على الرغم من تصريحات قادة الانقلاب العسكري وحكومة السيسي باحترامهم للقانون والدستور، وتشدق وسائل الإعلام المخابراتية بضرورة احترام القوانين، إلا أن الواقع يكشف الأكاذيب والألاعيب الانقلابية للالتفاف على القوانين والقرارات والأحكام القضائية واجبة النفاذ، ومنها الأحكام الصادرة مؤخرًا من أعلى هيئة قضائية بالبلاد، بشأن رفض وإلغاء قرارات الحكومة بتخصيص 7 شركات من شركات القطاع العام. حيث بدأت اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب مناقشة مشروع قانون مُرسل من الحكومة، يهدف إلى حل الأزمة الناجمة عن الأحكام النهائية التي أصدرتها المحكمة الإدارية العليا ببطلان خصخصة بعض الشركات وردها إلى ملكية الدولة. ويسمح مشروع القانون الانقلابي الجديد لرئيس الوزراء بإحالة ملف أزمات الشركات التي تم الحكم ببطلان خصخصتها إلى لجنتين وزاريتين، هما «فض منازعات الاستثمار»، و«تسوية منازعات عقود الاستثمار» للوصول إلى البدائل الممكنة لتنفيذ هذه الأحكام. كما ينص مشروع القانون الانقلابي على أنه «مع عدم الإخلال بنص المادة 52 من قانون مجلس الدولة، يجوز لرئيس مجلس الوزراء بناء على طلب من الوزير المختص أو من ذوى الشأن، أن يحيل إلى أي من اللجنتين المنصوص عليهما فى قانون الاستثمار، الطلبات المتعلقة بكيفية تنفيذ الأحكام النهائية الصادرة فى شأن بعض الشركات التى تصرفت فيها الدولة أو الشركات القابضة أو بنوك القطاع العام، سواء كانت الأحكام بإلغاء هذا التصرف أو بطلانه». كذلك أشار مشروع القانون إلى أن اللجنتين المشار إليهما تُباشران اختصاصهما وفقًا للأحكام المقررة بقانون الاستثمار، ولهما أحقية الاستعانة بذوى الخبرة وتشكيل لجان فرعية من بين أعضائهما. من جهته زعم هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام، أن القانون محل المناقشة سيتيح إمكانية الوصول إلى الحل الأمثل لتنفيذ الأحكام القضائية بشأن بطلان خصخصة بعض الشركات. وهو ما يعني الالتفاف على القوانين لصالح الإصرار الغريب من نظام السيسي على تسريح 1.9 مليون موظف حكومي خلال عام 2019، ولصالح بيزنس العسكر، وذلك ضمن المشروع الصهيوني المنفّذ بمصر لتجريف الحياة وإفقار الشعب. وبحسب مراقبين، تأتى مساعي الحكومة باستصدار القانون اتساقًا مع جهود وزير قطاع الأعمال فى إنهاء أزمة شركة النيل لحليج الأقطان عقب مفاوضاته مع قيادات الشركة، ويتمثل فى احتفاظ المشاركين بملكيتها مقابل سداد تعويض مادى، وذلك استنادًا إلى فتوى حصلت عليها الوزارة من لجنة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة. وعلى طريقة السيسي مع سكان جزيرة الوراق التي يريد العسكر الاستيلاء عليها، قال توفيق فى تصريحات صحفية: ان الأحكام النهائية بشأن بطلان خصخصة 7 شركات تواجه صعوبة فى تنفيذها، مما يتطلب تشكيل لجان من ذوى الخبرة للوصول إلى حلول ذات صبغة قانونية تُرضى كافة الأطراف، بشكل يضمن تنفيذ الأحكام وعدم الإضرار بالمصالح الاستثمارية فى نفس الوقت، وذلك رغم صدور الأحكام النهائية الباتة برفض الخصخصة وعدم قانونيتها. وفي ازدواجية كاشفة، هدد وزير قطاع الأعمال العام بأن القانون سيطبق فور صدوره على كافة الشركات التي صدر بحقها أحكام نهائية ببطلان الخصخصة، ويبلغ عددها 7 شركات، أبرزها شركة النيل لحليج الأقطان، وعمر أفندى، وهو ما يكشف تلكؤ الدولة في تنفيذ أحكام القضاء الصادر أولا، وهو أيضا ما يؤكد تفصيل قوانين على مقاس المطامع الحكومية والعسكرية. وتضم قائمة الشركات التى صدرت بحقها أحكام بطلان خصخصة كلا من: شركة عمر أفندي التي تم بيعها لصالح شركة أنوال السعودية، وصدر بحقها حكم بطلان في عام 2011، وشركة النيل لحليج الأقطان والصادر بحقها حكم نهائي فى 2014 بعودتها للدولة وبطلان خصخصتها، وشركة طنطا للكتان والنصر للمراجل البخارية، وشبين الكوم للغزل والنسيج التي صدر بحقها أحكام قضائية بنفس الشأن فى 2011، وشركة سيمو للورق، بجانب الشركة العربية للتجارة الخارجية. ولعل ما يستوجب الوقوف عندها أن الشعب المصري بات فريسة سائغة أمام جنرالات العسكر الذين يفصلون القوانين والقرارات التي تسهل هضم حقوقه.