في ظل مخطط انقلابي تديره المخابرات والأجهزة الأمنية التي تسعى لتعويم السيسي في الفترة الأخيرة بعد فشله في تثبيت حكمه، لجأت الأجهزة إلى اتهام كل من يردد الحقائق ويشكو من الأوجاع والمرارات المعيشية التي يعيشها بأنه مثير للشائعات والأكاذيب، واستعملت الأجهزة الأمنية كافة وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والسوشيال ميديا واللجان الإلكترونية والإعلانات التلفزيونية حول الشائعات. ومن ضمن الشائعات التي حاولت الأذرع الإعلامية التأكيد بأنها غير حقيقية، هي نية حكومة الانقلاب تسريح عدد كبير من موظفي الدولة. إلى أن جاءت تصريحات الدكتور حسين عيسى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس نواب العسكر، اليوم، بأن " لدينا 7 ونصف مليون موظف يخدمون 100 مليون مواطن، وتلك نسبة عالية ليست موجودة بأى دولة بالعالم، ونحتاج منهم حوالى 4 ملايين فقط". مرجعا ذلك إلى أن "الجهاز الإدارى للدولة مترهل ومهلهل وبه مشاكل لا نهاية لها". وأشار، في تصريحاته، إلى أن بعض الموظفين يعملون 15 دقيقة يوميا وآخرين يعملون أكثر من 7 ساعات دون توقف. تلميحات كثيرة للمذبحة وسبق ذلك إعلان الحكومة أكثر من مرة عن أن الاستغناء عن ملايين الموظفين خطوة ضرورية للإصلاح الإداري بالدولة، وذلك دون تقديم بدائل لهم، ما يهدد ملايين الأسر بالفقر والتشرد. ومع اقتراب موعد مذبحة الموظفين الحكوميين، سارعت الحكومة من تصريحاتها وتلميحاتها التي باتت واقعا نحو ذبح ملايين الموظفين، بدعوى تقليص عجز الموازنة والإذعان لشروط صندوق النقد الدولي. فتحركت حكومة الانقلاب نحو مناقشة مقترح تقليص عمل موظفي الحكومة إلى 4 أيام في الأسبوع فقط، ثم التشجيع على نظام المعاش المبكرر عند 50 عاما، وكذلك تعجيز الموظفين المنتدبين بإجراءات تدفعهم للاستقالة، ومنع التنقلات. وتتجه حكومة الانقلاب لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة وخفض عدد العاملين بها، وفي هذا الصدد نفت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، ما تردد عن خفض سن الإحالة للتقاعد للعاملين بالقطاع الحكومى إلى سن الخمسين؛ وقالت إنها مجرد "شائعات" ليس لها أساس من الصحة، وشددت على أنه لا صحة لتسريح أي من موظفي الحكومة!. لكن الوزيرة استدركت بالتوضيح أن المعاش المبكر ليس نظامًا إجباريًا ولكنه اختياري متروك لرغبة الموظف، إما باستكمال سنوات الخدمة إلى سن الستين أو المعاش المبكر، ما يعني أن الحكومة ترحب بالمعاش المبكر في ظل الإباحة لا الوجوب. وتم تطبيق قانون الخدمة المدنية لسنة 2006 برقم 81، الذي ينص على إمكانية الخروج من الجهاز الإداري الوظيفي بمجرد الوصول إلى سن 50 سنة، وتسعى الدولة لتقليل أعباء الموظفين البالغ عددهم 6.4 مليون موظف. عدد هائل للمعاش كما شددت وزيرة التخطيط بحكومة الانقلاب، على أن هذا العدد الهائل من الموظفين الإداريين بالدولة لا حاجة للجهاز الإداري له. وكان النظام قد تخلص من مليون موظف حكومي خلال العام الماضي (2016/2017)، لكنه يستهدف التخلص من مليون ونصف المليون موظف بالجهاز الإداري للدولة خلال السنتين المقبلتين؛ ووفقاً لاستراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030)، فإن الحكومة تستهدف خفض أعداد الموظفين إلى 3 ملايين، و846 ألفا، و154 موظفا خلال العامين المقبلين، بعد الاستغناء عن نحو مليوني، و553 ألفا، و846 موظفاً، بحيث ترتفع نسبة موظف لكل 12.3 مواطنا في 2016، إلى موظف لكل 26 مواطنا في 2020، وصولا إلى موظف لكل 40 مواطنا في 2030. وفي نوفمبر 2016، أعلن المستشار محمد جميل، رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، عن تخفيض عدد الموظفين فى الجهاز الإدارى للدولة لحوالى 4 ملايين موظف بحلول عام 2020، مؤكدا أنه لن تكون هناك مسابقات للتعيين فى الوظائف الحكومية، وفق ما نص عليه قانون الخدمة المدنية. مضيفا أن النسبة الحالية للعمالة الحكومية، هو موظف لكل 13 مواطنا، والمستهدف هو وجود موظف لكل 26 مواطنا فى عام 2020. وبعد هذه التصريحات بعام واحد، وبحسب البيانات التي نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في أكتوبر 2017، فإن عدد العاملين بالقطاع الحكومي انخفض إلى 5 ملايين فرد بنهاية العام المالي المنقضي (2016/2017)، مقابل 5.8 ملايين موظف في العام المالي السابق عليه (2015/2016)، بانخفاض بلغت نسبته 13%. موظفون "جرذان"! كما جاءت تصريحات الدكتور خالد فهمي، وزير البيئة بحكومة الانقلاب، يوم الثلاثاء 24 أبريل الماضي 2018، والذي وصف خلالها صغار الموظفين بوزارته بالجرذان؛ الأمر الذي دفع النائب هشام مجدي لمطالبة الوزير بالاعتذار عن اللفظ المسيء. لكن علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، تمادى في تجاوز حدود اللياقة والأدب بحق الموظفين الصغار بالحكومة، معلقا على احتقار الوزير للموظفين بأن «صغار الموظفين في الحكومة ومختلف الجهات يمثلون أزمة ونعاني منهم»، مشيرًا إلى التحول للإدارة الإلكترونية للخلاص من هؤلاء غير المدربين الذين تم تعيينهم. وفي نفس السياق، أبرزت صحيفة "الوطن"، المعبرة عن توجهات الأجهزة السيادية بدولة 30 يونيو، في عدد السبت 5 مايو 2018، حوارا مع رئيس لجنة الخطة والموازنة ببرلمان الانقلاب، الدكتور حسين عيسى، والذي قال فيه إن 50 مليونا لا يستحقون الدعم، وإن "3" ملايين موظف بالدولة دون عمل. كما جاءت فتوى مجلس الدولة الصادرة يوم 28 أبريل الماضي، وتقضي بجواز فصل الموظف من دون إنذار لانقطاعه عن العمل في هذا السياق. كما توسعت الحكومة في تحاليل المخدرات التي سيتم إجراؤها على العاملين بالجهاز الإداري للدولة، وسيتم من خلالها إيقاف أي موظف يثبت تعاطيه المخدرات عن العمل.