ربما تتملك منك الحيرة والدهشة ساعات طويلة حال مشاهدة لقطة من لقطات الاصطناع لدى حكام الدول العربية ، وخاصة في مصر التي يستعد فيها قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي أن يتحول من الضحك والسخرية لدرجة الصراخ، إلى الدموع والبكاء في كسر من الثانية بمجرد أن تظهر أم ضابط شرطة أو مجند شهيد، إلى التهديد والوعيد للشعب المصري، ثم في نفس اللحظة إلى الابتسامة البلاستيكية، لتقف حائرا حول هذه المواهب التي ربما تجدها في نوعية من البشر مثل هؤلاء. نفس المشهد تجده الآن في العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي يحاول في هذين اليومين أن يغسل جريمة ابنه محمد بن سلمان من مقتل الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي، فتحول سلمان من رجل مريض بالزهايمر تعدى عمره التسعين عاما ولا يقوى على الحركة، إلى شاب صغير، لا يزيد عمره عن العشرين، يجوب أرجاء المملكة العربيةا لسعودية بكافة محافظاتها لغسل عار ابنه، وإنقاذ شعبيته، بعد أن تبين مدى وحشيتهم في قتل معارضيهم والانتقام منهم. فجأة وبدون أي مؤثرات خارجية، تحول الملك السعودي من حالة الابتسامة والفرحة التي كان عليها أثناء تفاعله مع العرضة السعودية، التي أدتها فرقة الدرعية في حفل أهالي عرعر، إلى الدخول في حالة مدهشة من البكاء والنحيب بمجرد أن أعطى له أحد مساعديه في لقطة مصطنعة علم المملكة العربية السعودية الممهور بالشهادتين، لتفاجأ بدموع الملك سلمان ونحيبه واحتضانه للعلم بمجرد رؤيته ولمس العلم بيده، وكأن سلمان لأول مرة يرى هذا العلم الذي دائما ما يكون وراء ظهره في جميع المناسبات. وأنت تشاهد اللقطة تقف حائرا من هذه المواهب التي تصيبك بالدهشة والاكتئاب في نفس الوقت، لتتساءل: “من أين جاء هذا الرجل التسعيني بهذه الدموع فجأة بمجرد رؤية العلم وهو يرقص بين مؤيديه، ومن أين أتت هذه المواهب في التحول بين المشاعر مثل الفراشة رغم كبر سن الرجل، فتتذكر السيسي صاحب الوجه البلاستيك، حينما تجده يستدعي دموعه تارة لاستعطاف عطف المصريين وإقناعهم بضرورة بقائه في الحم تارة، ثم تهديدهم ووعيده في نفس اللحظة تارة أخرى. وكانت فرقة الدرعية، قد عرضت العديد من قصائد الحرب الشهيرة في عهد الملك عبدالعزيز، ليبدأ الملك سلمان بأداء العرضة معهم، في الحفل الذي أقامه أهالي عرعر، وتفاعل المؤدون مع الملك في تناغم اعتادوا عليه في الحفلات الرسمية التي يحضرها، وتحرك الملك سلمان نحو حاملي الراية، واحتضنه وانهمر في البكاء. ليتفاعل المغردين المؤيدين لسلمان في السعودية، ويتأتي كتابتهم المصطنعة بجانب صورةا لملك الباكي تحت تغريدات ” أنا أتدثر بالعلم .. أنا أتوكل بالإله.. أحيا بكم .. ولأجلكم.. يا شعبنا الوفي العظيم .. سلمان بن عبدالعزيز”. سلمان يبيض وجه ابنه وفي الوقت التي تقوم فيه محالاوت الرجل التسعيني الملك سلمان لتبييض وجه ابنه المعروف حاليا بأمير المنشار بعد جريمة قتل خاشقجي، بعد أن جاب سلمان أرجاء المملكة لإنقاذ سمعتهم، أمر سلمان ابنه بالقيام بجولة خارجية لإنقاذ سمعته في بعض الدول العربية. وقالت مصادر في وزارة الخارجية في تصريحات خاصة ل “الحرية والعدالة” أن محمد بن سلمان الذي زار الأغمارات بالأمس ، سيتوجه في القاهرة اليوم الجمعة، لزيارة مصر. وقالت في المصادر في تصريحاتها، إن هناك تعليمات لصحف