جامعة القاهرة تكمل استعداداتها لبدء ماراثون امتحانات نهاية العام الجامعي لنحو 270 ألف طالب    رئيس النواب يفتتح أعمال الجلسة العامة    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    مفاجأة في سعر الدولار رسميا الآن في البنوك    أسعار المكرونة اليوم الأحد 19-5-2024 في أسواق ومحال في محافظة المنيا    صعود سعر الفراخ البيضاء الآن.. أسعار الدواجن اليوم الأحد 19-5-2024 للمستهلك (تحديث)    وزير التعليم العالي يلتقي بوفد جامعة إكستر البريطانية لبحث وتعزيز التعاون المُشترك    «جولدمان ساكس» يتوقع خفض المركزي المصري أسعار الفائدة 150 نقطة أساس    الأحد 19 مايو 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم    الديوان الملكي السعودي: خادم الحرمين الشريفين يجري فحوصات طبية في قصر السلام    شرطة الاحتلال الإسرائيلية تعتقل عددا من المتظاهرين المطالبين بعزل نتنياهو    الأمور تشتعل.. التفاصيل الكاملة للخلافات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي    إعلام روسي: هجوم أوكراني ب6 طائرات مسيرة على مصفاة للنفط في سلافيانسك في إقليم كراسنودار    مفاجأة في تشكيل الزمالك المتوقع ضد نهضة بركان بإياب نهائي الكونفدرالية    وصول بعثة الأهلي إلى مطار القاهرة بعد مواجهة الترجي    بحضور وزير الشباب والرياضة.. تتويج نوران جوهر ودييجو الياس بلقب بطولة CIB العالم للإسكواش برعاية بالم هيلز    بالأسماء.. التصريح بدفن ضحايا حادث تصادم الدائري بالقليوبية    موعد عيد الأضحى 2024 وجدول الإجازات الرسمية في مصر    حملات على حائزي المخدرات تضبط 40 قضية في الشرقية وجنوب سيناء    اختل توازنها.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الثالث بأوسيم    النيابة تحيل عصابة سرقة إطارات السيارات في الحي الراقي للمحاكمة    لهذا السبب.. صابرين تتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    أخبار جيدة ل«الثور».. تعرف على حظك وبرجك اليوم 19 مايو 2024    بيت الأمة.. متحف يوثق كفاح وتضحيات المصريين من أجل استقلال وتحرير بلادهم    منها «تناول الفلفل الحار والبطيخ».. نصائح لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة    كشف تفاصيل صادمة في جريمة "طفل شبرا الخيمة": تورطه في تكليف سيدة بقتل ابنها وتنفيذ جرائم أخرى    كوريا الجنوبية تستضيف وفدا أمريكيا لبحث تقاسم تكاليف نشر القوات الأمريكية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    مسيرات حاشدة في باريس لإحياء ذكرى النكبة والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة    القناة الدولية الأهم التى تحمل القضية المصرية والعربية: أحمد الطاهرى: «القاهرة الإخبارية» صاحبة الرؤية الموضوعية فى ظل ما أفسده الإعلام العالمى    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    حديث أفضل الأعمال الصلاة على وقتها.. الإفتاء توضح المعنى المقصود منه    الدفع بمعدات لإزالة آثار حريق اندلع في 10 أكشاك بشبرا الخيمة    «الصحة» توجه عدة نصائح مهمة للمواطنين بشأن الموجة الحارة    دراسة طبية تكشف عن وجود مجموعة فرعية جديدة من متحورات كورونا    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    برنامج واحد من الناس يواجه أحمد ماهر بابنه لأول مرة على قناة الحياة غداً الإثنين    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    ظاهرة عالمية فنية اسمها ..عادل إمام    خبير اقتصادي: صفقة رأس الحكمة غيرت مسار الاقتصاد المصري    الخارجية الروسية: مستقبل العالم بأسرة تحدده زيارة بوتين للصين    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    بن حمودة: أشجع الأهلي دائما إلا ضد الترجي.. والشحات الأفضل في النادي    "التنظيم والإدارة" يكشف عدد المتقدمين لمسابقة وظائف معلم مساعد مادة    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    محمد يوسف: محمد صلاح عالمي وينبغي أن يعامله حسام حسن بشكل خاص    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    عماد النحاس: كولر أدار المباراة بشكل متميز.. وغربال كان متوترًا    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    مدافع الترجي: حظوظنا قائمة في التتويج بدوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد سنوات من الانقسام..
