ونستعرض هنا مقتطفات من الحوار كان أبرزها ما يلي: * فضيلة الإمام: لماذا تراجعت مكانة الأزهر كمرجعية معتدلة للعالم الإسلامي أمام المذاهب المتشددة وأفكار التطرف وهل تآكلت مرجعية الأزهر لأنه أصبح خاضعا لولي الأمر أم لأنه فقد القدرة علي التجديد! أم لأن شيخ الأزهر لا يأتي بالانتخاب! {{ الشيخ: علينا أن نتلمس الأسباب الصحيحة التي أدت قبل50 عاما إلي أن ينزوي الأزهر في ركن معزول علي حين سيطرت علي الساحة المذاهب والتيارات المتشددة ولدي اقتناع كامل تسانده الوثائق بأن النظام الحاكم في مصر أراد في هذه الفترة إضعاف دور الأزهر بعد أن اختار الاشتراكية مذهبا للحكم ليظل الأزهر مجرد مسجد ينحصر دوره في دروس الدين لأن للمعسكر الاشتراكي موقفه الواضح المعادي للدين, بدعوي أن الدين أفيون الشعوب ومن الضروري العمل علي تقليل دوره لأنه بمثابة النقيض للفكر الاشتراكي الذي يعتنق الإلحاد. * ولكن مصر يافضيلة الإمام لم تصل في اعتناقها للاشتراكية إلي حد معاداة الدين والدعوة إلي الإلحاد! {{ الشيخ: هذا صحيح, لكن سيطرة بعض العناصر الماركسية والاشتراكية علي الثقافة في مصر خلال هذه الفترة أسهمت في تحديد دور الأزهر ومكانته وأدت إلي تراجع دوره خارج مصر علي حين نشطت جهود آخرين لتملأ هذا الفراغ, نشطت الكنيسة الغربية في دورها التبشيري في إفريقيا, ونشطت الماركسية في جهودها للتقليل من أهمية الدين وساد فقه البادية, وسعت الوهابية إلي أن تملأ جزءا من هذا الفراغ, وثمة وثيقة مهمة تشرح كل هذه الأسباب كتبها الشيخ شلتوت رحمه الله في رسالة بعث بها إلي الرئيس عبدالناصر يشكو من هذا الفراغ, كما يشكو من ضعف دور الأزهر يختتمها الشيخ الجليل بعبارة ذات مغزي تقول للرئيس عبدالناصر: إن لم يكن في وسع مصر في هذه الفترة الدقيقة أن تضيف للأزهر أرضا جديدة, فلا أقل من أن تحافظ علي الأرض التي كسبها الأزهر خارج مصر خاصة في إفريقيا. * ما أذكره يافضيلة الإمام أن أساس المشكلة يعود إلي قانون تطوير الأزهر الذي صدر عام1960 والذي لايزال موضع خلاف بين الأزهريين حتي اليوم, لأن هناك من يعتقدون أن تطوير الأزهر كي يجمع بين التعليم المدني الحديث والتعليم الديني كي يتخرج منه الطبيب الأزهري والمهندس الأزهري الذي يجمع بين المهنة والدعوة الدينية يمثل خطوة إلي الامام لأنه يوجد داعية عصريا يستطيع أن يسهم في تقدم حياة الشعوب في إفريقيا, وغير إفريقيا كما أن هناك من يعتقدون أن الهدف من ذلك كان إضعاف الدور الديني للأزهر! {{ الشيخ: السؤال ممتاز ومهم, والإجابة الصحيحة عنه تلخص الوضع الذي نحن عليه الآن, صحيح أن فكرة القانون جيدة وجميلة, لكن مع الأسف جاء التطبيق سيئا وهو ما أفسد الفكرة وجعلها خاوية الوفاض, لأن القانون تمت صياغته علي عجل وقيل إنه صيغ في ليلة واحدة, وقد كنت من أوائل الذين طبق عليهم النظام الجديد عندما صدر القانون عام1961, وكان علي أن أدرس المنهجين: منهج وزارة التربية والتعليم بالكامل ومنهج الأزهر كاملا علي مدي خمس سنوات وبرغم صعوبة الجمع بين المنهجين واصلنا الدراسة لأن التعليم كان لايزال منضبطا وقويا, ومع الأسف تغير الحال, ولم يعد الطلاب قادرين علي هضم المنهجين وأصبح الطالب ضعيفا هنا وضعيفا هناك, ومازاد من سوء الموقف أن كل من ينجح في الثانوية الأزهرية لابد أن يدخل الجامعة بمن فيهم الحاصلون علي50% والآن نحاول إصلاح الموقف من خلال إنشاء شعبة للعلوم الأزهرية إلي جوار شعبتي الأدبي والعلمي يدخلها من يريد التخصص في العلوم الدينية ابتداء من أولي ثانوي ويشترط فيمن يتقدم إلي هذه الشعبة أن يكون من حفظة القرآن ودرس آداب وقواعد اللغة العربية. * هل لكم في الأزهر موقف معاد للموسيقي! {{ الشيخ: لا نحرم الموسيقي لأنها ترقي بالمشاعر الإنسانية. * ألا تمثل قناة أزهري الأزهر! {{ الشيخ: هي تستخدم اسم الأزهر في غفلة منه, وقد اعترضنا علي ذلك لكن الإمام الراحل د.