اللحظة الفارقة بين "عيش حرية عدالة اجتماعية" مرورا بلحظة "يادي الخزى يادي العار اخ بيضرب اخوه بالنار" وصولا للقرار "دلوقتي دلوقتي" الذي حرك جموعا كبيرة من ميدان التحرير ساروا على الاقدام إلى قصر الرئاسة في العروبة بمصر الجديدة وأيضا إلى قصر رأس التين بالاسكندرية وحشد الالاف إن لم يكن الملايين متوحدين بمختلف انتماءاتهم السياسية والحزبية والدينية على كلمة نابعة من القلب رجت الارض تحت أقدام اقطاب الفساد الذي كان يحكم مصر بدءا من الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك وصولا لرجال الاعمال الذين قيل إنهم تزوجوا بالسلطة في حكومات أو مناصب حزبية تابعة للحزب الاوحد الذي كان يتحكم في مقاليد الامور كافة، والذي استطاع أن ينهب مقدرات هذا الوطن الحر جاعلا من الشعب خانعا صامتا خائفا من بطش الجهلاء والبلطجية ومختلسي الابتسامة والضحكة ليس من على الشفاه بل من القلوب ليقمعوا أيا من التظاهرات وأيا من الاحتجاجات التي بدأت فئوية لتجوب الشوارع في جمعة الغضب مئات الالوف بل الملايين في أرجاء مصر كلها منددين بفساد النظام أفضل ما في الثورة أنها أعادت الشعب المصري إلى روحه وحياته التي كان يحياها قبل حكم مبارك، فكان الشعب المصري يمتاز بأن كل منا يخاف على الاخر والجيران يعرفون بعضهم عن قرب ويتقربون من بعضهم البعض ويتبادلون التهاني في المناسبات كما أن الناس كانت قلوبها على بعض بمعني انهم يخافون على ممتلكات بعضهم البعض. التطور الذي حدث أن الشعب المصري استعاد مشاعر ابن البلد التي كانت كامنة بداخله واستعاد ايضا مشاعر حقيقية بعد أن فشل الفساد في ترهيب الشعب المصري مستخدما سلاح الترهيب الامني بمجموعة من البلطجية وارباب السجون والمسجلين خطر ليرهبوا الامنين الذي تعهد مبارك أمام الله والشعب أن يوفر لهم حياة آمنة وليس أن يخرج عليهم بلطجية واصحاب سوابق اجرامية جعل الشعب يتماسك فيما يسمى باللجان الشعبية ويتكاتف ويتعرف على بعضه عن قرب وعن كثب. استعاد الشعب المصري فخره وحبه واحترامه الكامل للجيش المصري الذي وقف موقفا رجوليا محييا الشهداء بشكل بالغ في الاحترام والتقدير، وتحية لشهداء الثورة الذين فرحوا أكثر من فرحتنا بالنصر فإن دماءكم لن تضيع . كنت دوما اقول مصر "هتفضل غالية عليا" قاصدا أنها غالية لاننا لا نستطيع أن نعيش فيها من ارتفاع الاسعار لكن اليوم اوجه رسالتي للرئيس مبارك المخلوع شاكرا اياه بأنه اعاد عن دون قصد الشعب المصري لما كان عليه من شهامة وحب ورجولة وقدرة على الاختيار وقدرة على تحديد المصير في مواجهة حكمه الطاغي. يا مبارك لقد استنفدت أسلحتك، واستخدمت كل الانواع بدءا من سلاح الامن المركزي الجاهل بسبب فساد نظامك الذي تستغله في كل المواجهات الشعبية وصولا إلى البلطجية الذين هم ايضا نتاج لسياساتك القمعية والتي تستخدم بشكل كبير في المظاهرات والانتخابات سواء كانت برلمانية او رئاسية، في مواجهة ابناء الوطن الذي كان واجبا عليك حمايته والحفاظ على مقدراته. لذلك كان ابسط ما حدث هو أن خرج الشعب المصري الرائع في مظاهرة سلمية سرعان ما تحولت إلى ثورة تجوب شوارع وميادين مصر مطالبة برحيلك وها انت رحلت.. ومصر حرة وحسني بره.