سيناء والصعيد بؤرتا التهريب.. وقرى بأكملها تتحول لمراكز ل"تجارة الموت" "الجرينوف" يدخل ساحة المشاجرات العائلية.. والآلى الإسرائيلي ينتشر بالشوارع انتشار السلاح أصبح ظاهرة بعد ثورة يناير تمثل تحديا لما يبذل من جهود لاستعادة الأمن، وهناك كم هائل من الأسلحة تم سرقته من أقسام الشرطة والسجون خلال الانفلات الأمنى عقب الثامن والعشرين من يناير، قدر ب10 آلاف قطعة سلاح ميرى. ودخلت الحدود الساحة بقوة لنشر السلاح المهرب عبر المهربين والتجار غير الشرعيين، ولم تعد تقتصر على الأنواع التقليدية كالمسدسات والبنادق الآلية والذخيرة متعددة الطلقات، وإنما شملت أنواعا أكثر خطورة ك: المدافع جرينوف، والآر بى جى، والمدافع المضادة للطائرات، فضلا عن الآلى الروسى والإسرائيلى والصينى التى أصبحت فى أيدى الصبية بل الأطفال. وفى إحدى الحملات الأمنية خلال الشهور الماضية تم ضبط 44 قاذفا صاروخيا "آر بى جى"، بينها اثنان مزودان بتلسكوب، و33 عبوة دافعة خاصة بقذيفة الآر بى جى، وطلقتين من الصواريخ، وأربع مجموعات قاذف صاروخى داخل سيارة يستقلها شخصان بمدخل مدينة أكتوبر. وفى فترات الانفلات الأمنى تحولت العديد من المناطق إلى بؤر رئيسية للسلاح، أبرزها محافظة شمال سيناء التى يتم تهريب كميات هائلة من الأسلحة عبر الحدود الليبية إليها، بينما يأتى الصعيد فى الترتيب الثانى لانتشار الأسلحة. وتعتبر قرى أبو حزام وأبو مناع ونجع سعيد بمركز دشنا وأولاد نجم وبهجورة التابعة لمركز نجع حمادى والكرنك بمركز أبو تشت بمحافظة قنا أكثر مناطق الصعيد تجارة فى الأسلحة. كما انتشرت الأسلحة بشكل غير مسبوق فى قرى البلابيش والكشح وأولاد خلف التابعة بمركز دار السلام محافظة سوهاج وفى مراكز البدارى وساحل سليم والغنايم بمحافظة أسيوط. وفى الوجه البحرى، تعد قرية نمرة البصل بمحافظة الغربية أهم مركز لبيع الأسلحة المهربة وتصنيع الأسلحة الصوت المحلية. كما تنتشر مصانع «بير السلم» فى مناطق «حلوان» و«منشية ناصر» وغيرها من العشوائيات. وفى محافظة الجيزة يكثر السلاح فى مناطق طناش والمناشى والخطاطبة وأبو غالى وأبو قرقاش التى تلقب ب"أم السلاح". كما اشتهرت بعض المناطق فى القاهرة بانتشار الأسلحة منها: روض الفرج، وبولاق أبو العلا، والشرابية، والزاوية الحمراء. وفى محافظة القليوبية ينتشر السلاح فى قرية أبو الغيط التى يوجد بها أكبر ترسانة سلاح آلى تسيطر عليها عائلة السعادنة ثم قرية الجعافرة وكوم السمن. وشهدت أسعار الأسلحة ارتفاعا غير مسبوق عقب الثورة؛ فعلى سبيل المثال وصل سعر البندقية الخرطوش إلى4آلاف جنيه، والخرطوش12ميزر5آلاف جنيه، حيث تتمكن الطلقة الواحدة فى هذه البندقية من إصابة أكثر من شخص فىوقت واحد. وارتفع سعر الطبنجة الفرد من180جنيها قبل الثورة إلى800جنيه وتعمل بطلقة واحدة،أما الطبنجة8و9بماركاتها المتعددة، والتىكانت تتراوح بين3000– 3500جنيه ارتفعت أسعارها وأصبح لكل ماركة سعرها الخاص، منها الإيطالى والبلجيكى والألمانى والبرازيلى والأسبانى، لكن أغلاها سعرابلا منافس نوعيةتسمى "سميس" تباع ب35ألف جنيه. أما الأسلحة الآلية فتتنوع بين أسلحة كورية الصنع وعراقية وشيشانية وإسرائيلية، وتحرص إسرائيل على نشر بعض أسلحتها فى الشارع المصرى، خاصة الرشاشات الإسرائيلية، وهى نوعان: سعر الأول10آلاف جنيه، والثانى 8 آلاف جنيه. من جانبه، يؤكد النائب حمدى طه، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى السابق بمجلس الشعب أن انتشار السلاح فى مصر قضية لها أبعاد كثيرة؛ لأنها تفتح أهم وأخطر الملفات المصرية وهى تأمين الحدود المصرية. وأشار طه إلى أن ما تم تهريبه من أسلحة خطيرة كان عبر الحدود المصرية التى شهدت فى الفترة الماضية حالة من الانفلات غير المسبوق، وكانت سببا فيما نعانيه الآن من معضلة كبرى وهى انتشار هذا الكم الكبير للغاية