عام الانتخابات البرلمانية... عام "ما قبل الحسم" تعد الانتخابات البرلمانية المصرية بمجلسيها (الشعب والشورى) وما انتهت إليه من نتائج من أبرز الأحداث المصرية في عام 2010، خاصة وأن برلمان 2010 - 2015 هو الذي سيحدد ملامح انتخابات الرئاسة في عام 2011. فقد أسفرت انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى التي جرت في شهر يونيو عن اكتساح تام للحزب الوطني بنسبة مشاركة غير مسبوقة وبأعداد أصوات غير مسبوقة أيضا تجاوزت 320 ألف صوت لعدد من الفائزين بعضوية المجلس في حلوان والجيزة والقاهرة وغيرها من الدوائر. أما نتائج انتخابات الشعب فقد فجرت جدلا غير مسبوق بعد أن فاز الحزب الوطني بعدد 420 مقعدا بشكل رسمي، بينما فاز المرشحون على مبادئه بنحو 70 مقعدا وذلك من أصل 504 مقاعد جرت عليهم الانتخابات بعد تأجيل الانتخابات في دائرتي الكوتة وبيلا بكفر الشيخ. الجدل فجره سقوط أحزاب المعارضة بشكل مدوي بالإضافة إلى رموز المستقلين أمثال مصطفى بكري، مصطفى شردي، علاء عبد المنعم، جمال زهران، فؤاد بدراوي، منى مكرم عبيد، طاهر أبو زيد، سميرة أحمد، جميلة إسماعيل ومرتضى منصور.. وغيرهم كثيرون.. بالإضافة إلى سقوط رموز من الحزب الوطني نفسه لعل أبرزهم الدكتور مصطفى السعيد والدكتور شريف عمر والكابتن أحمد شوبير. الحدث الأبرز أيضا في انتخابات الشعب هذا العام هو دخول المرأة بعدد كبير تحت قبة المجلس تحت عباءة ما يعرف ب "كوتة المرأة" والتي تستمر على مدى دورتين أي عشر سنوات. البرادعي.. حجر في المياه الراكدة مثل محمد البرادعي خلال عام 2010 الظاهرة الحقيقية.. فقد اعتبره المنادون بالتغيير الوجه الأكثر قبولا وقدرة على قيادة المطالبين بالتغيير لتحقيق هذا الهدف. ورغم النهاية - غير السعيدة - لهذه الظاهرة لعدة أسباب لعل أهمها ابتعاده الشخصي عن بؤرة الأحداث بسبب سفره المتكرر، وكذلك الهجوم الحاد على شخصه من بعض أنصار النظام سياسيا وإعلاميا وهو الهجوم الذي طال ابنته بشكل غير أخلاقي.. برغم هذا يبقى البرادعي رمزا للنموذج الذي يتطلع إليه بعض المصريين من قائد يسير بهم لخوض معركة التغيير التي يطالبون بها.. ويكفي أن تنظر للمواطنين الذين أحاطوا به في جولاته القليلة في القاهرة وخارجها كدلالة على هذه الرغبات. خبز .. أنابيب .. طماطم .. "رحمتك يارب" حكاية كل يوم.. وبالطبع كل عام.. الأزمات اليومية التي يعيشها المواطن المصري المطحون مع احتياجاته الضرورية بدءا من رغيف الخبز الذي ما أن يخرج من "حفرة" ازمة القمح، حتى يقع في "دحديرة" الإنتاج السيئ والتوزيع الأسوأ لتتوالى المشاجرات حول أفران الخبز فيسقط الضحايا بين مصاب وقتيل. من الخبز إلى أنبوبة البوتاجاز التي انفجرت أسعارها في وجه المواطن ضاربة أرقاما قياسية جاوزت الجنيهات الخمسين رغم أن سعرها الأصلي "الرسمي" جنيهان ونصف الجنيه.. هذه الأزمة التي امتدت طوال العام تقريبا أعلن المسئولون عن حل لها يبدا تطبيقه عام 2011 ويتمثل في توزيع الأنابيب عن طريق الكوبونات بخمسة جنيهات للاسطوانة