يرفض أكل اللحوم او تناول الأدوية وظل مستيقظا ل3 ايام فى وسط الغازات الخانقة بدون قناع اصيب ب9طلقات مطاطى ورصاصه فى يده اليمنى ولم يترك موقعه فى مواجهة القتلةيرفض أكل اللحوم او تناول الأدوية وظل مستيقظا ل3 ايام فى وسط الغازات الخانقة بدون قناع اصيب ب9طلقات مطاطى ورصاصه فى يده اليمنى ولم يترك موقعه فى مواجهة القتلة
المشهد الملفت للنظر طوال هجوم قوات الداخلية والجيش على ميدان التحرير فى الاسبوع الماضى هو وجود شخص مجهول يحمل علم مصر فى الخط الاول للمواجهة ورغم اختفاؤه وسط دخان قنابل الغاز الاسرائيلية الا ان العلم ظل يرفرف ليصبح دعوة صريحة للثوار اننا نسيطر على هذا المكان
واصبح هذا الشخص المجهول بمثابة اسطورة يتكلم عنها ثوار التحرير فمنهم كثيرين شاهدوه لمدة خمسة ايام متواصلة يرفع العلم ومنهم من قال انه رآه بلا قناع وانه كان مصدر خوف قوات القمع
ومنهم من قال ان قوات الامن المركزى كانت تلقى عليه قنابل الغاز وقناصة الداخلية كانوا يستهدفونه ليسقط العلم من يده حتى وعندما فشلوا اعتقدوا انه ملاك او جنى وليس شاب متظاهر كل هذا جعلنا نحاول البحث عنه لأن شباب الثورة المجهولين قادرين على نسج البطولات الحقيقية حتى وجدناه امام مجلس الوزراء فى الاعتصام الذى بدا مساء الجمعة الماضية يرفع العلم ورغم محاولته التهرب مننا الا انه قبل فى النهاية الافصاح عن نفسه فهو الوحيد الذى رأى بعينية مالم يراه الثوار فى الصفوف الامامية لجبهة القتال فى شارع عيون الحرية "محمد محمود سابقا"
هو طارق معوض الشهير بطارق الطيب 24عاما يعمل مصمم ديكور خريج حقوق حلوان هو الابن الأصغر بين اخواته الخمسة لاب وام من القليوبية بدات قصته مع حبه لرفع العلم فى المرحلة الاعدادية حيث عاقبه ناظر المدرسة بأخذ كرة القدم منه بسبب لعبه بها امام مكتبه وانتقاما منه قام الطفل طارق الطيب بالانتظار بعد انتهاء اليوم الدراسى وتسلق صارى العلم واخذه معه للمنزل وكان علما كبيرا بصورة ملفته واحتفظ به لمدة 9 سنوات حتى خرج به فى اول مظاهرة يوم 25يناير انطلقت من رابعة العدوية بمدينة نصر وعندما رفعه فى اولى ايام الثورة احس ان لديه مهمة مقدسة وهى رفع العلم طوال الوقت مما ادى لاصابته برصاص مطاطى فى رأسه وظهره وقدمه بميدان رمسيس فى جمعة الغضب والمدهش ان الشاب الثائر طارق الطيب لم يعر الاصابات اي اهتمام وكذب نفسه عندما كان يتعرض لدخان قنابل الغاز ولا يتأثر بها فاصبح يكتم سراً لم يقله لأحد واكمل طريقة لميدان التحرير مع باقى حشود الثوار وعندما شاهد احد الشباب يسقط شهيدا برصاص قناصة الداخلية فى جمعة الغضب تخلى عن علمه وقام بوضعه على جثمان الشهيد ليفقد الطيب علمه الأول الكبير الذى يحتفظ به منذ سنوات
يؤكد طارق الطيب انه لم يخرج فى اى مظاهرة قبل الثورة الا انه ذات مرة عندما كان فى ثانيه اعدادى واثناء خروجه من المدرسة وجد رجلاً عجوزاً يبكى بسبب قيام الحى بازالة منزله وقتها أمسك الطفل طارق الطيب طوبة وقذفها فى وجه ضابط امن مركزى ينفذ الازالة فقام باقى طلاب 3مدارس بقذف الطوب علىهم مما ادى لهروب قوات الأمن المركزى وكان النصر الأول له الذى راه يتكرر مرة اخرى فى جمعة الغضب بميدان التحرير حينما هزم الثوار الأمن المركزى فأطلق قناصة مبارك الرصاص على الثوار ومنهم طارق الطيب الذى كان فى مرمى احد القناصه ولكنه فوجىء بشاب يتلقى رصاصة بدلا منه اسمه مينا دانيال "استشهد فيما بعد فى مذبحة ماسبيرو على ايدى الشرطة العسكرية" فقام الطيب بنقله الى