وصف الداعية والباحث الإسلامي عصام تليمة، الأزمة التي تمر بها مصر الآن بأنها مثل رجل دين طامع في رضا الحاكم و باع دينه في سبيل هذا الحاكم الذي يركله ببيادته وقتما يشاء ويستخدمه كأداة لتحقيق أهدافه وقتما يشاء أيضاً. وقال تليمة في حواره مع الجزيرة مباشر مصر، إن ادعاء الانقلابيين بأنهم اختاروا أخف الضررين بانقلابهم العسكري وفقا للقاعدة الشرعية ادعاء باطل لأن الدين يبيح اختيار أخف الضررين إن لم يكن إثماً؛ و كان الأولى بالسيسي جمع هيئة كبار العلماء وعدم الإكتفاء بالشيخ أحمد الطيب لأنه ليس فقيها. وأضاف تليمة أن إدعاء أخف الضريين انتفى لأنه لم يرفع لشيخ الأزهر تقرير رصدي استبياني يبين له نسبة حدوث حرب أهلية لو لم يقم بالإنقلاب هذا يذكرني بأن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يمنع النساء من الخروج لصلاة الفجر لأن إحداهن اغتصبت فهذه واقعة فردية لا يمكن تعميمها؛ وإذا اعتبرنا الإمام الأكبر اجتهد وأخطأ في هذه المرة فلماذا وجدناه بعدها يعتكف إثر مجزرة الحرس الجمهوري ثم يقر بتفويض السيسي ولا تفويض في إراقة الدماء و إلا لماذا ننكر على أوباما طلبه تفويضا لضرب سوريا؟! وتابع الداعية الإسلامي أن الداعية الحق لابد أن يثبت على فتواه فبأي عقل يخرح ليقول لنا أن الخروج على الحاكم حرام في عهد مبارك و حلالا في عهد مرسي ؟، وهل بعد انتهاك حرمات البيوت بالاعتقالات الذى إذا قارناه بما فعله كفار قريش قبل الهجرة سنجد أننا ظلمنا أبوجهل لأنه لم يروع النساء و يعتقلهن؟ وهل بعد كل الدماء التي سفكت لازال شيخ الأزهر مصرا على انه اختار أخف الضررين؟ هل بعد اعتقال الصحفيين و تكميم الأفواه وعدم وجود إحصاءة محددة عن عدد المعتقيلن أخف الضررين؟، وقال: بصراحة لا استطيع فرض حسن النية و على كل من أفتى بفتوى استخدمت لسفك الدماء ولو بالخطأ أن يتوب ثم يخرج ليبين خطأه و يصححه و يعدل عنه حتى تقبل توبته. وعن صمت شيخ الأزهر على انتهاكات المسجد كضرب مئذنة جامع الفتح و حرق جامع رابعة؟ قال تليمة: هاهو البابا تواضروس يشكو لوفد الكونجرس من حرق الكنائس فلمن يا ترى سيشكو الطيب و متى؟ و فيما يتعلق باعتبار سلطات الانقلاب والأزهر للمتظاهرين بالإرهابيين الذين يعرضون حياة المواطنين للخطر، قال تليمة إنه في أحداث كاتدرائية العباسية تظاهر شباب الأقباط وهذا حقهم لكن مظاهراتهم لم تكن سلمية ومع ذلك حدثت نادرة لم تشهدها الدولة فقبلت الشرطة الإعتداء عليها و لم ترد بأي رد فعل و تحدث الداعية الإسلامي عن أنه في الفقه الإسلامي قال الإمام علي بن أبي طالب عن من يخرجون على الدولة بالسلاح :"لكم علينا ثلاث ألا نبدأكم بقتال و ألا نمنعكم مساجد الله و ألا نمنعكم الفئ إذا قاتلتم معنا"؛ أي أن كرم الله وجهه حفظ لهم حق الحياة و العبادة و الحق في موارد الدولة. وأوضح تليمة أن المعارضة في الإسلام فريضة فالله قادر على جعل الكون كله