الواحدة، وما يزيد يبلغ سعره 30 جنيها للواحدة.. لكنه حل مرشح لأن يكون هو أيضا أزمة العام الجديد.. خاصة مع انعدام الثقة بين المواطن والحكومة. غلاء الأسعار كان أيضا أزمة العام وكل عام.. لكن الجديد هذا العام "جنون" الطماطم.. التي لم يكفها وصفها بالمجنونة .. لتزداد جنونا على جنون في ازمة استمرت نحو 3 أشهر بداية من شهر رمضان وحتى قبيل نهاية العام بقليل.. الجنون الذي سيطر على "عقل الطماطم" ولم يستطع "عقلاء الحكومة" كبح جماحه قفز بأسعارها إلى مستويات قياسية بلغت 12 جنيها في بعض المناطق وظلت "مربوطة" عند هذا السعر عدة أشهر، لتصيب المواطنين بعدوى الجنون أيضا. اعتصامات على أبواب البرلمان وخلال عام 2010 لجأ الكثيرون من العمال الذين ضاقوا ذرعاً بما آلت إليه ظروفهم إلى أرصفة البرلمان، وصارت اعتصامات من أطولها اعتصام عمال شركة "أمونسيتو" للغزل والنسيج الذين كانوا يسعون إلى ضمان حقوقهم بعدما هرب مالك الشركة نتيجة تراكم الديون عليه، لتقرر وزارة القوى العاملة ولجنة القوى العاملة بمجلس الشعب تصفية الشركة وخروج العمال على المعاش المبكر. وانتهت الأزمة بموافقة العمال على اتفاق يقضي بتحمل بنك مصر، الذي آلت إليه أصول الشركة بصفته الدائن الأكبر لها، تعويضات وصلت إلى 65 مليون جنيه، عام 2010 شهد أيضا إجراء انتخابات غرفتي البرلمان، الشورى والشعب، وكانت النتيجة فيهما ليست فقط ضمان الأغلبية للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم وإنما كفلت له الانفراد بشؤون بلد فقد معظم أبنائه مجرد الرغبة في المشاركة، وفقاً لمعدلات المشاركة الرسمية في التصويت. القضاة والمحامون... جناحا العدالة "المكسورة" كأن الأزمات قد انتهت في عام 2010 حتى لم يبق إلا أن تتفجر الأزمات من بين صفوف فئتين معنيتين أساسا بحل هذه الأزمات.. نتيجة لخلاف من مرحلة الطفولة بين وكيل نيابة وأحد المحامين في مدينة طنطا بمحافظة الغربية أججه خلاف قانوني حول أحد القضايا.. تفجرت أزمة بين جموع القضاة والمحامين امتد لهيبها ليشمل "المحروسة" كلها.. وآثارها لتشمل جموع المتقاضين أمام المحاكم بعد انشغال القضائين (الجالس والواقف) بهذه الأزمة التي وجدت من ينفخ فيها يوما بعد يوم ليتمسك كل طرف بما يراه حقا له.. فعانت قضايا كثيرة من أضرار التأجيل لأسابيع متواصلة.. ورغم جهود التهدئة من البعض إلا أن القضاة بدوا مصممين على إثبات موقف قوة تمثل في الحكم بحبس المحاميين المتهمين والأمر لا يزال حتى الآن أمام المحاكم في رحلة الشد والجذب.. ولا عزاء للعدالة العمياء. الإخوان.. مرشد جديد ونتائج صادمة بعد خلافات عديدة خاضها مرشد الإخوان المهدي عاكف خلال سنوات توليه مسئولية الجماعة وإن كان أبرز إنجاز له دخول 88 نائبا مجلس الشعب في انتخابات 2005... دخل الإخوان عام 2010 بمرشد جديد هو الدكتور محمد بديع وذلك بعد سلسلة طويلة أيضا من الجدل الداخلي بين صفوف الجماعة... لم تتغير تصريحات بديع عن عاكف وبقت معبرة عن توجهات الجماعة بشكل أو بآخر وإن بدا الأخير أقل ميلا للتصادم مع