مستشفى ميدانى خلف هارديز وهناك فوجىء بمينا يقول للدكتور "اريد الاحتفاظ بالرصاصة فى قدمى كتذكار"الا ان خطورة اصابته بررت ضرورة اخراجها من جسده وقتها اصبح طارق الطيب ومينا دانيال رفقاء ثورة الحرية اشترى البطل طارق الطيب علم جديد لمصر من ميدان التحرير واضاف اليه علم فلسطين فى صارى واحد وظل يرفعه فى الميدان قبل وبعد خلع الديكتاتور مبارك وحكى الطيب واقعة طريفة حدثت له عندما ذهب للتظاهر امام سفارة "اسرائيل" فى ذكرى النكبة حيث اعطى العلم لصديقه "مايكل كرارة "وتمدد على رصيف كوبرى الجامعة فنام وبعد فترة جاءت قوات الأمن المركزى واطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع عليه وهو نائم فلم يشعر بها واستيقظ بسبب وقوع احد المتظاهرين عليه واثناء الاشتباكات التى استمرت حتى وقت متأخر لاحظ للمرة الثانية انه لا يتاثر بدخان قنابل الغاز المسيل للدموع والمدهش ان البطل طارق الطيب لا ياكل اللحوم على الاطلاق منذ صغره ويحب اكل الخضار والفاكهة فقط ويرفض تناول اية ادوية عند مرضه الا ان الغريب حقا هو انه يصاب بالبرد مرتين فى السنة ويظل مريضا لمدة اسبوعين كل مرة وليس ثلاثة ايام او خمسة على اقصى تقدير مثل المعتاد وعندما سالناه عن السبب قال ان والدته ترجع ذلك الى جارتهم التى حسدته وهو صغير عندما راته يأكل بشراهة شديدة فتوقف بعدها عن اكل اللحوم واصبح جسده اقل سمنة وبالطبع لم يصنع هذا من طارق الطيب شخصا خارقا فقد كان شابا عاديا فى كل شىء عدا عدم تأثره بقنابل الغاز الاسرائيلية
النقطة الفارقة فى علاقة طارق الطيب بالعلم هو استشهاد رفيق الثورة مينا دانيال فى مذبحة ماسبيرو وقتها لم يكن موجودا مع مينا فى المظاهرة وهو ما اصابه بحزن شديد وعندما ذهب الى المستشفى القبطى لتشييع جنازته تعرف على صديقى مينا المخلصين وهما حسين البدرى ومايكل كرارة واصبحا مقربين منه بعد ان ربطت بينهما دماء الشهيد مينا دانيال واسسوا حركة "كلنا مينا دانيال" وصنعوا علم جديد لمصر وضعوا عليه هلال وصليب وكتبوا عليه كلمة حرية واسفله علم احمر مرسوم عليه وجه الشهيد مينا دانيال
فى بداية اليوم الاول لاندلاع شرارة الموجة الثانية للثورة بميدان التحرير يوم السبت قبل الماضى عقب محاولة الشرطة فض اعتصام مصابى الثورة نزل طارق الطيب للميدان فوجد الشرطة وقد احرقت خيام المعتصمين والتقى بصديقه مايكل يوسف مصابا بشارع محمد محمود وهو يحمل العلم الجديد فاخذه منه وتقدم به حتى وصل الى مكتبة الجامعة الامريكية وقرر طارق الطيب ان تكون تلك النقطة المتقدمة هى آخر نقطة لتقدم الأمن المركزى لكى يحمى ميدان التحرير منهم ويروى طارق شهادته المثيرة عن اشياء لم يراها غيره حيث كان الوحيد الذى ظل متمسكا بموقعه فى الخط الأول للجبهة حيث قال انه راى مدرعة امن مركزى قديمة مصابة بطوب منذ الايام الاولى للثورة تطلق الرصاص المطاطى والخرطوش على المتظاهرين وكانت قوات الأمن المركزى تطلق قنابل الغاز بغزارة شديدة وصلت الى عشرين قنبله فى المرة الواحدة وهو ما كان يؤدى الى اصابة عدد كبير من المتظاهرين بالاختناقات واكد وجود قناصة اعلى المبنى المواجه للمكتبة الامريكية والفيلا المجاورة لها وكان قناصة يطلقون الرصاص على المتظاهرين طوال يومى الاحد والاثنين فى نفس الوقت الذى كانت فيه مدرعات الشرطة العسكرية تضىء كشافاتها فى اتجاه الثوار لكى تمنعهم من رؤية القوات وفسر طارق سبب عدم قدرة القناصة على اصابته الى كثافة دخان قنابل الغاز التى تحيط به وتمنعهم