نشر في محيط يوم 28 - 04 - 2014

طوق النجاة للفلسطينيين تجسد الآن في "المصالحة الفلسطينية" و"الوحدة الوطنية" وإنهاء الانقسام، فبعد فشل خيار المفاوضات مع إسرائيل بالنسبة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، واستمرار الحصار والتضييق على حركة حماس في قطاع غزة، جاءت المصالحة في قرار مفاجئ أربك كافة الأوساط السياسية سواء داخلياً أو خارجياً، فبين التفاؤل والأمل والخوف من المستقبل الغامض كانت ردود الأفعال.
المصالحة الفلسطينية التي تربعت على العرش الآن بعد سبع سنوات من الانقسام، كانت المفاجئة التي عصفت بآمال إسرائيل وإحباط لجميع الخطط الخارجية التي تستهدف فلسطين، والآن الجميع ينتظر المصير المنتظر لهذه المصالحة والكثيرون يتساءلون هل سترى هذه المصالحة مصير ما سبقها أم ستكون بداية جديدة سيودعون بها سنوات الانقسام؟.
ولهذه المخاوف والتساؤلات كان تشديد الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين على أن آليات التنفيذ المباشرة والملموسة الفورية للشعب الفلسطيني وكل الفصائل والقوى السياسية والمجتمعية الفلسطينية هي ضرورة لاختزال الزمن، وإنقاذ المشروع الوطني بتقرير المصير وإقامة الدولة على حدود الرابع من يونيو لعام 67 وعاصمتها القدس المحتلة إضافة إلى حق العودة للاجئين وفق القرار 194 والخلاص من تداعيات الانقسام المدمر والعبثي وكل ضغوطات دولة الاحتلال واستعمار الاستيطان.
وداعاً سنوات الانقسام
وبداية نتوقف عن المشهد الذي غاب عن الأعين منذ سبع سنوات أي بداية الانقسام في منتصف يونيو عام 2007، فوسط مراسم استقبال رسمية وحفل استقبال كبير، كان لقاء وفدا المصالحة الفلسطينية الذي وقع في مخيم الشاطئ بغزة قبل أيام، وأعلنا انتهاء سنوات الانقسام الفلسطيني في مؤتمر صحفي.
وقد ألقى الكلمة الرئيسية في المؤتمر رئيس وزراء حكومة حماس المقالة إسماعيل هنية، حيث أعلن خلاله أن الاجتماعات بين حركة فتح وحركة حماس في قطاع غزة انتهت إلى اتفاق على تنفيذ سبل المصالحة بين الطرفين، مؤكداً أن مصر ستعلب دور الراعي والضامن للاتفاق.
وأوضح هنية أن الاجتماعات التي عقدت بين الطرفين سادتهما روح التوافق وتغليب مصلحة الوطن، كما كشف عن وضع جداول زمنية دقيقة لتنفيذ المصالحة، مضيفاً أنه تم التأكيد على الالتزام بما تم الاتفاق عليه في اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة واعتبارهما المرجعية عند تنفيذ المصالحة.
ومن أهم بنود الاتفاق أن الرئيس الفلسطيني سيجري مشاورات تشكيل حكومة التوافق الوطني، على أن تُعلن خلال 5 أسابيع.
كما تم الاتفاق على أن تتزامن الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، على أن يخول الرئيس بتحديد موعد الانتخابات بالتشاور مع القوى الوطنية، وتجرى الانتخابات بعد 6 أشهر على الأقل من تشكيل الحكومة.
وتضمن الاتفاق أيضاً عقد لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية لممارسة مهامها المنصوص عليها في الاتفاقات في غضون 5 أسابيع، كما تم الاتفاق على الاستئناف الفوري للجنة المصالحة المجتمعية ولجانها الفرعية استنادا إلى ما تم الاتفاق عليه في القاهرة وتطبيق ما تم الاتفاق عليه بخصوص ملف الحريات العامة ودعوة لجنة الحريات العامة في الضفة والقطاع لاستئناف عملها فورا وتنفيذ قراراتها.
كما نص الاتفاق على التأكيد على حل كافة الملفات والقضايا العالقة، ومن بينها ملف الموظفين سواء الجالسين في بيوتهم بعد الانقسام والتابعين لحكومة رام الله، أو الجدد الذين عينّتهم حكومة غزة، حيث سيتم دمجهم وفق اعتبارات تحددها اللجان المختصة.
وقد سبق أن توصلت الحركتان لاتفاقيتين للمصالحة الأولى في مايو 2011 برعاية مصرية والثانية في فبراير 2012 برعاية قطرية لتشكيل حكومة موحدة مستقلة تتولى التحضير للانتخابات العامة ، غير أن معظم بنودهما ظلت حبرا على ورق.