النظام.. رغم هذا فإن نتائج الجماعة - التي تغير وصفها من المحظورة إلى التنظيم غير الشرعي في انتخابات برلمان 2010 - جاءت مخيبة لآمال الجميع حتى أولئك المختلفين مع سياسات الجماعة.. فقد جاءت "صفرا كبيرا" في انتخابات الشورى.. وكذلك في منافسات الشعب خاصة بعد أن "تبرأ" الإخوان من مجدي عاشور الفائز الوحيد في جولة الإعادة بعد أن أعلنت الجماعة انسحابها بسبب ما حدث ضد مرشحيها في مختلف الدوائر... الفتنة نائمة.. لعن الله من أيقظها أبى عام 2010 أن يغادر دون أن يفجر أزمة طائفية ملتهبة... فعلى الرغم من بعض المناوشات والأحداث هنا وهناك التي كان أبرزها تلك المساجلات الكلامية بين الدكتور سليم العوا والأنبا بيشوي نائب البابا حول أعداد الأقباط في مصر وصورتهم في القرآن وحقيقة كنائسهم والاضطهاد الذي يدعي بعض الأقباط أنهم يتعرضون له.. بالرغم من هذا فإن أحداث العمرانية مثلت علامة مهمة في أحداث 2010 بل ربما تكون علامة فارقة في علاقة الأقباط بالنظام.. خاصة أن الخلاف هذه المرة كان رسميا والغضب كان عنيفا والإجراءات كانت شديدة.. وتحدث البعض عن اعتكاف البابا في وادي النطرون احتجاجا على احتجاز ما يقرب من 200 مسيحي بسبب أعمال العنف التي طالت جهات حكومية.. ولم يظهر في عظاته الأسبوعية حتى حضوره افتتاح الدورة البرلمانية لمجلسي الشعب والشورى بعد أنباء عن زيارة قام بها الدكتور مصطفى الفقي إلى وادي النطرون لاسترضاء البابا. معركة الأجور... كأن شيئا لم يكن استيقظ الموظفون والعمال صباح أحد أيام 2010 على قرار محكمة القضاء الإداري بتحديد مبلغ 1200 جنيه كحد أدنى للأجور في مصر.. وظنوا أن الحياة قد تبسمت لهم أخيرا بعد طول عناء.. إلا أن الأيام لم تأت بما كانوا يتوقعون.. وبعد شد وجذب أعلنت الحكومة أن الحد الأدنى الذي تراه مناسبا لأجور عموم الموظفين هو 400 جنيه فقط وتحججت في هذا بأسباب ارتفاع التضخم وعجز الميزانية.. إلخ.. في المقابل لم يقف اتحاد عمال مصر معهم بل طالب ب600 جنيه حدا أدنى.. ورغم أن المطالبات المختلفة تراوحت أرقامها الأخرى بين 656 و733 جنيها (لاحظوا الدقة) إلا أن الأهم أن عام 2010 لم يشهد جديدا في هذا الإطار لموظف عانى الأمرين من غلاء لم يرحم أحدا. الإعلام في 2010: إقصاء أديب وعيسى ودستوره.. وإغلاق 16 قناة فقط رغم أن النصف الأول من العام شهد الكثير من الأحداث المؤسفة في مجال الإعلام، ولكن هذا لا يقارن بما حدث في النصف الثاني من العام، فالأزمات عنوان عريض لما حدث، وكانت أزمات من النوع الذي يمكن أن نطلق عليها "كارثي" لأنها أطاحت بقنوات وإعلاميين كبار من المشهد الإعلامي في وقت هام وتاريخي لمصر. نبدأ بأحد أبرز الأحداث كونه كان مفاجأة غير متوقعة ففي نهاية شهر سبتمبر بات معلوما أن برنامج "التوك شو" الأقدم والأهم عربيا "القاهرة اليوم" لن يظهر مجددا لجمهوره وهم بالملايين رغم أنه يعرض عبر قناة مشفرة ويخاطب عادة صفوة القوم في كل المجالات ولكن مساحة انتشاره وصلت حتى للجمهور العادي، نظرا لارتفاع سقفه وجرأته المعتمدة