شنت صحف أمريكية ونواب بالكونجرس ومسئولو مننظمات حقوقية عالمية حملة انتقادات شرسة ضد قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي على خلفية زيارته اليوم لأمريكا ولقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ بسبب ملف الانتهاكات والقمع في مصر وسعي السيسي ل”دسترة” دكتاتوريته، وسعي للحصول على مكافأة وضوء أخضر امريكي على التعديلات اللادستورية مقابل خدماته وتنازلاته للمصالح الأمريكية والصهيونية. وكتبت الباحثة في معهد كارنيجي “ميشيل دن” تتساءل في مقال بموقع “بولتيكو”: لماذا يساعد ترامب الديكتاتور المصري على ترسيخ قوته؟ وما الذي سيحصل عليه ترامب من السيسي مقابل إعطائه الضوء الأخضر لتأبيده في السلطة؟ وفندت “دن” ما يقال عن فائدة السيسي لأمريكا، مؤكدة أنه فشل في كل الملفات بداية من حفظ الأمن في سيناء؛ حيث لا يزال المسلحون يرتعون هناك، وحتى حماية الأقباط والحفاظ على المصالح الأمريكية وتسببه بمشاكل بتربيته داعشيين جدد في سجونه بفعل القمع والتعذيب الوحشي في سجونه. وشددت على أن أي تأييد أمريكي له سيستخدمه السيسي في ترسيخ قبضته على السلطة وإظهار أنه يتمتع بدعم ترامب ويجعل أي منتقدين محتملين له في الجيش أو في أي مكان آخر على التراجع، وأنه بلا فائدة لأمريكا. 106 آلاف مصري في سجون السيسي وكتبت “إيمي أوديات” تنتقد أوضاع السجون المصرية في مجلة “فورين بوليسي”، وتقول إنها “أصبحت أماكن تجنيد للدولة الإسلامية (داعش) بسبب قمع وتعذيب السيسي للمعتقلين، وإن ظروف السجناء المروعة تؤدي إلى تسريع عملية التجنيد، وتنقل عن باحثي العفو الدولية أن فترة اغتصاب السيسي للسلطة في مصر هي الأسوأ على حقوق الانسان، و”تعد واحدة من أسوأ الفترات من حيث القمع والاعتقالات التعسفية. وذكرت الكتابة الأمريكية أنه “يمكن اعتقال الناس في مصر دون أي سبب على الإطلاق” سواء نشطاء او سياسيين أو ممثلين أو مواطنين عاديين. وقالت إن الحكومة تعترف بان قدرة السجون المصرية على الاستيعاب تزيد بنسبة 160% عن طاقتها الفعلية بسبب الاعتقالات العشوائية رغم بناء 18 سجنًا جديدًا، وأنه وفقًا لتقديرات “الملخص العالمي للسجون” الأمريكي World Prison Brief هناك حوالي 106 آلاف مصري مسجون منهم 90 ألف سجين بسجون مصر، سواء كانوا سياسيين أم لا، و16 ألفًا آخرين في أماكن الاحتجاز غير الرسمية بأقسام الشرطة. 17 نائبا يوبخون السيسي وقد بعث 17 نائبًا بمجلس الشيوخ الأمريكي خطابا موجها لوزير الخارجية الأمريكي يوبخون فيه السيسي، وتركز حول ثلاث نقاط هي: التعديلات الدستورية الكارثية والوضع السيئ لحقوق الإنسان، واعتقال مصر لعدد من المواطنين الأمريكيين، وصفقة 20 طائرة سوخوي ارتماء السيسي في أحضان روسيا، وإعادة تقييم المساعدات العسكرية المقدمة لمصر. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسئول أمريكي، قوله إنه تم تحذير مصر والدول الأخرى التي تريد شراء السلاح الروسي، بأن لا تنسى العواقب المحتملة لتطبيق القانون الأمريكي عبر فرض العقوبات عليها. أيضًا بعث 4 نواب آخرين في الكونجرس، بطلب مباشر شديد اللهجة للسيسي يحتجون فيه على انتهاكه لحقوق الانسان في مصر وتعذيبه المصريين وتحويل مصر لديكتاتورية خشنة قاسية. وحث رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي الجمهوري جيم ريش وكبير الديمقراطيين باللجنة بوب منينديز – ومعهما 15 عضوا آخرين بمجلس الشيوخ – وزير الخارجية مايك بومبيو على إثارة مسالة القمع وغياب الحريات السياسية والإصلاحات وحقوق الإنسان في مصر، خلال لقائه عبد الفتاح السيسي. وحث أعضاء مجلس الشيوخ بومبيو على مطالبة السيسي بإعادة النظر في التعديلات الدستورية المطروحة حاليا في البلاد، كما أعربوا عن قلقهم الشديد إزاء استمرار اعتقال السلطات المصرية مواطنين أمريكيين، مطالبين بالإفراج الفوري عنهم. وخصصت مجلة فورين بوليسي ثلاثة موضوعات للحديث عن زيارة السيسي: الأول حول أوضاع الأقباط، والثاني حول أوضاع السجون المصرية، والثالث حول الدعوات الموجهة للحكومة المصرية لسداد تعويضات لأسرة سائحة أمريكية قتلها الجيش المصري بالخطأ في حادث الصحراء الغربية في عام 2015. وتحت عنوان “ترامب يتباحث مع ديكتاتوره المفضل (السيسي)، قالت مجلة “فورين بوليسي” أنه رغم امتداح الرئيس الأمريكي للسيسي واعترافه أنه “رجل استبدادي مدعوم من الجيش ولكنه أيضًا زعيم مسلم يحارب التطرف الإسلامي ويدافع عن الحقوق المتساوية للأقليات الدينية، وخاصة المسيحيين في مصر”، إلا أن مثل هذا المديح في غير محله، والاقباط لا يزالون يعانون من العنف ضدهم والاضطهاد كمواطنين درجة ثانية، وممنوعون من التبشير ويحاكمون بسبب ذلك، ومن ترقيتهم للوظائف العليا، وينقل التقرير عن “صموئيل تادروس” الباحث بمعهد هدسون قوله: “كيف يتم استبعاد الأقباط من جهاز المخابرات المصري وأمن الدولة، ونسبتهم المئوية في القوات المسلحة وقوات الشرطة بنسبة 1 ٪”؟ أيضا تحت عنوان: “السيسي لديه جمال خاشقجي الخاص به”، كتب ستيفن كوك في فورين بوليسي عن حادثة قتل الجيش المصري مواطنة أمريكية في هجوم الواحات 2015 بقصف بطائرات أباتشي الامريكية وعدم حصولها على التعويضات اللازمة ودعا ترامب لإجبار حلفائه على احترام مسؤولية الأسلحة التي تقدمها واشنطن لهم والا يقتلوا بإجراميه كما فعل السيسي مع المواطنة الامريكية. هجوم حقوقي: يريد غطاء سياسي للقمع وهاجمت منظمات حقوقية السيسي بعنف وحذرت الأمريكان منه، وقالت إنهم يجب ان يتعرفوا بدقة على ملفه الأسود لقمع المصريين، حيث دعت منظمة هيومن رايتس ووتش أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي لمراجعة سجل حقوق الإنسان في مصر، مؤكدة أن السيسي يريد من وراء زيارته واشنطن الحالية أن يوفر له الرئيس ترامب غطاءً سياسيًا خلال هذه الفترة الحرجة. وأشارت إلى أن قائد الانقلاب يحاول السيسي قدمًا في التعديلات الدستورية التي تهدف إلى توسيع السيطرة العسكرية بشكل كبير على المؤسسات المدنية، بما في ذلك القضاء. ولكنها توقعت ألا يناقش ترامب السيسي في حقوق الإنسان؛ “بسبب مصالح مشتركة” وتنفيذ السيسي رغبات ترامب وحمايته أمن دولة الاحتلال الصهيونية، ولذلك دعت نواب الكونجرس إلى التكلم وفضح انتهاكات السيسي القمعية خاصة السناتور الأمريكي كوري بوكر والسناتور روبرت مينينديز عضوي لجنة العلاقات الخارجية واللذان يدعمان الحريات. وقالت “ساره مرجون” من هيومان رايتس وواتش في صحيفة ديلي نيوز” للمسئولين الأمريكان: “عليكم فهم النظام الذي يباركه ترامب في مصر” مشيرة إلى أن “التعديلات الدستورية ستعزز الحكم الاستبدادي في مصر، وستزيد السيطرة العسكرية على الحكومة وتقوّض استقلالية القضاء بشكل هائل”. وأكدت أنه عقب انقلاب السيسي علي الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا، وعد بتحقيق الاستقرار والأمن والديمقراطية لكن ما حصل على امتداد السنوات الست الماضية كان العكس تمامًا، فحكومة السيسي شنت حملة وحشية متصاعدة باتت تغذي مشاعر الغضب والاستياء وصعّدت قوات الأمن أساليب الترهيب والعنف ضدّ جميع الأطياف السياسية، وتعرّض “الإخوان المسلمين”، وجماعات المعارضة السياسية، والمدونين، والصحفيين، والمفكرين الناقدين، والنشطاء السلميين إلى الاعتقال والاحتجاز والتعذيب، وفي بعض الأحيان تم ببساطة إخفاؤهم، وعدد المعتقلين أكبر من 60 ألفًا، واعتمد البرلمان الذي تسيطر عليه أغلبية من الضباط السابقين، قوانين تعسفية قيّدت حرية التعبير والوصول إلى المعلومات، غير أن ترامب يتجاهل هذا كله، ما سيجعل السيسي يستفيد من الزيارة ويحاول إضفاء شرعية على حملته ويحشد الدعم. دسترة الديكتاتورية وتبعية القضاء وركزت اغلب الصحف الامريكية الأخرى علي سجل حقوق الإنسان في مصر، ونشرت صحيفة واشنطن بوست مقالاً لمحمد سلطان السجين السابق الذي يحمل الجنسيتين المصرية والأمريكية حول قمع السيسي وكيف أنه يصل واشنطن وهو أكثر ديكتاتورية من أي وقت مضي. وشرح “محمد سلطان” في مقاله كيف قضى السيسي على ما تبقى من قضاء مستقل في مصر، وكيف تسعى تعديلاته اللادستورية لدسترة هذه التبعية في سياق خطته لتمزيق أي مؤسسات مستقلة تخضعه للمساءلة، سواء كانت تابعة للدولة أو شعبية أو حقوقية. وشدد علي أن أحكام القضاء سياسية وتصدر بمباركة سلطة السيسي بعدما شكل دوائر خاصة لمحاكمة معارضيه بعد رفض عشرات القضاة محاكمة خصوم السيسي، وكيف عين (السيسي) شقيقه (أحمد) نائبًا لرئيس محكمة النقض كي تبارك وتمرر الأحكام القمعية. أيضا تناولت مجلة “تايم” الأمريكية الدعاوى التي يواجهها الأديب علاء الأسواني أمام القضاء العسكري، في حين ركز موقع “ذا هيل” على أوضاع الأقباط في مصر.