المصالحة والمفاوضات
ولأن الحديث عن اتفاق المصالحة أثار مخاوف وهواجس إسرائيلية كبيرة، جاءت تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه لا يوجد أي تناقض بين المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية والمصالحة الوطنية، مؤكداً في بيان رسمي صدر عنه أنه ملتزم بإقامة سلام عادل قائم على أساس حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية.
كما أكد عباس أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن حكومة التوافق الوطني الفلسطينية التي سيشكلها بعد توقيع اتفاق المصالحة ستعترف بإسرائيل والاتفاقات الدولية وتنبذ العنف.
وأضاف عباس أن مصلحة الشعب تتطلب الحفاظ على وحدة الأرض والشعب معا، قائلا: "إن المصالحة ستساهم في تعزيز إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".
وقال عباس: "إن هذه الحكومة ستكون حكومة "تكنوقراط مستقلين" تتولى مهمة الإعداد للانتخابات".
وقال عباس: "الحكومة المقبلة ستأتمر بسياستي وأنا أعترف بدولة إسرائيل وأنبذ العنف والإرهاب، ومعترف بالشرعية الدولية وملتزم بالالتزامات الدولية والحكومة ستنفذها".
وجدد عباس رفضه الاعتراف بإسرائيل "دولة يهودية"، فقال "لن نقبل أبدا الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية"، وهذا ما اعتبرته إسرائيل "رصاصة الرحمة على المفاوضات".
وأوضح عباس قائلا: "بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عاد إلى إسرائيل نحو مليون روسي من بينهم مسلمون ومسيحيون وأصبحوا مواطنين في إسرائيل يصلون في المساجد والكنائس"، وقال "فكيف يطلب منا الاعتراف بدولة يهودية، لا فلن نقبل بالاعتراف بالدولة اليهودية".
وأكد عباس أنه لا دور للحكومة الفلسطينية فيما يخص المفاوضات مع إسرائيل، مشيرا إلى أن هذه المهمة إنما هي من مهام منظمة التحرير الفلسطينية.
وبشأن تمديد المفاوضات، أعلن الرئيس الفلسطيني موافقة مشروطة بمدة ثلاثة أشهر ووقف كامل للاستيطان والإفراج عن دفعة الأسرى الأخيرة، وغير ذلك نقول لإسرائيل «تفضلي وتسلمي مسئولياتك»، ملوحاً بحل السلطة إذا رفض هذا العرض.
واعتبر عباس أن خطوة المصالحة المدعومة عربيا ودوليا ستعزز من قدرة المفاوض الفلسطيني على إنجاز حل الدولتين، وهو الأمر الذي ينسجم تماما مع مبادرة السلام العربية واتفاقيات مكة والدوحة والقاهرة، ومع الشرعية الدولية وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012 والذي اعترف بدولة فلسطين بصفة مراقب على حدود عام 1967.
"الاعتراف" مرفوض
وحول الاعتراف بإسرائيل، كان النفي القاطع لحسام بدران المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الخارج، حيث أكد أن الحركة لا تعتزم "الاعتراف بإسرائيل".
وقال بدران: "نحن في حماس نؤكد على أن مسالة الاعتراف بشرعية إسرائيل أمر مرفوض بالنسبة لنا، وغير قابل للنقاش، بل إنه مرفوض لدينا منهجا وتأصيلا".
وأضاف أن مبدأ الرفض بالنسبة لنا يمتد إلى عدم قبول الحركة مناقشته مع أي طرف داخلي وخارجي، كما أنه ليس مجالا للحوار الفلسطيني، لأنه "مقطوع لدينا لموانعه الشرعية والأخلاقية ، كما أنه جريمة من الناحية السياسية".
وتابع بدران أن اعتراف منظمة التحرير من قبل بإسرائيل "لم يجلب لشعبنا أي منجزات بل أضاف شرعية للاحتلال دوليا وإقليميا". وأوضح بدران أن شروط اللجنة الرباعية "يرفضها شعبنا ونحن في حماس لم تفلح معنا سنوات الحصار أو الحروب على غزة في إجبارنا على القبول بها".
الإرهاب الحقيقي
وبالتوقف عن "الإرهاب" الذي تعلق عليه إسرائيل أسباب رفضها لهذه المصالحة، يتوقف حسام بدران لتصحيح المفاهيم، حيث حمل الاحتلال الإسرائيلي المسئولية الكاملة عن كل إجرام "حماس" وعلى المجتمع الدولي أن يوجه ضغوطه نحو الجلاد وليس نحو الضحية".
واتفق معه في الرأي الدكتور صائب عريقات عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي دافع عن "حماس" التي تتهمها إسرائيل "بالإرهاب" بأنها حركة وطنية وليست منظمة إرهابية، مؤكدا أن الإرهاب الحقيقي هو الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي.