سيد طنطاوي قال: دعوها تحمل هذا الاسم لكنها لا تمثل الأزهر! * وما الذي تأخذه علي قناة أزهري؟ {{ الشيخ: المسئول عنها ليس عالما أزهريا والقناة قائمة بأموال غير مصرية وهناك شكوي حول مصالح خارجية لا تدعو إلي الاطمئنان ومن هنا رفض مجمع البحوث الإسلامية أن تمثل هذه القناة الأزهر. * لكن الشيوخ العاملين في القناة برغم إسرافهم الشديد في الأناقة والملبس واتباع آخر الموضات إلا أنهم استطاعوا الوصول إلي شريحة كبيرة من الشباب والسيدات! {{ الشيخ: هذا يؤكد لك أن المسألة ليست علما وليست دينا وليست لوجه الله, وإنما هي تجارة في تجارة, ونحن نعد أنفسنا الآن لكي نخرج علي الناس ببرامج جديدة تخاطب الشباب وتخاطب المرأة تروج لصحيح الإسلام, وتدعو لاستخدام العقل, وسوف نبدأ ببرنامج أسبوعي يشارك فيه عدد من الدعاة الثقاة المعروفين بحسن تواصلهم مع الجماهير والمعروفين أيضا بعلمهم النافع واستنارتهم ليردوا علي القضايا والفتاوي والآراء التي يروج لها المتشددون وللخرافات. * هل تبرر المقاومة قتل المدنيين الأبرياء؟ {{ الشيخ: المقاومة ينبغي أن تتوجه إلي قوات الاحتلال واضعاف القدرة العسكرية للمحتل والمستوطنين. * هل يمكن أن تستقبل في مكتبك بعض الحاخامات كما فعل الشيخ طنطاوي رحمه الله! وهل يمكن أن تصافح شيمون بيريز إذا التقيته مصادفة في إحدي المناسبات! { الشيخ: لا استطيع أن أستقبل الحاخامات ولا استطيع مصافحة بيريز ولا استطيع أن أوجد معه في مكان واحد,ولا أظن أن الشيخ سيد طنطاوي كان يعرف أنه يسلم علي بيريز. * ولماذا هذا التشدد من جانب فضيلتك! {{ الشيخ: ليس لأنه يهودي ولكن لأنه أحد الذين خططوا لعدوان إسرائيل الصارخ علي الشعب الفلسطيني والاستيلاء علي القدس التي هي واحدة من أهم المقدسات الإسلامية التي أشعر بقيمتها الهائلة, ولو أنني صافحت بيريز فسوف أحقق له مكسبا لأن المعني أن الأزهرصافح إسرائيل, وسوف يكون ذلك خصما من رصيدي, وخصما من رصيد الأزهر لأن المصافحة تعني القبول بتطبيع العلاقات وهو أمر لا أقره إلا أن تعيد إسرائيل للفلسطينيين حقوقهم المشروعة. * هل توافق البابا شنودة علي أن شريعة الإسلام تركت للأقباط أن ينظموا أمور زواجهم طبقا لعقائدهم وعاداتهم! {{ الشيخ: نعم أوافقه وأدعمه مائة في المائة, وحجة البابا شنودة صحيحة تماما. * هل يوافق الأزهر علي قانون يوحد قواعد بناء دور العبادة للمسلمين والأقباط! {{ الشيخ: الإسلام ضمن للمسيحيين واليهود بناء الكنائس والمعابد وضمن لهم أن تضرب أجراسهم وتقام أعيادهم. * هل وضع الإسلام شروطا! {{ الشيخ: لا شروط في الإسلام وبقدر حاجة الأقباط يتم بناء الكنائس, وهذا ما يقوله عهد الرسول الكريم لنصاري نجران, والخط الهيمايوني ليس موجودا في الإسلام لكنه أحكام لفقه واقع يسري عليها التغيير إذا تغير الواقع تغيرت أحكامه. * سؤالي الأخير فضيلة الإمام حول الفتنة التي تستعر الآن من جديد بين السنة والشيعة في العراق, وما هي الفروق بين الجانبين؟ {{ الشيخ: الفروق ليست جوهرية, هم يؤمنون بالله الواحد الصمد, ونحن نؤمن به, ويتبعون محمدا كما نتبعه ويقدسون القرآن الذي نقدسه, ويمكن أن نصلي خلف أئمتهم ويصلون خلف أئمتنا والخلاف محصور في ترتيبهم لأمور الخلافة لأنهم يعتقدون أن عليا كرم الله وجهه هو الأولي, والأكثر استحقاقا, ويعتقدون في تسلسل الائمة وصولا إلي المهدي المنتظر.