عرضت قناة الجزيرة مباشر مصر، اليوم السبت، الحلقة الأولى من السلسلة الوثائقية "شهود المذبحة" والتي أعدتها بمناسبة مرور شهر على مذبحة فض اعتصامي رابعة و النهضة ويعرض منه كل يوم حلقة مع شاهد عيان جديد في التاسعة و النصف مساء بتوقيت القاهرة. واستضافت الحلقة الوثائقية الأولى الدكتورة فاطمة بياض، طبيبة المخ والأعصاب، وإحدى المتطوعات بالعمل في المستشفى الميداني بميدان رابعة العدوية. بدأت فاطمة روايتها قائلة: "كنت أذهب إلى رابعة كل يوم بعد الفجر وأعود في المغرب، و لكن يوم الفض اتصل بي زميل و أخبرني بتحركات مريبة ونية حاسمة لاقتحام الميدان، وبدأت حالات المصابين تصل لنا ميتة؛ فكل الإصابات في الصدر أو الرأس متفجرة، حالات لم أشهدها على مدار 10 سنوات عملت فيها كطبيبة". وأضافت: "كانت الجثث في أفضل الحالات ميتة إكلينيكيا و بحاجة لعناية مركزة". ونفت فاطمة إذاعة الانقلابيين لأي إنذار قبل فض اعتصام ميدان رابعة، مضيفة: "مع تزايد الحالات بدأنا نفكر في ضرورة الاستعانة بإسعاف لنقلها، ولكنها لم تتعاون معنا و اعتبرونا محاصرين و رفضوا الحضور لنا؛ بعدها شاهدت مشهدا لم أكن اتصوره في حياتي لشاب يحمل شهيدا بيد و في اليد الأخرى دماغه بالكامل، و حينما كذب روايتي أقرب الناس لي صورت الحالة و نشرتها و حتى اليوم أنا كطبيبة لا أعلم ماهية السلاح الذي يقتل بهذه الطريقة". وتابعت: "ضربوا قنابل الغاز بشكل كثيف على مدخل المستشفى الميداني، ففوجئت بأختي الطبيبة المتطوعة أيضا من المصابين؛ و في هذا الوقت وردت إلينا إصابات من الأطفال فبدأنا نضعهم على أجهزة التنفس؛ و مع كثرة الحالات بدأ الأطباء في إنعاش القلب و التنفس يدويا، و كان الأهالي يترجونا لإنقاذ ذويهم و نحن لا نملك عناية مركزة والإسعاف يرفض الحضور إلينا". واستطردت قائلة: "تحولت من طبيب جراح لحانوتي لأن الحالات تصل لي ميتة ولا أستطيع إسعافها؛ بعدها بدأ ضرب الرصاص الحي على المستشفى نفسه، وانتشر الذعر في المستشفى، فبدأنا بفضه من الأطفال والنساء، وحينما دخلت المركز الإعلامي وجدته قد امتلأ تماما بالشهداء و الجرحى". وأشارت فاطمة إلى أن أطباء المستشفى كانوا يقدرون أولوية إسعاف المصابين بحسب حالتهم، حيث أعطوا الأولوية للحالات الأكثر خطورة. وأضافت: "كنا نحمل المصابين على أكتافنا لنقلهم للمركز الإعلامي الذى تحول إلى مستشفى لإجراء العمليات الجراحية، وبعدها وردت لي حالة خطيرة لأحد المصابين، ولكن هناك أمل في شفائه، فأخذت أصرخ في الحضور كي يوفروا لي مكانا فلم أجد، فوضعته على الأرض، و لأنه لا يوجد أي مخدر بدأت أخيط رأسه وهو مستيقظ دون مخدر، و كان يذكر الله كثيرا و يرفع يده بعلامة التوحيد". وتابعت طبيبة المستشفى الميداني برابعة العدوية: "بعدها ورد لي مريض مصاب برصاصة في الكلى، و كان كل ما يطلبه هو مسكن يخفف عنه حتى يستشهد؛ أما الحالة الثالثة فكانت لمصاب في العمود الفقري وطلب مني أن أرفع رأسه حتى يتنفس قائلا: "عارف إني هستشهد، بس آخد نفسي". واختتم فاطمة شهادتها على مجزرة فض رابعة العدوية بالقول: "بعدها بدأ الرصاص يخترق الحائظ وسط صرخات زميل لنا: "قناص قناص كله ينزل على الأرض"، وبعدها شاهدنا من الشباك صفوف من الجرحى يطلبون منا أن نقذف لهم أي أدوات للإسعاف الأولية، وفي هذه اللحظة ألقيت حقيبتي لأهالي المصابين و طلبت منهم أن يصلوا بها لأهلي وأن يخبروهم بأنني في عداد الشهداء بعدها دخلت القوات الخاصة و أمرتنا بالخروج، فقلنا لهم: لا نستطيع ترك المصابين فهددونا بالقتل؛ خرجت لأجد مئات الجثث و استمع لتهديدات بالميكروفون: "الكل يخرج رافع ايده"، وتركنا مصابين على قيد الحياة و بحاجة لإسعاف و عناية مركزة، وأجبرنا على الخروج بدونهم".