على قدرات مقدمه الإعلامي عمرو أديب وفريق العمل فيه. عمرو أديب لم يتحدث كثيرا عن توقف البرنامج رغم أنه في حلقات كثيرة له توقع توقف برنامجه بطريقة ساخرة.. كعادته دائماً، لكن تصريحات مقتضبة نقلت عنه أكد فيها أنه لا يعلم موعد عودة ظهوره على الشاشة من جديد بعد توقف البرنامج بقرار من إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي مالكة الاستديوهات التي يبث منها "القاهرة اليوم"، بزعم عدم سداد المستحقات المالية للمدينة، ووجود مديونيات على الشركة المالكة للمحطة التليفزيونية. وأكد أديب لاحقا أن السبب الذي ادعته إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي لإيقاف برنامجه ليس السبب الحقيقي، وأن هناك أسبابا وصفها بأنها "سياسية" وراء القرار، خاصة وأن الشركة المالكة لبرنامجه عرضت سداد المستحقات المالية المتأخرة عليها، عقب قرار الإيقاف بساعات قليلة، إلا أن مدينة الإنتاج الإعلامي رفضت تقاضي مستحقاتها، رافضا أن يظهر ببرنامجه من خارج مصر. وفي الأيام الأولى من أكتوبر قررت شركة "نايل سات" وقف بث قناة "البدر" بدعوى مخالفتها الضوابط والشروط المرخص لها بالعمل، فيما اعتبر عقابا لها على استضافة شيوخ وجهوا نقدا للكنيسة المصرية على خلفية طعن الرجل الثاني في الكنيسة الأنبا بيشوي في صحة القرآن الكريم، وما تلاه من انتقاد مجمع البحوث بالأزهر له. هذا الشهر شهد حادثة إعلامية أخرى، تجعل نطلق عليه ونحن مطمئنين شهر "مذبحة الإعلام"، حيث شهد سابقة أثارت ولا تزال حتى الآن تثير جدلا واسعا، حيث قررت إدارة القمر الصناعي "نايل سات" إغلاق 4 قنوات هي "الناس" و"الخليجية" و"الحافظ" و"الصحة والجمال" التي تعود ملكيتهم جميعا لشركة "البراهين" السعودية بدعوى مخالفة الشركة المالكة للقنوات شروط الترخيص الممنوح لها. بعدها بأيام قليلة أعلن القمر الصناعي "نور سات" إغلاق قناة "الحكمة" الفضائية لأسباب تأخر مستحقات مالية تصل إلى 100 ألف دولار مديونية على القناة وهو قرار تزامن مع توقيع مذكرة تفاهم بين "نور سات" الأردني وبين "نايل سات" المصري. وفي قرار مفاجيء يوم 12 أكتوبر أعلن وزير الإعلام أنس الفقي ايقاف بث 14 قناة فضائية دفعة واحدة وتوجيه إنذار ل20 قناة أخرى تبث على القمر الصناعي "نايل سات" الذي أعلنت إدارته أن الوقف مؤقت لحين تصويب تلك القنوات لمسارها وتغيير رسالتها الإعلامية بما يحقق الالتزام بضوابط تعاقدها مع الشركة والتزامها التام بثوابت الأديان السماوية وعادات وتقاليد المجتمع المصري والعربي والتوقف عن إثارة النعرات الطائفية والحض على ازدراء الأديان، والتزامها بميثاق الشرف الصحفي والإعلامي. على الجانب الصحفي كانت أزمة إقالة إبراهيم عيسي من منصبه كرئيس لتحرير جريدة "الدستور" بعد اشهر قليلة من بيع الجريدة لرجل الأعمال ورئيس حزب الوفد السيد البدوي ورضا ادوارد وآخرين، هذه الإقالة أثارت جدلاً كبيراً ونتج عنها حالة اعتصام من صحفي الجريدة تضامناً مع عيسي، ومازال هذا الاعتصام قائماً حتى يومنا هذا في نقابة الصحفيين.