مثلت شروط صندوق النقد الدولي على سلطات الانقلاب عبئا معنويا في تبرير رفع الدعم عن الغلابة ورفع أسعار السلع الاستراتيجية، خاصة الكهرباء، إلا أن العبء الأكبر كان في شرط تسريح مليوني موظف من الجهاز الإداري للدولة، رأى صندوق النقد ضرورة الاستغناء عنهم لأنهم يمثلون عبئا على الموازنة العامة، لينتشر الخبر مثل النار في الهشيم، وتضطر حكومة السيسي للخروج بنفي ما تردد في العديد من وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي عن تسريح مليوني موظف من الجهاز الإداري للدولة تنفيذًا لشروط الصندوق لمنح مصر قرضًا بقيمة 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات. ورغم نفي وزارة المالية، وزعمها أن ما نُشر حول تقليص أعداد العاملين بالجهاز الإداري للدولة بنحو 2 مليون موظف خلال العام المالي (2017 – 2018)، أو العام المالي (2018 – 2019) على خلفية الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لا أساس له من الصحة، وأنه لا توجد أي نية لدى الحكومة لتسريح موظفي الدولة..بدأت حكومة الانقلاب أولى إجراءات التسريح، بعد وضع مستهدف يخطط للاستغناء عن 800 ألف موظف حكومي، خلال الفترة الحالية. ونقلت صحيفة “العربي الجديد” عن عدد من المؤسسات الاقتصادية التابعة للحكومة، في الإعلان عن فتح باب المعاش المبكر أو التقاعد للعاملين في هذه المؤسسات، في خطوة اعتبرها نقابيون بمثابة “تسريح طوعي” بديلا عن التسريح القسري الذي كان معدا له، وقبل البدء في عمليات تسريح إجبارية واسعة، خلال الأشهر المقبلة، بهدف تقليص أعداد العاملين في القطاع العام والجهاز الإداري للدولة . المعاش المبكر وأشارت الصحيفة إلى إعلان الشركة المصرية للاتصالات، التي تستحوذ الحكومة على نحو 80 % من أسهمها، أمس الإثنين، أن مجلس الإدارة وافق على مقترح برنامج المعاش المبكر، بما يستهدف إحالة نحو ألفي عامل للتقاعد الاختياري خلال العام الحالي 2019. وأضافت الشركة، في بيان لها أن البرنامج سيساعد في ترشيد “تكاليف الشركة على المدى المتوسط”. ويعمل في الشركة أكثر من 40 ألف موظف، كما وعد العامل المتقدم للبرنامج من أجل التقاعد بأنه سيحصل على مكافأة نقدية، بالإضافة إلى معاش شهري منفصل من الشركة، وتأمين صحي له ولأسرته لمدة 3 سنوات”. وبالتوازي مع إعلان المصرية للاتصالات عن برنامج المعاش المبكر، أعلنت الهيئة العامة للبترول، عن تعديلات في ضوابط المعاش المبكر الاختياري، تتعلق بتحديد مكافأة نهاية الخدمة للعامل والحوافز المالية. تسريح طوعي ونقلت الصحيفة عن نقابي في قطاع البترول، إن نحو 80 شركة عاملة في المجال، سواء تحت مظلة الحكومة أو القطاعين المشترك (حكومة وقطاع خاص) والاستثماري، تستعد لفتح الباب أمام ما وصفه ب “التسريح الطوعي”، عن طريق المعاش المبكر. وكشف أن هناك حالة قلق واسع من المعاش المبكر، خاصة وأنه يشبه التسريح الطوعي، تمهيدا لمخطط التسريح القسري، والدخول في مرحلة أخرى تتضمن الفصل من العمل تحت ذرائع عدة، والكل يترقب ما سيحدث في الأيام المقبلة”. وقالت الصحيفة إن الحديث عن المعاش المبكر يعيد إلى الأذهان بيع الشركات العامة وفق برنامج الخصخصة، الذي أطلقه نظام المخلوع حسني مبارك قبل نحو 28 عاما، وتسبب في خروج عشرات الآلاف من العمال وانضمامهم إلى صفوف العاطلين عن العمل، وأعاد نظام عبد الفتاح السيسي إحياء برنامج الخصخصة، من باب طرح عشرات الشركات في البورصة وبيع الأراضي والأصول التابعة لها. 50 شركة في الوقت الذي أعلن وزير قطاع الأعمال بحكومة الانقلاب هشام توفيق إن الحكومة قد تطرح 50 شركة، طالما توجد ظروف مواتية لعملية الطروحات، بينما كانت الوزارة تخطط في السابق لطرح شركتين فقط. ويبدو أن قطاع السكك الحديدية سيشهد هو الأخر تسريحا طوعيا للعمال، كما نقلت وسائل إعلام الانقلاب، عن مسؤول نقابي في هيئة السكك الحديدية قوله إن النقابة تتوقع خروج عدد كبير من العمال من الخدمة، خلال الفترة المقبلة، تحت نظام المعاش المبكر. كان مصدر مسئول في الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة قد قال إن 4.2 ملايين موظف في الدولة مهددون بالفصل من الخدمة، بسبب “عدم إتقانهم استخدام الكمبيوتر ووسائل التواصل الحديثة”، مشيرا إلى أن هناك خطة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، الذي يضم 722 جهة ومصلحة حكومية. وتتجاوز أرقام المصدر في جهاز التنظيم والإدارة حول المهددين بالفصل، ضعف ما كشف عنه مصطفى مدبولي رئيس وزراء الانقلاب في نفس الشهر، حيث قال، خلال اجتماع للغرفة التجارية الأمريكية في القاهرة، إن الحكومة تعمل على إعادة هيكلة، تتضمن تخفيض عدد مجلس الوزراء وموظفي القطاع العام، موضحا أن “38 % على الأقل من الموظفين في القطاع العام سيحالون إلى التقاعد في السنوات العشر القادمة”. 5 ملايين موظف وتظهر البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن عدد العاملين في القطاع الحكومي يبلغ حاليا نحو 5 ملايين موظف، الأمر الذي يجعل عدد من سيحالون إلى التقاعد، وفق النسبة التي تحدّث عنها رئيس الوزراء، يبلغ نحو 1.9 مليون موظف. ويبلغ سن التقاعد 60 عاما، بينما تسعى الحكومة إلى الاستفادة من المادة 70 من قانون الخدمة المدنية الجديد، الذي يجيز للموظف الذي بلغ سن الخمسين التقدم للمعاش المبكر، شريطة عدم صدور أي إجراءات تأديبية ضده، وأن تزيد مدته التأمينية عن 20 عاماً.