واتهم عريقات إسرائيل في تصريحات نقلتها صحيفة "يديعوت احرنوت" الإسرائيلية "بأنها ليست معنية بحل الدولتين ولا تعترف بدولة فلسطينية على حدود العام 1967".
أما فالمتحدث باسم "حماس" في غزة فوزي برهوم فرأى في تصريحات للصحافة أن ردود الفعل الأمريكية والإسرائيلية تؤكد أنهما يريدان الإبقاء على حالة الانقسام الفلسطيني من أجل تنفيذ المشروع الصهيو أمريكي المبني على أساس استكمال أركان الدولة اليهودية.
واعتبر أن ردة الفعل تلك تؤكد أن الرهان على السلام مع إسرائيل أو الوساطة الأمريكية رهان خاسر، داعيا الفلسطينيين للإسراع بتحقيق المصالحة باعتباره الرد الأمثل على مواقف الطرفين الإسرائيلي والأمريكي.
مصالح خارجية
وكما تحقق هذه المصالحة على أرض الواقع المصلحة الوطنية الفلسطينية دون أدنى شك، رأى الكاتب المهندس عماد عبد الحميد الفالوجي رئيس مركز آدم لحوار الحضارات الفلسطيني، أنها أيضاً ستحقق مصالح خارجية لبعض الجهات المعنية بالقضية الفلسطينية والقريبة منها.
وذكر الفالوجي لوكالة "سما" الإخبارية، أن الطرف الأكثر تأثرا هو النظام المصري الجديد، حيث إن تحقيق المصالحة الفلسطينية سيفكك إلى حد كبير تعقيدات العلاقة بين مصر وقطاع غزة وسيكون المخرج المناسب للخروج من الأزمة الحالية في العلاقة مع حركة حماس، حيث لم تعد حكومة حماس هي الحاكمة رسميا لقطاع غزة بل حكومة الوفاق الوطني برئاسة الرئيس محمود عباس وهذا سيسهل ويبرر لمصر اتخاذ خطوات مساندة لدعم الاتفاق الفلسطيني وقد يكون السلم الأفضل لتفكيك هذا الملف خاصة وأن شرط مصر الأساسي قد تحقق من خلال خروج حماس من الحكومة القادمة .
والطرف الثاني الأكثر تأثرا هو الكيان الإسرائيلي فإن المصالحة ستضع العلاقة مع السلطة الفلسطينية في مربع جديد بعيدا عن المربع التي وصلت إليه المفاوضات الفاشلة والطريق شبه المسدود بين الطرفين، فإن المصالحة الفلسطينية ستفرض علاقة جديدة ولغة مختلفة عن السابق بل ستعمل المصالحة على التغطية شبه الكاملة عن الفشل السياسي الذي أصاب طرفي التفاوض وسينشغل الجمهور الفلسطيني والإسرائيلي لفترة من الزمن في مناقشات وسجالات أبعاد المصالحة على الواقع الجديد وسيحاول كل طرف الاستفادة من هذا المتغير – الغير مفاجئ للمراقبين.
وأضاف الفالوجي أن الكيان الإسرائيلي سيعمل كعادته على الاستفادة من الواقع الجديد - في حال نجاح تحقيق المصالحة الفلسطينية على أرض الواقع وتنفيذ بنودها كما تم الاتفاق عليه – من خلال الإدعاء بأن مشاركة حماس في المؤسسات الرسمية الفلسطينية دونما المساس بأسس العملية التفاوضية وعدم التخلي عن التنسيق الأمني – كما أعلن الرئيس محمود عباس – فهذا يعني مشاركة وتأييد أغلبية الشعب الفلسطيني لأي اتفاق سيتم إنجازه في وقت لاحق ، ويكون الانقسام الفلسطيني الذي لعب الكيان الإسرائيلي الدور الأبرز في ترسيخه قد حقق أهم أهدافه وهو نقل القوى الأساسية للشعب الفلسطيني إلى الملعب السياسي ومغادرة هذه القوى بشكل غير رسمي مربع المقاومة، أو يمكن القول ترسيخ قبول فكرة حل الدولتين عند غالبية الشعب الفلسطيني .
والطرف الخارجي الثالث فهو حلفاء طرفي الانقسام في العالم العربي والإسلامي والدولي فإن المصالحة سترفع عن هؤلاء الحرج في دعم طرف دون الآخر خاصة وأن بعض هؤلاء الحلفاء المصطنعين فد انتهى دور غالبيتهم في اللعبة السياسية ولا يعرفون كيف يعلنون انتهاء هذا الدور المشبوه فإن المصالحة ستعطيهم حبل النجاة والخروج من لعبتهم بحفظ ماء الوجه .
