بعد أزمة إخفاء الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في مصر ومراوغة السلطات الانقلابية للحكومة الإيطالية، وتقديمها مسرحية ممجوجة بقتل 5 مصريين لإقناع إيطاليا بأنهم هم الجناة، وهو ما لم تصدقه إيطاليا، حتى كذّبت حكومة السيسي نفسها، وقدمت روايات أخرى، وكشفت إيطاليا عن جناة من القيادات الأمنية والمخابراتية، بينهم نجل السيسي “محمود”، الضابط بالمخابرات العامة، تكشّفت فضيحة جديدة باختفاء شخصين ألمانيين في مصر مؤخرا، ما يؤكد للعالم ضلوع حكومة السيسي في جريمة الإخفاء القسري بحق المصريين. الألمان منذ اختفائهما في مصر، الشهر الماضي، دخلت عائلتا المواطنين الألمانيين عيسى الصباغ ومحمود عبد العزيز في صراع مع الزمن لكشف مصيرهما. وطلبت العائلتان من السلطات الألمانية المساعدة إثر تكتم السلطات المصرية على الأمر حتى الآن. وبالفعل أعلنت الخارجية الألمانية عن أنها منشغلة بأمر الألمانيين اللذين ينحدر كل منهما من أم ألمانية وأب مصريّ، مضيفة أنها على اتصال مع السلطات المصرية وتبذل قصارى جهدها لاستيضاح الملابسات في كلتا الحالتين. في غضون ذلك، أعلنت الخارجية الألمانية عن أنها تلقت إشارات من الحكومة المصرية تفيد بأن أحد الشابين (وهو محمود عبد العزيز) محتجز لديها دون أن تقدم معلومات عن المختفي الآخر. وتعود القضية إلى يوم 17 ديسمبر الماضي، حين انقطع اتصال عائلة عيسى الصباغ (18 عاماً) مع ابنها الذي كان في طريقه لزيارة جده في القاهرة، في رحلة غير مباشرة تمر عبر مطار الأقصر ومنه إلى مطار القاهرة، حيث كان ينتظره عمه. ويرجح محمد الصباغ، والد عيسى الصباغ، الذي اختفى في مطار الأقصر، أن يكون ابنه محتجزا لدى السلطات المصرية. وذكر الأب أن لديه معلومات عن أن ابنه عيسى قام بتسجيل سفره لدى شركة الطيران المصرية؛ من أجل متابعة السفر من الأقصر إلى القاهرة، إلا أنه لا يدري ماذا حصل له بعد ذلك. كما قال الأب إنه أرسل لابنه “رسالة (عبر الإنترنت) بعد وصوله، وتمت قراءتها لكن لم تتم الإجابة عنها”. ويؤكد أن ابنه، الذي كان يعيش في مصر مع والدته وإخوته بين عامي 2008 و2017، لم يكن مهتمًا بالسياسة. محمود عبد العزيز وبعد اختفاء عيسى بعشرة أيام، تم توقيف محمود عبد العزيز (23 عاما) في مطار القاهرة، كما ذكر أخوه مالك الذي كان مسافرا معه. ويقول مالك: سافرنا من المدينةالمنورة إلى القاهرة في 27 ديسمبر، حيث إننا ندرس الشريعة في المدينة”، مضيفا أن أخاه كان يعيش في المدينة منذ سنة ونصف. ويتابع “مالك” أن السلطات المصرية لم توقفه، لكنها أوقفت أخاه في المطار دون أن تذكر أي سبب لاحتجازه، ويضيف: “نحن لسنا من عائلة نشطة سياسيا”، مشيرا إلى أن محمود سبق له أن عاش في مصر بين عامي 2014 و2016. وعن إمكانية أن يكون هناك تشابه في الأسماء أدى إلى احتجاز أخيه يقول مالك: “لا أعتقد ذلك، فإن كان الأمر كذلك كان سيتم توضيح المسألة بسرعة”، مشيرا إلى أنه بقي في المطار لحوالي أربع ساعات دون أن يتم توضيح الأمر. وفيما يتعلق بمصير أخيه يقول مالك: “بحسب المعلومات غير المؤكدة المتوفرة لدينا من مصر، فإن أخي موجود في مبنى للمخابرات في مدينة نصر، لكننا لا نعلم فيما إذا كان هذا صحيحا أم لا”، وأضاف: “أبي وأخي أحمد الآن في القاهرة وسيظلان هناك لمدة