تمكين حكومة «الحمد الله» من القطاع ورفع العقوبات تهمين على تحركات مصر لتسوية الخلافات جولات مكوكية لمسئولين مصريين للوصول لتوافق حول الأجهزة الأمنية ومنظمة التحرير والبرنامج السياسي للحكومة الفلسطينية تسابق السلطات المصرية الزمن؛ لإزالة جميع العقبات أمام تطبيق جميع بنود اتفاق المصالحة الفلسطينية، الذي وقعته حركتا "فتح" و"حماس"، برعاية مصرية منذ أسبوعين، منهيًا انقسامًا فلسطينيًا تجاوز عقدًا كاملاً، بالاتفاق على تسلم حكومة الوفاق الفلسطينية السيطرة على قطاع غزة، وعلى المعابر الفاصلة بينه وبين إسرائيل ومصر، تمهيدًا لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في القطاع، فضلاً عن شراكة سياسية بين الحركتين. وعلى الرغم من أجواء التفاؤل التي سادت الساحة الفلسطينية عقب توقيع اتفاق المصالحة وصدور ردود فعل سياسية داعمة لها، إلا أن هذه الأجواء المشجعة لاتبدو وحدها كافية لتشير إلى أن الفلسطينيين قد طووا صفحة الانقسام بعد وأن مناخ الشك الذي حكم العلاقة بين الحركتين قد ولّى للأبد. إذ تواجه المصالحة عراقيل، وفي مقدمتها وضع المؤسسة الأمنية في غزة وطبيعة الدور الذي تلعبه حركة "حماس" مستقبلاً في القطاع، لاسيما أن قرار الرئيس محمود عباس بفتح باب التجنيد في غزة، بحسب ما أعلنه عضو مركزية فتح حسين الشيخ قد أثار اعتراض كثير من رموز "حماس". وعززت الدعوة أجواء الشكوك حول الملف الأمني مع الإعلان عن وصول وفد أمني رفيع من الضفة الغربية لقطاع غزة للإشراف على مساعي إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية، تزامنًا مع الشروط التي وضعها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو؛ للقبول بالمصالحة والتعامل مع الحكومة الفلسطينية التي ستولد من رحمها؛ وأهمها الاعتراف بإسرائيل ونزع سلاح حركات المقاومة، وهو ما تكرر على لسان المبعوث الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط. فيما رد زعيم "حماس" في غزة، الذي رفض هذه الشروط، قائلاً إن "زمن مطالبة حماس بالاعتراف بإسرائيل قد ولّي، وإن السؤال الوحيد المطروح هو متى ستزيح حماس الاحتلال الإسرائيلي من الوجود"، وهو موقف ينبئ بأن ملفات العلاقات مع إسرائيل واعتراف حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية المرتقبة بها والملف الأمني سيتحول إلى قنبلة موقوتة تهدد بالانفجار في أي لحظة، خصوصًا أن هناك شكوكًا في قدرة حكومة عباس على مواجهة الضغوط الإسرائيلية الأمريكية. محاولات إسرائيل لوضع العراقيل أمام المصالحة الفلسطينية لم تقف عند هذا الحد، فقد أكدت مصادر أمنية وإعلامية وإسرائيلية واسعة الاطلاع أن هناك تصميمًا من "حماس" على التمسك بشرط الانضمام لمنظمة التحرير الفلسطينية، كمقدمة لرغبة في الوصول بزعيمها السابق ورئيس مكتبها السياسي خالد مشعل إلى رئاسة السلطة بعد مقارعة عباس في الانتخابات الرئاسية القادمة، وهي الأنباء التي لم تعلق عليها "حماس" ولا مصادرها بالنفي أو التأكيد. وهو ما أثار الشكوك داخل حركة "فتح" حول نوايا "حماس" من وراء دعم ملف المصالحة، ورغبتها في الهيمنة في المشهد الفلسطيني عبر صناديق الاقتراع بعد أن أخفقت في ذلك بلغة القوة. فيما توقعت مصادر دبلوماسية أن تسهم هذه الشكوك في تعزيز موقف الجناح المتحفظ داخل "فتح" على المصالحة مع، وهو الجناح الذي مازال متمسكًا بشروط تمكين حكومة الحمد الله من مفاصل القطاع المتحفظ بشدة على طلبات "حماس" برفع العقوبات عنها، ورفض السلطة تسديد الرواتب لموظفيها. وجاء ذلك على الرغم من وصول اتفاق القاهرة لتسوية حول ملف الموظفين الذين جري تعيينهم في مؤسسات القطاع خلال سيطرة الحركة على القطاع. يأتي هذا في الوقت الذي تحدثت فيه مصادر مطلعة عن وجود عدد من ملفات الخلاف بين الطرفين، منها ما أسمته ب "البنود السرية" في اتفاق القاهرة فيما يتعلق بالشراكة بين الحركتين، فيما يتعلق بالعلاقة مع إسرائيل. إذ اشترطت "حماس" إشراكها بشكل أو بآخر في أي مفاوضات مع إسرائيل، والعودة إليها عند اتخاذ أي قرارات إستراتيجية، وهو ما ردت عليه "فتح" بمطالبتها بضرورة التوقف عن القيام بأي هجمات على إسرائيل بشكل أحادي، فضلاً عن إدماج الحركة داخل مؤسسات منظمة التحرير، وهي قضايا قد تثير قلاقل عند تطبيق مقررات المصالحة على أرض الواقع. وقال الدكتور طارق فهمي، مدير وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط في تصريحات إلى "المصريون"، إن "هناك مشاورات مصرية مع كل من حماس وفتح وفق الجدول الزمني لتنفيذ الاتفاق، لاسيما فيما يتعلق بأحكام سيطرة حكومة الحمد الله على القطاع وإشرافها على المعبر وحلحلة أي مشاكل طارئة قد تعرقل تسوية الخلافات". ولم يستبعد فهمي قيام موفدين مصريين بزيارة غزة ورام الله؛ للبحث في تنفيذ بنود الاتفاق بشكل عملي وحل بعض الملفات العالقة، ومنها رفع العقوبات على قطاع، غزة وهيكلة الأجهزة الأمنية، ودمج "حماس" داخل أطر منظمة التحرير الفلسطينية في إطار سعي القاهرة، لتهيئة كل شروط النجاح لحضور الفصائل الفلسطينية حوار القاهرة خلال المرحلة القادمة. وبدا فهمي واثقًا من قدرة مصر على وضع المصالحة الفلسطينية في الطريق في ظل إعلان حركتي فتح وحماس سعيهما الجاد لطي الخلافات جانبًا وامتلاك القاهرة لكل سبل التأثير على الطرفين، مؤكدًا أن ملفات الانتخابات التشريعية والرئاسية وتشكيل الحكومة الفلسطينية وبرنامجها السياسي وهيكلة منظمة التحرير الفلسطينية وقضايا أخرى ستكون على رأس ملفات الحوار الذي سيضم كل الفصائل الفلسطينية لضمان توحيد الصف الفلسطيني وتجاوز السنوات العشر التي خسرت فيها القضية الكثير.