مؤمنين و لكن إرادته جاءت بأن يكون في الدنيا معارضة دينية لهم و مع ذلك لم يمنع عنهم الرزق مثلا ؛ و بالتالي فإن المعارضة السلمية من حقها أن تتحرك و تظل بالشارع لأي فترة ؛ هذا هو حقيقة الدين التي يجب لرجاله أن يصلوا بها للحاكم. و فسر تليمة فكرة " الأمير المتغلب " قائلا : الخلافة أتت في الإسلام بالشورى لأنه حرم إمامة شيخ يكرهه الناس للصلاة وكذلك زواج الإكراه يكون باطلا و إيمان المكره لا يقبل؛ الأصل في الإسلام هو الإختيار ابتداء من حق اختيارك لمن تعبد ثم من يحكمك؛ الفقراء لم يركزوا في هذه القضية قديما لأن فساد الحاكم كان على نفسه فقط لكن اليوم فساد الحاكم يؤثر مباشرة على حياة المواطن فأصبحت علاقة المواطن بالدولة لابد أن تكون قائمة على الاختيار لا الإكراه و أشار إلى أن فقه السلم يختلف عن الحرب فمسئول الحرب يأتي بالتعيين لآداء مهمة محددة أما حاكم السلم ينتخب و يعزل لأن الأمة مصدر السلطات وهذا ينطبق على حالة الدكتور مرسي ولكن بالصندوق حتى نتيقن من أن الشعب سحب سلطته فعلا ولم تخرج ضده أقلية مثلا؛ فمصير الأمم لا تساق كالغنم الذي يسوقه صاحب العصا الأقوى و رفض تليمة التسليم بأن الدكتور مرسي تعنت في إجراء استفتاء وفقا لرواية السيسي قائلا : وزير الدفاع استشهد في أحد خطاباته برجال كذبوه جميعا وهم العوا و الحويني و قنديل ؛ و من يملك العزل يملك الإستفتاء. و تساءل : ما الذي يقدمه الانقلابيين كي نصدق أنهم يفعلون لصالح الشعب؛ ففي الوقت الذي دعو فيه لمصالحة وطنية اعتقلوا الناس من منازلها و صورها بالملابس الداخلية ؛ تحدث عن ميثاق شرف إعلامي و أغلق قنوات ؛ و قتلوا مسلمين مسالمين بدم بارد و إن سلمت بكذبهم عن تسليح الإعتصامات رغم أني شاركت في مصطفى محمود و شهدت على سلميتها هل يعقل ان يفتح السلاح الآلي على الملأ ليسقط كل هذا الكم من الشهداء و الجرحى ؛ لماذا يخشى الإنقلابيون من بث محاكمات الرئيس و قيادات الاخوان على الهواء مباشرة كما فعلوا مع مبارك بل و كما كان عبد الناصر يذيع على الإذاعة محاكماته للإخوان ؟ كل هذه دلائل على ان السلطة الحالية تبحث عن أغنام تسوقها لا شعب حر تحكمه. و عرف تليمة الفتنة بأنها الجلوس في المنزل و السكوت على القتل البارد و ليس المتظاهر لإعلاء الحق ولا مجال في مصر للفتنة لأن الحق و الباطل واضحان تماما و بأسئلة بسيطة نستدل عليها : هل يعقل أن تعتقل آئمة المساجد ثم تفصلهم لأنهم مغيبيبن عن العمل ؟ ماذا عن التفنن في تلفيق الاتهامات بالتخابر و لماذا صمت قائد المخابرات على وصول رئيس خائن للحكم ؟ هل مصر تشهد الآن حريات؟ أين مكتسبات ثورة يناير؟ كيف يقبل على الناس أن يبحث لهم عن تهم كما حدث مع نجل حسن مالك ؟ كيف بعد ذلك كله يطالبوا رافضي الانقلاب بالعودة لمنازلهم بعدما أصبحت قضيتهم أكبر بكثير من مرسي فهم يدافعون عن وطن يختطف ليعود لأجواء البوليسية و القمع مرة أخرى.