أجرت جريدة الشروق حوارا مطولا مع خيرت الشاطر القيادي في جماعة الأخوان المسلمين، تحدث فيه عن اخر التطورات التي شهدتها مصر وتنحي مبارك وعن متابعته لاخر تطورات الوضع بينما كان في السجن. فقد قال الشاطر نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين إنهم استقبلوا خبر تنحى مبارك فى سجن مزرعة طرة بفرحة، "ليس لشىء إلا لأن مبارك ورجاله سعوا لسرقة الوطن فى السنوات العشر الأخيرة، حتى الأحلام والآمال لم تسلم منهم". وأضاف الشاطر فى حواره ل"الشروق" أن نظام مبارك أوصل الشعب إلى طريق مسدود"، مؤكدا أنه كان على يقين أن التزوير الفج الذى شهدته الانتخابات البرلمانية الأخيرة كان سيدفع فى اتجاه الغضب والثورة. ? كيف استقبلتم خبر خلع مبارك فى السجن؟ استقبلناه بفرحة بالغة، ليس بدافع شخصى باعتباره السبب فى وجودنا فى السجن، ولكن لأن مبارك والمجموعة المحيطة به كانوا يسرقون الوطن خلال السنوات العشر الأخيرة من حكمه، والسرقة هنا ليست بمفهوم الموارد والثروات والأراضى فقط ولكن الوطن بالكامل.. آمال الناس وأحلامهم، فمجرد سقوط مبارك وسقوط مشروع التوريث كان له دلالة كبيرة جدا على استقلال هذا الوطن. كيف كنتم تتابعون الأحداث وأنتم داخل السجن؟ السجن يسمح بالصحف ولكن للأسف لم يكن متاحا من التليفزيونات سوى التليفزيون المصرى ولكنه كان يعتبر جزءا من العقوبة بسبب انحيازه، ولكن كنا نأخذ منه المشاهد، وفى مرحلة أخرى كنا نتابع من خلال الزيارات، ولكن عندما حدث الشغب داخل السجون تم منع هذه الوسائل لمدة 11 يوما. هل كان عندك يقين بأن الأحداث التى بدأت بتظاهرة يوم 25 ستتحول إلى ثورة؟ منذ بداية المحكمة العسكرية وأنا على يقين بأن ربنا سيرينا فى هؤلاء الأشخاص آية ولكن لم أكن أعرف متى وكيف سيكون شكلها، وتأكد يقينى بعد انتخابات الشعب الأخيرة وخروج صفوت الشريف وأحمد عز يقولان إنه عام الحسم، وكنت متأكدا أن هؤلاء الأفراد ستحدث لهم مصيبة فى مدة ليست أكثر من شهرين، وذلك لأن هذه سنة الله وهى أنه عندما تصل الأمور إلى حد العجز البشرى الكامل فيكون هناك تدخل غير مباشر، وعندما بدأت المظاهرات يوم 25 لم يكن أحد يتوقع ما حدث، ولكن بعد أن بدأت الأعداد تتزايد وفئات اجتماعية مختلفة ومراحل سنية مختلفة تشارك، تأكدت أن العملية ستستمر وتحقق نتائج كبيرة بعد أن شاهدت هذا التنوع. صف لنا حالة السجن فى أثناء أحداث الانفلات الأمنى؟ وقعت أيام الانفلات الأمنى أعمال عنف وشغب فى 7 سجون من إجمالى 8 سجون بمنطقة طرة منها سجن المحكوم، والعقرب، أما سجن المزرعة الذى كنا به فلم يحدث فيه أى شىء وذلك بسبب طبيعة نزلائه، ولكن إطلاق الرصاص بالمنطقة خلال هذه الفترة استمر لمدة يومين. كيف استقبل نزلاء السجن العادلى وعز وباقى الوزراء؟ لم يكن أحد منا مستيقظا وقت دخولهم الزنازين الساعة 2 صباحا، المجموعة الأولى منهم وصلت السجن الساعة 10 وانتظروا فى مكتب المأمور لحين الانتهاء من أعمال تركيب السيراميك، والأجهزة الكهربائية فى الزنازين، ودهانها بالزيت وتركيب حمامات إفرنجى وسيراميك وسخانات كى تليق بالوزراء، وعندما جاءوا لم يكن تم الانتهاء من هذه التشطيبات. وكانت الإدارة تعزلهم أثناء فترات التريض حتى لا يختلطوا بأحد من المساجين، كما عزلوا العادلى عن باقى الوزراء، وكان عمرو عسل وأسامة جيرانى، وكان هناك عنبر مقسم بين العادلى وهشام طلعت مصطفى على أساس أنه لو جاءت شخصيات أمنية سيتم حبسها مع العادلى أما لو جاء رجال أعمال مثل أبوالعينين فسيكون مكانهم مع طلعت، وتعرضت المجموعة للهجوم والسباب من أهالى المساجين أثناء ترحيلهم للنيابة، ولم أكن أتخيل أن المواطنين من المناطق العشوائية مثل عزبة الهجانة والدويقة، لديهم الوعى الكافى وعلى علم بأن عز وهؤلاء الوزراء قاموا بسرقة أموالهم، وكان هؤلاء المساجين يصعدون فوق الشبابيك ويسبون حبيب العادلى وكنا نسمع ذلك. هل حدث أى لقاء بينكم وبين العادلى؟ العادلى كنا نراه من بعيد فقط، وفى إحدى المرات قابلنى وعندما جاءت عينى فى عينه وضع عينه فى الأرض وذهب دون أن يقول أى شىء، ولكن حسن مالك فى مرة وهو خارج للزيارة قابله فقال له فى وجهه "حسبى الله ونعم الوكيل أنا بأقولها لك منذ 4 سنوات"، فقام الحرس بإبعاد العادلى سريعا أما باقى الوزراء فكنا نراهم بشكل طبيعى، وكان بعضهم منتظما فى الصلاة معنا مثل المغربى والبعض الآخر لم يكن يصلى بشكل منتظم. ? وهل حدث أى لقاء بينكم وبين أحمد عز؟ رأيته ولم أكلمه، وطلب من بعض زملائنا فى السجن لقائى والتعرف على فرفضت ولم أذهب إليه. فى تقديرك، ما هى الأسباب التى أدت إلى اندلاع ثورة؟ أعتقد أن السبب هو تكريس جمال مبارك والمجموعة المرافقة له لسرقة الوطن واحتكار كل شىء فيه وتركيز الثروة المنهوبة فى أيدى 200 فرد واتساع الفجوة بينهم وبين باقى الشعب، كما ساهم الانفتاح الإعلامى بشكل ما، فضلا عن إغلاق كل منافذ التعبير عن الرأى فى البلد خصوصا بعد تجميد النقابات وغلق نادى القضاة، ونوادى أعضاء هيئة التدريس وتزوير انتخابات مجلسى الشعب والشورى فلم يعد هناك أى متنفس، وما حدث فى انتخابات الشعب الأخيرة من تبجح وفجور على غرار ما قاله عز عن عام الحسم، فضلا عن أن حسنى مبارك فى السنوات الأخيرة كان صورة، والذى كان يدير بالفعل هو جمال وأمه. وعقب الانتخابات علمنا أن النظام يجهز قضية كبيرة للإخوان لكن تفجيرات كنيسة القديسين أجلت الإعلان عنها، القضية كانت تستهدف 74 قيادة بالجماعة ما بين أعضاء مكتب إرشاد ومسئولى مكاتب إدارية. أثارت مشاركة الجماعة فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة جدلا حادا لاسيما فى وجود تيار كبير يؤيد المقاطعة.. مع أى فريق كنت؟ المعلومات التى كانت لدى أن الجماعة أجرت استطلاعا لرأى الإخوان فى المحافظات والمكاتب الإدارية وكانت الأغلبية مع المشاركة، وكون أن مجموعة تخرج فى الإعلام وتقول إن الأغلبية كانت مع المقاطعة فهذا لم يحدث وأنا متأكد من أن الأغلبية كانت بالفعل مع المشاركة، وحتى فى جولة الإعادة عندما تم الاستقرار على الانسحاب كان قد تم الاتصال بكل أعضاء مجلس الشورى بالتليفون واستطلاع آرائهم. وأنت كنت مع من؟ لم يتم استطلاع رأيى فيها ولكن أنا نفسيا كنت مع المقاطعة ولكن هناك مواقف لا يمكن أن تتخذ فيها قرارا بناء على إيحاء نفسى لأن الجماعة كانت ترى أن الأمور تسير فى طريق التضييق عليها ولذلك اتخذت قرار المشاركة وقتها. وهناك مبدأ عند الإخوان وهو عندما ندخل السجن لا نبدى الرأى فى قضية جارية لأننا لا نكون على إلمام بالواقع خارج السجن. كيف كنت تتابع انتخابات مكتب الإرشاد الأخيرة والتى وصفها البعض بأنها الأعنف فى تاريخ الجماعة؟ اعترض على توصيفها بالأعنف، لأن الإخوان تجمع بشرى كبير ويجب أن يكون هناك اختلاف فى الآراء، وأن يكون هناك بعض الاختلافات فى الوسائل، ومن الطبيعى أن يكون هناك دوافع ونوازع مختلفة من باب الإخلاص المطلق، ودائما العبرة فى أى تجمع بشرى بالغالب الأعم وليس ال100% لأنه لا يوجد تجمع بشرى كل ما يقوله يتحقق بنسبة 100%، والجماعة منذ أن اشتد عليها التضييق والنقطة الرئيسية هى فى اختلاف الرؤى بين المجموعة التى شاركت فى العمل العام فى النقابات والجامعات وبين بقية جسم الجماعة الذى لم يمر بالتجربة بشكل كبير، والصحيح أن نحاول كلنا أن نستوعب بعضنا البعض والاستيعاب الأسهل أن توجد مسارات للعمل العام، وهذا كان صعبا جدا فى فترة التضييق فى السنوات الأخيرة بسبب إغلاق كل المنافذ، كما لم يكن هناك مجلس شعب.