قدم معاذ علاء طالب جامعي شهادته على مجزرة فض اعتصام رابعة العدوية وقال : ان المعتصمين واجهوا المدرعات التي ضربتهم بوابل من الخرطوش و الرصاص الحي و الغاز بشكل متزامن مشيرا الى ان قنابل الغاز لم تكن تلك التي اعتادوا عليها من قبل وانما كانت تصيبهم بحالة تشنج ولذلك بدأوا يقذفون المدرعات بالطوب لمنعها من التحرك للأمام و الهجوم على الميدان وأضاف في الحلقة الرابعة عشر من وثائقي " شهود المذبحة " التي تبثه الجزيرة مباشر مصر قائلا في لحظة واحدة تساقط من يقف على يميني و يساري قتلى على الأرض لافتا الى ان المعتصمين لاحظوا ان ضرب الرصاص و الغاز كان يتزايد ويتم تكثيفه واتضح أن لديهم أوامر بعدم التراجع مهما سقط من الضحايا ؛ وقال معاذ لا استطيع نسيان مشهد رجل يحمل طوبة داهمته جرافة فتسلقها و قذفها بالطوبة لكنه سقط و دهسته الجرافة ثم رفعته مع مخلفات الميدان ولذلك بدأنا نلقي عليها كمية طوب كبيرة ونحن في حالة نفسية سيئة من هول ما رأينا وتابع : قبل صلاة العصر اصطحبني صديق لعمارة المنايفة لنعود و نقذف المدرعات بالطوب من خلف ساتر من احجار الرصيف ؛ ورأينا " مصور أجنبي " يخلع القناع المضاد للغاز فأغمى عليه من شدة قنابل الغاز وحاولنا إنقاذه فسألنا " مفيش معاكم سلاح تحمونا به هنموت" و كان في حالة ذهول من معدات الحرب التي تواجهنا خاصة مع تزايد سقوط الشهداء و الجرحى و تربص القناصة بكل متظاهر يخرج من العمارة واشار معاذ الى ان الجنود بدأوا ينزلون من مدرعاتهم ويتقدمون في اتجاه العمارة وفتحوا النار بشكل عشوائي لأستهداف الشباب المحتمي بساتر الطوب و كانت رصاصاتهم تجتاز الحاجز ثم تخترق أجسام المتظاهرين فنمنا على الأرض ووضعنا أيدينا على رؤوسنا فأصبت برصاصة في قدمي و من كان بجواري أصيب برصاصة اخترقت أصابع يده و أصابت رأسه مؤكدا انهم اكتشفوا أنهم جنود عمليات خاصة يرتدون ماسكات و ملابس سوداء و على رؤوسهم خوذ ؛ دخلوا العمارة فوجدوا شابا يحاول الهرب منهم فضربوه بالنار في رأسه و استشهد على الفور ثم أمروا الأحياء بالنزول في سيارة الترحيلات و عزلوا جثث الشهداء أما المصابين فقال أحد الجنود " هنعمل عليهم حفلة " و جعلوا كل مصاب ينام على بطنه و كبلوا يديه من الخلف وهم يمطروننا بوابل من السب و الضرب بدبشك الأسلحة وكان بداخلهم غل رهيب و كأننا لسنا من أبناء هذا الوطن . و استكمل بمرارة: قبل بدء فض الاعتصام دونت على يدي اسمي و رقم تليفون والدي وحينما كبل الجنود يدي رأوا هذه الكتابة فقال أحدهم " إيه ده ؟ أنت كاتب شهادة التوحيد يا ابن ..." و انهال علي ضربا في مكان إصابة قدمي وقفزاخر على رأسي حتى فقدت الوعي وقال : سألنا احد الضابط :" أنتوا فاكرين لما تموتوا هتدخلوا الجنة ؟ احنا بإيدينا ندخلكم الجنة أو النار ؟" ؛ و كان بجواري مريض سكر مصاب في جنبه برصاصة طلب من الضابط أن يشرب فأحضر زجاجة ماء و أخذ يسكبها بهدوء على الأرض ثم يسأل بصوت عال " حد عايز مية تاني " فقال الرجل " عايز مية و الله هموت " فبدأ الضابط يسكب الماء على بطنه و يقول له " حاول تشرب بقى " و قال ضابط آخر " لازم نجيبكم كده ؟! ما قلنا لكم امشوا " فقلت " حسبي الله ونعم الوكيل " فاقترب مني و سألني " بتقول إيه " لم أجبه فكرر السؤال و سبني و انتابته هيستريا وضربني بوحشية شديدة ؛ وسألني أحد الضباط : مبتسمعش الكلام ليه ؟ يا ابن ... و صفعني على وجهي " و شعرت أنني على مشارف الموت ولم أفق إلا على مصاب بجواري خرج جزء من أمعاءه وأخذ أحد العساكر يضغط بحذاءه على الجرح و الرجل يصرخ حتى صمت إلى الأبد وتابع معاذ : في الثامنة مساء هدأت الأمور لحد كبير و اقتحموا الميدان بالكامل وبعد ذلك حضرت سيارة إسعاف بإتجاه العمارة و دار حوار بين من بالسيارة و بين المسعفين و قال لهم بصوت عال " لموا الكلاب اللي جوة دي" و سأل " مين يقدر يمشي لعربية الإسعاف " فبدأ المصابون يحاولون الوقوف مهما كانت حالاتهم ليخرجوا من المكان و حاول المسعف مساعدتهم فى الوصول الى سيارة الإسعاف التي تحولت لعلبة " سردين " لكثرة المصابين . واوضح انه قبل نزوله الى سيارة الإسعاف شاهد جثة صديقه الذى اصطحبه الى العمارة فى بداية فض الاعتصام واضطر لترك جثمانه مؤكدا انه حتى الآن يشعر بتأنيب ضمير شديد لكنه كان يقول لنفسه : أنه ارتاح و ارتقى قبل أن يشتد الضرب و التعذيب الذى رأيناه