر وهذا ما أكدته شخصيات مقربة جدا، وذلك كان سيطبق مع بداية شهر يناير الماضي، والذي كان يتضمن لقاءات مفتوحة بين جمال مبارك وعدد من القيادات الحزبية وعدد من الرموز السياسية التي صنعها النظام الساقط. وكان سيكتمل السيناريو بسفر مبارك لرحلة علاجية في المانيا والإعلان عن تدهور صحته بشكل كبير، بالتوازي كان سيتم إشاعة فوضى منظمة من خلال وزارة الداخلية التي يترأسها حبيب العادلي، وتدبير عدد من التفجيرات التي يحدث من ورائها عدد من الفتن الطائفية، بالاضافة لترويع الأمنين وفتح عدد من السجون ونشر عدد كبير من البلطجية الموالين للنظام وخروج جمال مبارك أكثر من مرة في تصريحات مطمئنة للشعب المصري ليكسب وده وشعبية. مع احداث هبوط حاد في البورصة المصرية والاقتصاد القومي ليشكل خطرا كبيرا على مستوى معيشة غالبية الشعب المصري وإشاعة الفوضى الاقتصادية والترهيب من نفاذ عدد كبير من السلع الاستراتيجية والتي على رأسها البنزين والسلع الغذائية كالقمح والارز. بالاضافة على حملة اعتقالات واسعة للرموز السياسية والاعلامية ذات التأثير الكبير في الرأى العام بالشعب المصري. أضف إلى ذلك كله، الاعلان عن ضرورة احداث انتخابات رئاسية مبكرة، في شهر مارس الماضي ليتم تنصيب جمال مبارك من خلال هذه الانتخابات التي ليس عليها اشراف قضائي وتحت سياسة الرهاب الامني وتطبيق قانون الطوارئ وخروج النتيجة باستحواذ جمال بحوالي 95% من الاصوات. ويعود مبارك بصحة جيدة من المانيا ويبارك ذلك بشكل كبير لنجله ويؤكد أن دوره سيكون استشاريا مشيدا بدور نجله في ادارة الازمة التي مرت بها المتمثلة في القبض على عدد من البلطجية وطمئنه الشعب. ما بعد التوريث بعد اتمام التوريث في شهر ابريل الحالي، كان متوقعا تشديد العقوبات الجنائية لجرائم النشر والتأثير على الرأى العام بعد الاطاحة بقانون حرية الصحافة، ورفع الاسعار بشكل جنوني وادارة مصر من خلال مبارك الابن ومجلس الشعب الوهمي الذي حصل عليه الحزب الوطني على ما يقارب من 95% من مقاعده، للسيطرة على كافة اشكال الحياة في مصر. الدور الامريكي في التوريث مما لا شك فيه أن مبارك كان صديقا وفيا للإدارة الامريكية في تطبيق كافة السياسات التي تريدها أمريكا، إلا أن زيارة اوباما للقاهرة في عام 2009، والتي عبرت عن تغير سياسي في العلاقات الامريكية بمصر والمنطقة العربية والإسلامية كافة من خلال الرسالة التي اراد أن يوجهها باراك اوباما للعالم من خلال اختياره لمصر، وجامعة القاهرة تحديدا، والتي عبر فيها عن عدد من النقاط إلا أنها كانت مخزية لجمال مبارك لان اوباما لم يلتقي به خلال هذه الزيارة الخاطفة التي استغرقت يوما واحد، كما أن اقحام الاجتماع الذي كانت تحاول قوى سياسية مصرية في افتعاله ليحدث لقاء بين الطرفين رفض من منسقي الزيارة واكتفوا فقط بلقاء والده الذي لم يتعدى الربع ساعة فقط في قصر القبة. ولم تكن هذه الصدمة الوحيدة التي واجهت سيناريو التوريث في مصر من ناحية الادارة الأمريكية وظهر ذلك من خلال تهميش وثائق "ويكيلكس" لفكرة التوريث في مصر وعدم الاهتمام بها من خلال التقارير المتبادلة بين السفارة الأمريكيةبالقاهرة ووزارة الخارجية الامريكية .