من الأسلحة والتى تجاوزت الأسلحة التقليدية إلى الأسلحة الثقيلة التى أصبحت فى متناول الجميع. وقال: إن انتشار هذه الأسلحة بهذا الشكل الفوضوى ينذر بكارثة حتمية إن لم يتم التمكن من تدارك الأمر. وأشار طه إلى ضرورة عودة الجيش إلى مهمته الأصلية وهى تأمين الحدود، لأن الأمن الداخلى لن يتحقق فى ظل وجود تهديدات خارجية تحيط بنا. وتابع أن ما ساهم فى نجاح تلك المحاولات هو غياب الإرادة السياسية لدى بعض القيادات الأمنية التى تتهاون فى أداء عملها، مشيرا إلى أن الأمر يحتاج إلى إعادة النظر فىالمنظومة الأمنية بصفة عامة حتى يتحقق الأمن بالصورة التى يتطلع إليها المواطن الذى هو الضحية الأولى لتلك الممارسات الإرهابية التى بدأت عقب الثورة والتى ساهم فيها بشكل مباشر فوضى انتشار السلاح. ويطالب بضرورة إحكام القبضة على هؤلاء المجرمين، موضحا أنها قضية ليس من الصعب تحقيقها إذا توافرت الجهود المخلصة لإخراج البلاد من النفق المظلم. الأسلحة الثقيلة تعلن عن وجودها ويؤكد عسران البكرى، عميد شرطة سابق أن انتشار الأسلحة بهذا الشكل المخيف يمثل التحدى الأكبر أمام المحاولات الجادة التى يقوم بها رجال الأمن فى الآونة الأخيرة لاستعادة الأمن. وأوضح أنه لأول مرة تشهد مصر انتشار السلاح بهذا الكم الهائل والذى لم يقتصر على مجرد أسلحة خفيفة وتقليدية تمثل خطورة على أمن المجتمع، وإنما ظهرت أسلحة ثقيلة ومدمرة وهو ما ينذر بخطر حقيقى على الأمن العام للبلاد يستوجب وضع خطط أمنية محكمة للسيطرة على الموقف. وأشار إلى أن هناك جهودا ملموسة فى هذا الصدد؛ حيث تعلن أجهزة الأمن عن إحباط عمليات تهريب أسلحة ثقيلة، وهو ما يثير فى المجتمع شىء من الطمأنينة، مؤكدا أن شعور البلطجية ومن يمتلكون هذه الأسلحة بتلك الجهود الأمنية من شأنه أن يحبط الكثير من أعمالهم. وأضاف: بفضل هذه الجهود لم نعد نسمع كما كان من قبل أن هناك اقتحاما لأقسام الشرطة وتهديدها بالسلاح، وهو يمثل خطوة أمام تحقيق هدف أكبر هو استعادة الأمن العام، موضحا أن الوضع الراهن يحتاج إلى تكاتف الجهود لمواجهة هذا الخطر. ويرى البكرى أن المواطن له دور كبير فى هذا الصدد من خلال التعاون الإيجابى مع رجال الشرطة بالإبلاغ عن هؤلاء المجرمين الذين أصبحوا منتشرين فى أنحاء الجمهورية، مشيرا إلى أن دور المواطن أصبح مهما لاستعادة أمن البلاد فى ظل تزايد القضايا وأعداد الخارجين على القانون. وطالب بضرورة إيجاد حلول جذرية للمشكلات التى ظلت على مدار عقود طويلة فى طى الإهمال مثل مشاكل سيناء والصعيد، وهذه المناطق تمثل أهم بؤر تهريب السلاح وإعادة النظر فى الأوضاع الثقافية والتعليمية والاجتماعية المتردية.. وهذا يساهم فى الوصول إلى حلول جيدة. قنص بؤر السلاح ويؤكد جمال مظلوم -الخبير العسكرى- أن السلاح قضية معقدة لها أثر مباشر على الأمن الداخلى والخارجى، مشيرا إلى الصاروخ الذى أطلق على سيناء منذ شهور قليلة وأثار حالة من البلبلة والرعب وسط جموع المصريين. ويرى أن هذه الحالة ستستمر طالما ظلت قضية انتشار الأسلحة بدون حل، موضحا أن هذه القضية يجب أن تكون من الأولويات فى خطة استعادة الأمن بجانب إعادة النظر فى أوضاع جهاز الشرطة من خلال زيادة أعداد رجال الأمن وتدريبهم تدريبا جيدا بالشكل الذى يمكنهم من ملاحقة هولاء المخربين. وأوضح مظلوم أن الانفلات الأمنى وغياب دور الشرطة كان سببا مباشرا فى انتعاش تجارة السلاح وانتشارها بهذا الشكل المخيف حتى إنها أصبحت بمرور الوقت أحد أهم الأسباب المساهمة فى الانفلات الأمنى، وعدم استقرار المجتمع فى ظل وجود هذه الأسلحة خارج السيطرة، مؤكدا أن السيطرة على هذا الكم الهائل من الأسلحة المهربة والمسروقة وغير المرخصة مهمة فى منتهى الصعوبة، وتحتاج إلى جهود مضنية وخطط واعية، وتبدأ بتحديد أبرز بؤر السلاح؛ لأنها خيط يمكن من خلاله إزالة هذا الخطر.