من رؤيته ولكنه اكد انه اصيب برصاصه فى يده ومن المضحك المبكى هو ما شاهده طارق الطيب بعينه حيث كان ضابط الامن المركزى يتقدم وهو حامل لبندقية اطلاق الخرطوش والرصاص المطاطى على المتظاهرين ويحضر عسكرى امن مركزى ليحميه بدرع فى حين ان عسكرى الأمن المركزى نفسه لم يكن يحميه شىء وعندما قامت سيدة مسنه بالاقتراب من ضابط امن مركزى لمحاولة منعه من اطلاق الرصاص قام الضابط بضرب السيدة المسنة على راسها مما اصابها بجرح ووقعت على الارض حتى اشار طارق الى شخصين كانا يركبا موتوسيكل لنقل المصابين ونقلوها لمستشفى ميدانى المدهش انه رغم كثافة دخان قنابل الغاز التى كانت تحيط بطارق الا انه لم يكن يتزحزح من مكانه حتى ان قوات الأمن المركزى استهدفته بقنابل الغاز والرصاص المطاطى والخرطوش بعد ان يقترب منهم لمسافة 15مترا حتى بدا الامر مما شاهدوا ذلك وكأن المعركة انحصرت بين طارق الطيب وقوات الامن المركزى التى كانت تستهدفه حيث اصابته قنبلة غاز مباشرة فى قدمه اليمنى يوم السبت و9طلقات مطاطى فى ظهره يوم الاحد ورصاصة فى يده اليمنى يوم الثلاثاء ورغم ذلك كان طارق ثابتا فى مكانه والغريب انه كان ينظر مباشرة فى عيون ضباط الامن المركزى الذين يرتدون اقنعة غاز ويختفون حول دروع عساكرهم ويؤكد طارق انه كان يرى "الخوف فى عيونهم" حتى انهم بدأوا يشكون انه بشر وتعمدوا استفزازه بالشتائم والتنشين عليه ببنادقهم وكان كل ما يفعله هو ادارة ظهره ليقى نفسه من الرصاص المطاطى فقط ثم يرجع كما كان ليبتسم وهوصامت و ينظر فى عيونهم وبمرور الوقت فقد طارق الطيب احساسه بالزمن حتى انه ظل لمدة ثلاثة ايام متمسكا بموقعه ولم يكن ياكل الا القليل حيث كان بعض الثوار يحضرون له ماء وعصير ولبن ويضعوه فى فمه وهو واقف فى مكانه فقط كانت مهمته رفع العلم والثبات فى مكانه لارشاد الثوار والاسعاف الموتوسيكل بمكان المصابين
وعندما سالته لماذا لم يقم بالقاء الطوب مثل باقى المتظاهرين بدلا من وقوفه بالعلم فقط اجاب قائلا"انه يكره ايذاء اى انسان حتى لو كان يطلق عليه الرصاص " بعد اصابة البطل طارق الطيب برصاصه فى يده اليمنى نقل الى المستشفى الميدانى خلف هارديز وبعد استخراج الرصاصه عاد مرة اخرى لخط الجبهة وكان اصدقاؤه يشعرون بالقلق الدائم عليه لأنه لم ينم منذ وصوله حتى انهم "تآمروا "عليه فى اليوم الثالث للمواجهة ووصلوا الى جواره ثم جره احدهم من رقبته واخرجوه من شارع المواجهة بحجة انه لا بد ان ياكل واخذوه فى سياره الى بيت احدهم لينام لمدة خمس ساعات ثم يعود فجر الثلاثاء مرة أخرى ليجد لواء امن مركزى خلف قواته
وهنا شاهده طارق الطيب وهو يوجه القوات لضرب المتظاهرين لمدة ساعتين ثم غادر بعد ان اجهده غاز القنابل التى تطلقها قواته وراى طارق قوات الامن المركزى وهى تصعد سطح عمارة بعد صعود 6من الثوار اليها والقائهم الطوب على مدرعة حيث قبض عليهم وقتلت قوات الامن المركزى احدهم فى شارع جانبى مواجه لمكتبة الجامعة الامريكية وتركت جثته على الأرض حتى قام شخصين راكبى موتوسيكل بنقل الجثة لداخل الميدان اكد اصدقاء طارق ان الشىء الوحيد الذى لن ينسوه لطارق هو اصراره على الثبات فى موقعه بخط الجبهة الأول ولم يخرج من المواجهة الا بعد اجبارهم له على الخروج مساء الاثنين ورغم ذلك اصر على الرجوع مرة اخرى صباح الثلاثاء ويكمل حتى ساعات الصباح الاولى ليوم الخميس حيث توقف اطلاق قوات الامن المركزى للرصاص والغاز على المتظاهرين وانتصر الثوار مرة اخرى على كتائب المجلس العسكرى