يقوم اللواء عباس كامل، رئيس جهاز المخابرات العامة بحكومة الانقلاب، بجولة جديدة إلى تل أبيب ورام الله والعاصمة الأردنية عمان، تستهدف تنشيط مسارات المشاورات الخاصة بالمصالحة الداخلية الفلسطينية من جهة، والتهدئة بين فصائل قطاع غزة والكيان الصهيوني من جهة أخرى”. تأتي هذه الزيارة في أعقاب تبادل الاتهامات بين النظام العسكري في مصر ومحمود عباس أبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية، حيث كشفت مصادر مطلعة بحكومة الانقلاب عن أن مشاورات الجانب المصري مع رئيس السلطة حول المصالحة الداخلية والتهدئة مع “إسرائيل” شهدت شدًّا وجذبًا بين الطرفين، حيث قال “عباس” في لهجة حادة: إنه إذا استمر هذا النهج فإن قرار حل السلطة الفلسطينية لنفسها لن يكون بعيدًا، وليتحمّل الجميع مسئوليته، لتكون القضية بشكل واضح، قضية شعب يقاوم أمام سلطات احتلال”، وذلك دون أن يوضح إن كانت هذه التهديدات نُقلت خلال لقاء مباشر أم عبر اتصالات. ووجه عباس اتهامات لقيادات رفيعة المستوى بنظام السيسي، صارخا: «أنتم تريدون حتى آخر لحظة الاستفادة منّا، أي القضية الفلسطينية، لتحقيق مكاسب سياسية وإقليمية لكم. ففي السابق كان هناك من يتعامل مع القضية على أنها جزء من هموم دولته، لكن الآن هناك جيل آخر من السياسيين العرب يريد أن يطوّع القضية لخدمة أهدافه”. وتلقّى عباس ردًّا عنيفًا على تلك الاتهامات، لكنه في النهاية خرج بموقف أقوى عبر تهديده بحل السلطة الفلسطينية التي ترى إسرائيل لها أهمية كبرى في قمع المقاومة الفلسطينية، والتصدي لتطلعات الشعب الفلسطيني نحو مقاومة الاحتلال. التهدئة والمصالحة ويُجري عباس خلال جولته المرتقبة، مشاورات مع الأطراف الثلاثة تتضمن تثبيت التهدئة في قطاع غزة، وعدم التصعيد من جانب إسرائيل أو حركة حماس، لحين التوصل لاتفاق يقود إلى هدنة طويلة الأمد، بينما المشاورات المقرر أن تجمع كامل بعباس، نهاية الأسبوع المقبل، ستبحث مراجعة بعض البنود التي حددتها السلطة الفلسطينية وحركة فتح في إطار ردها على الورقة المصرية للمصالحة. مصادر مصرية قالت “إن مباحثات “العبّاسين” من المقرر أن تحسم عددًا من النقاط العالقة”، مشددة في الوقت ذاته على أن “هناك رغبة إقليمية بالتقدم خطوة في ملف التهدئة مع قطاع غزة، وتحسين معيشة ملايين المواطنين هناك”. وقالت المصادر، إن “كافة الأمور مهيأة أكثر من أي فترة سابقة لإتمام اتفاق يقود إلى تحسين أوضاع المواطنين في قطاع غزة، إلا أن العقبة الوحيدة هي موقف عباس غير المبرر”، متابعة أن “اللواء عباس كامل سيذهب هذه المرة برسالة واضحة لعباس بتصديق من أعلى مستوى وهو جنرال الانقلاب عبد الفتاح السيسي، إما أن يتعاون في مسار المفاوضات التي أبدت فيها حماس تجاوبًا كبيرًا مع الدور المصري، أو أن ترفع مصر أيديها عن مفاوضات المصالحة وتنسحب تماما، على أن تتعامل مع حماس كطرف منظم للحدود الشرقية، ومعبر رفح الحدودي”. حرب جديدة وأوضحت المصادر أن “مصر تقوم باتصالات على أعلى مستوى مع الجانب الأردني؛ لكونه الداعم الأكبر الحالي لعباس، في إطار محاولات تليين موقف السلطة الفلسطينية، لتسريع مسار قطار المصالحة، وعدم الوصول بالمنطقة لحرب جديدة سيتحمل الجميع تبعاتها”. ولفتت المصادر إلى أن “هناك تدفقات مالية دولية لقطاع غزة لانتشاله من أوضاعه الحالية، متوقفة فقط على إتمام ملفي المصالحة والتهدئة، للدخول إلى القطاع وقطْع شوط كبير في عمليات إعادة الإعمار”. كانت مصادر حمساوية ومصرية كشفت، في وقت سابق، عن أن وفد “حماس” الموسع، الذي أنهى، الخميس الماضي، زيارة للقاهرة، دخل في مناقشات موسعة مع المسئولين في جهاز الاستخبارات العامة، وعلى رأسهم مدير الجهاز اللواء عباس كامل، دارت في مجملها حول ملفات متعلقة بسيناريوهات التحرك في ملف التهدئة بسيناريو جديد يضمن عدم تجميدها، ولا يتسبب في استفزاز السلطة الفلسطينية ورئيسها في الوقت ذاته. ووصل وفد “حماس” إلى القاهرة في أعقاب رحلات مكوكية لأطراف الصراع الفلسطيني بين القاهرة ورام الله وغزة، إذ زار وفد من حركة “فتح”، بقيادة رئيس اللجنة المركزية للحركة عزام الأحمد، القاهرة أعقبتها زيارة قام بها وفد أمني من جهاز الاستخبارات العامة المصري لقطاع غزة، التقى خلالها قيادة حركة “حماس” هناك، قبل أن يوجه لهم دعوة رسمية لزيارة القاهرة، لاستكمال مشاورات التهدئة والمصالحة الداخلية.