شهر من أجل الحصول على مساعدة قانونية”. الاختفاء القسري وهذه ليست المرة الأولى التي يختفي فيها مواطنون أوروبيون في مصر، وكان من أبرز ذلك قضية اختفاء وقتل طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة قبل عامين، والتي أدت إلى توتر العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث أعلن البرلمان الإيطالي، في نوفمبر، قطع العلاقات البرلمانية مع نظيره المصري على خلفية القضية. وفي حين فتحت السلطات الإيطالية تحقيقًا رسميًّا بحق خمسة من عناصر جهاز الأمن في مصر، تقول إنهم متورطون في اختفاء وقتل ريجيني، تجيب السلطات المصرية بأنه قتل على يد “عصابة إجرامية” قامت الشرطة بالقضاء عليها، مناقضة بذلك روايتها الأولى حول أنه توفي في حادث سير. ويرى رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد، أن “الاختفاء القسري أصبح ظاهرة منتشرة في مصر، رغم أن السلطة تنفي ذلك دائما”، متابعا: “الاختفاء القسري في مصر ليس مجرد جريمة جنائية بل جريمة سياسية يقوم بها النظام”. كما لو كانوا مصريين وتتصاعد جريمة الإخفاء القسري بمصر بصورة غير مسبوقة، منذ انقلاب يوليو 2013. ومؤخرا رصدت منظمة “السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان”، 2255 انتهاكًا ارتكبتها سلطات النظام الانقلابي خلال عام 2018. ووثّقت المنظمة 97 حالة اختفاء قسرى خلال عام 2018 فقط، بينها 87 للذكور و10 للإناث، كما وثّقت 634 حالة اعتقال تعسفي، بينها 611 للذكور و23 للإناث. كما وثّق المؤشر ارتفاع معدلات الانتهاكات والاعتقالات بحق المرأة المصرية، ورصدت 47 انتهاكًا، بينها اعتقال 23، وإخفاء 10 سيدات وفتيات. يضاف إلى هذا الانتهاكات بحق المدافعين عن حقوق الإنسان، حيث رصدت المنظمة اعتقال 50 منهم، واستمرار الإخفاء ل7 من المدافعين عن حقوق الإنسان. ويعد المختفون قسريًّا مادة خصبة للقتل خارج إطار القانون، وللتعاطي الأمني مع قضايا العنف، سواء الطائفي أو ضد السياح، وهو ما يحدث بصورة شبه يوميه. وهو ما يجري بصورة متسارعة في سيناء، حيث أكد مصدر طبي، في تصريحات صحفية، أن جثث قتلى العمليات الأمنية في شمال سيناء، التي تصل لمشرحة مستشفى الإسماعيلية، قتلت بإطلاق الرصاص عليها من مسافة قريبة في الرأس والصدر، وأنها في العديد من الحالات تكون نافذة وخارقة. وكشف عن أن “العديد من الجثث التي تم تشريحها ظهرت عليها آثار تعذيب في أماكن متفرقة، وأخرى ظهرت عليها آثار قيود، خلافا لما قيل إنهم قتلوا في اشتباكات مباشرة مع قوات الأمن أو الجيش”، مشيرا إلى أن آخرها كانت جثث سبعة قتلى في أبريل الماضي”. وشدد المصدر على أن “هناك تعليمات أمنية بعدم صدور أي تقرير طبي من المشرحة فيه ذكر مثل تلك الأدلة التشريحية، التي تثبت قطعا أن قتلهم كان مقصودا ودون مقاومة تذكر، كما أن العديد من الجثث لم تكن بها أي تشنجات نتيجة حمل السلاح”. وأكد أن “بعض الجثث التي يتم تسلميها إلى ذويهم يحظر عليهم إقامة أي جنازات، أو طلب أي تقرير جديد لتشريح الجثة، ويفرض عليهم إجراءات أمنية مشددة، وغاليا ما يتم تسليمها فجرا أو قبل ذلك بقليل؛ لضمان سرية الاستلام”، واصفا أجواء تسليم الجثث “بالمرعبة”. وهو ما يعد خطرا كبيرا يهدد كل من يطأ أرض مصر ويعيش عليها بعهد السيسي وانقلابه العسكري.