ولاشك أن المنطقة الغربية بشكل عام تمر بمنعطف ومتغير كبير سيضرب أسس الفكر والثقافة التي كانت سائدة قبل ما يسمى بالربيع العربي وسيتحول الفكر نحو التعاطي مع الواقع المفروض بعد الوصول الى قناعة فقدان القدرة على التغيير المطلوب .
استقالة ومصداقية
وفي خطوة قد تمهد الطريق أمام تأليف حكومة وحدة تم الاتفاق عليها بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "حماس" جاءت استقالة رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله.
ومن جانبها اعتبرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن تقديم حكومة رامي الحمد استقالتها خطوة للأمام لإسقاط الانقسام، داعية حكومة حماس لفعل الشيء ذاته وتقديم استقالتها للرئيس عباس.
ودعت الجبهة ، في بيان لها، الرئيس عباس إلى المباشرة بتشكيل حكومة التوافق الوطني من شخصيات مستقلة تتحمل مسئولية حل تداعيات الانقسام والإشراف على انتخابات مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية بالتمثيل النسبي الكامل.
وقالت: "إن هذه الخطوات العملية الملموسة هي لإعطاء مصداقية لاتفاق إنهاء الانقسام الأخير بين وفد منظمة التحرير الفلسطينية وحماس الأسبوع الماضي وقطع الطريق على حقول الألغام الداخلية منذ سنوات الانقسام المدمر حتى الآن".
وحول ضغوط وشروط حكومة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، أشارت الجبهة أنها تهدف إلى استمرار وتعميق الانقسام والتلاعب بالتناقضات الداخلية. ولكن هذه المصالحة أغلقت جميع طرق المماطلة أمام إسرائيل، ووضعت حلاً واحداً وشرطاً جديداً لاستئناف عملية المفاوضات من جديد - إذا كانوا يسعون حقاً لإتمامها، وهو أن يقبل كلاً من الولايات المتحدة وإسرائيل بأنه لا تناقض بين عملية المفاوضات والمصالحة.
مصير منتظر
ولأن هذه المصالحة جاءت في خطوة مفاجئة وسريعة، طلب الرئيس عباس من الجميع توقع أشهر صعبة سياسيا وماليا، وقال: "إنه على الرغم من الحصار السياسي والمالي المتوقع، فإنه ماضٍ في تشكيل حكومة وحدة مع حركة حماس، وإجراء انتخابات عامة".
وكان توقع الرئيس بأشهر مقبلة صعبة، استكمالاً لحالة القلق الذي انتاب الكثيرون من المصير المنتظر للبلاد، خاصة وأن اتفاق المصالحة لم يحسم كل الأمور العالقة بين الطرفين، فما تم حسمه في اجتماعات المجلس المركزي، القضايا المتعلقة بالمفاوضات والمصالحة والانتخابات، بينما تم إرجاء حسم مسائل حل السلطة الفلسطينية وإعلان الدولة ووقف التنسيق الأمني مع إسرائيل.
وكان المصير المنتظر لهذه المصالحة، محل نقاش وجدل كبير بين الخبراء والمحللين المهتمين بالشأن الفلسطيني فبين من يرى أن الفشل ينتظرها، وهناك من يرى أن الطرفين سيبذلان جهدهما وسيقدمان تنازلات لإتمامها، وهناك مساعي وجهود إسرائيلية لإجهاض هذه المصالحة. ووسط حالة التوقعات هذه تتواصل آمال الفلسطينيون للخروج بأقل الخسائر والعودة إلى دولة غير محتلة، كما تواصلت شكوك الشارع الفلسطيني بالمصير الغامض.
فالشارع الفلسطيني سادته حالة من الشك والخوف من خيبة أمل جديدة خاصة وانه جرى التوقيع والتفاهم على التنفيذ في مرات سابقة إلا انها ظلت حبرا على ورق.
وعبر فلسطينيون عاديون في الضفة الغربية عن تشاؤمهم من إمكانية تحقيق المصالحة هذه المرة، رغم ما أبدته أطراف قيادية فلسطينية من تفاؤل غير مسبوق من إمكانية إنهاء الانقسام المتواصل منذ عام 2007.
والآن بين التفاؤل والشك الجميع ينتظر مصير المصالحة الفلسطينية هل سينجح عزم طرفي الانقسام والدعم العربي والغربي والاسلامي في اتمامها؟ أم ستستطيع إسرائيل انجاز محاولاتها لإحباط وإفشال هذه المصالحة؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.