الانقلاب وأجهزة الدولة وإعلامها، بالتركيز على هذه الزيارةا لمدفوعة الأجر، لتبييض وجه بن سلمان. وأكدت المصادر أن الصفحات الأولى في الصحف الحكومية وصحف الانقلاب، تم فردها بشكل موحد لتغطية زيارة بن سلمان للقاهرة، في محاولة لتبييض سمعته في الوطن العربي. وأشارت المصادر أن الزيارة التي يقوم بها محمد بن سلمان سيتم تغطيتها إعلاميا وعلى مستوى رسمي من جميع المسئولين في الدولة، فضلا عن اعلى سلطة في استقبال بن سلمان وهو السيسي نفسه، موضحا أن هناك حالة استنفار أمني في استقبال بن سلمان، استقبال الأبطال، كمحاولة من سلطة الانقلاب لرفع شعبية بن سلمان في مصر، بعد انهيارها في الوطن العربي وعلى المستوى العالمي. وكشفت المصادر أن جدول زيارة بن سلمان لمصر بالطبع سيتعرض لمحاولات إنقاذه من جريمة خاشقجي ودعم استمراره في الحكم، كما تم التباحث حول نفس الموضوع في زيارته للإمارات مع محمد بن زايد. فيما قالت وكالة الأنباء السعودية، “واس” نقلا عن الديوان الملكى، إنه بناءً على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وانطلاقاً من حرصه على تعزيز علاقات المملكة إقليمياً ودولياً، واستمراراً للتعاون والتواصل مع الدول الشقيقة فى المجالات كافة، واستجابة للدعوات المقدمة من رؤساء وزعماء الدول العربية، فقد غادر الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولى العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الخميس لزيارة عدد من الدول العربية الشقيقة . كما يستعد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، اليوم الجمعة، القيام بجولة خارجية تشمل مصر والبحرين، قبل التوجه إلي الأرجنتين للمشاركة في قمة العشرين، في الوقت الذي بدأ جدول زيارته بالإمارات. اقرأ المزيد الشرطة المصريةموقع مصري يكشف حيثيات محاولة اغتيال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وقال مصدر دبلوماسي خليجي في العاصمة السعودية الرياض اليوم الثلاثاء، إن محادثات ولي العهد السعودي في الإمارات والبحرين ومصر “ستتناول تطورات الوضع في اليمن وسبل مواجهة الإرهاب وإيران ومسار عملية السلام في المنطقة إضافة إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين الرياض وعواصم تلك الدول”. وكان وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، أعلن الليلة الماضية أن ولي العهد السعودي سيتوجه إلى قمة العشرين في الأرجنتين كجزء من جولة خارجية سيقوم بها “دون الكشف عن تلك الدول”. وتعد جولة ولي العهد السعودي الأولى له منذ مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده بإسطنبول الشهر الماضي. وأكد ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، لدى وصول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مساء الخميس، إلى الإمارات في بداية جولة عربية أن “آفاقا واسعة من التعاون والشراكة الوثيقة والمثمرة تنتظر الإمارات و السعودية”. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في باريس أصدر وعوده بالحفاظ على بن سلمان، والذي هو حفاظًا على المصلحة الأمريكية والإسرائيلية، بتعبير ترامب الصريح والمباشر. وبوجود بن سلمان في قمة العشرين، ينجح ترمب في الإقرار بشرعية أخلاقية على ولي العهد السعودي، الذي لا يزال متهمًا رئيسًا، بنظر الضمير العالمي، في جريمة خاشقجي.