مازالت أصداء المصالحة الفلسطينية تتردد فى العالم وتباينت ردود الفعل الدولية بين ترحيب وتهديد، فبينما رحبت مصر باتفاق المصالحة بين فتح وحماس وأعربت عن أملها فى أن يؤدى إلى دعم الموقف الفلسطينى فى المفاوضات والحصول على حق تقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة. حذرت أمريكا وهددت بمراجعة المساعدات والمعونات التى تقدمها للفلسطينيين وأكدت الخارجية الأمريكية أنها لن تعترف بالحكومة الموحدة بين «فتح وحماس إلا إذا أعلنت بوضوح تام رفضها ونبذها العنف وتعترف صراحة بدولة إسرائيل، وتقبل كل الاتفاقيات والالتزامات السابقة. ويأتى ذلك وسط ترحيب كبير من قيادات فتح وحماس بالموقف المصرى حيث وقال عزام الأحمد القيادى فى حركة فتح ورئيس وفد المفاوضات، إن الحكومة المصرية وعدت بفتح معبر رفح بشكل دائم فى حال اتفاق حركتى فتح وحماس على تشيكل حكومى وفاق وطنى حسب بى بى سى. يأتي ذلك عقب توقيع اتفاق مصالحة بين فتح وحماس أمس الأول في غزة يقضي بتشكيل حكومة توافق وطني وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمجلس الوطني الفلسطيني في موعد غايته 6 أشهر. قالت مصادر قيادية داخل حركتي «فتح وحماس» إن هناك حالة من الترقب والحذر الشديدين داخل الشارع الفلسطيني في انتظار النتائج النهائية التي ستسفر عنها اجتماعات المصالحة الدائرة الآن بقطاع غزة بين حركتي فتح وحماس. وقال الدكتور جهاد الحرازين- رئيس دائرة التعبئة الفكرية والإعلام لحركة فتح بالقاهرة «سابقاً» إن الرئيس محمود عباس قدم كل ما يمكن تقديمه من دعم ومواقف سياسية من أجل إتمام المصالحة الفلسطينية متحدياً جميع الضغوط الدولية والإسرائيلية التى حاولت أن تضع عراقيل وشروطاً فى وجه تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية. ومن جانبه، أعلن المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية «حماس» فوزي برهوم: إن «إعلان غزة» أعاد الاعتبار للقضية الفلسطينية ونقطة تحول هامة وتاريخية في تاريخ الشعب الفلسطيني». وأكَّد برهوم أن «هذا الإعلان تقويم وتصحيح لمسار الوضع الفلسطيني الداخلي، وتأسيس لشراكة وطنية حقيقية». وأكدت مصادر داخل حركة فتح أن هناك مجموعة من الملفات لم يتم الوصول إلي تفاهمات بشأنها فيما يخص المصالحة الفلسطينية بين «فتح وحماس» معربة عن تفاؤلها بالوصول إلي تفاهمات خلال الجلسات القادمة، مشيرة إلى أن السياسة الخارجية لدولة فلسطين سوف تحددها منظمة التحرير الفلسطينية التي اختارت الرئيس محمود عباس أبومازن ليكون معبراً عنها وعلي من يريد الدخول في منظمة التحرير الفلسطينية أن يلتزم بالخط العام للمنظمة طالما يريد الانضواء تحت لوائها. وقالت مصادر داخل حركة حماس، إن هناك ملفات لانعرف حتي الآن كيف سيكون التفاهم بشأنها -لاسيما- أنها تتعلق بالجانب الإسرائيلي، فيما يخص عملية السلام فهل ستوافق حركة حماس علي التعامل مع مفهوم السلام بمنطق السلطة الفلسطينية خاصة أن العقيدة الحمساوية ترفض التفاهمات مع الكيان الصهيوني، قبل تحرير الأراضي الفلسطينية حيث يضعها ذلك في مأزق أمام قواعدها، أم ستنجح حركة المقاومة في فرض مفهومها عن السلام مع الجانب الإسرائيلي وبالتالي فإن مسألة المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي ستكون أقرب مما نتخيل جميعاً. وأكد الدكتور موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» أن الفصائل الفلسطينية ستتجاوز كل العقبات التي ستقف في وجه تطبيق المصالحة. وقال أبو مرزوق أمس الخميس، عقب الإعلان عن إنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني: «لابد من وجود الكثير من الصعوبات؛ لأن كل يوم مر على الانقسام كان يزيد من العقبات ولكن نستطيع تجاوزها بوحدتنا وإرادتنا». وشدّد أبومرزوق في تصريحات للموقع الإلكتروني لحركة حماس على أن الاتفاق لا يعني شيئاً إذا لم يتحقق على أرض الواقع، مبيناً أن تهديدات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الأخيرة للرئيس عباس ليست جديدة. وأضاف: «تهديدات الاحتلال ليست جديدة، فهم منذ اليوم الأول للحوارات أطلقوا التهديدات إما مصالحة حماس أو «إسرائيل»، كما أن تهديدات الولاياتالمتحدة بمنع مساعدة ميزانية السلطة لن تحيدها عن المصالحة». ولفت أبو مرزوق إلى أن الاتفاق لابد أن يشكل منعطفاً جديداً حتى يسير الشعب باتجاه الوحدة، موضحاً أن الضاغط الأكبر لنجاح الاتفاق هو الشارع الفلسطيني الذي ينادي بنجاحه ووقف الانقسام. وتابع: «إذا بقينا أسرى لأعدائنا، لن نصل لاتفاق فيه مصلحة لشعبنا، لأن مصالحنا لا تجتمع مع مصالح عدونا». وفى رد فعل إسرائيلى أكد إيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل السابق فى كلمته أمام منتدى الإعلام الأورو آسيوى فى كازاخستان – أن الاتفاق الذى تم بين فتح وحماس كان مفاجأة لنا خاصة أنه جاء قبل المفاوضات الفلسطينية –الإسرائيلية، مشيرا إلى أن حماس لا ترغب فى السلام بل محاربته. وقال لابد إن تقبل حماس كافة الاتفاقيات التى تمت مع السلطة الفلسطينية وبعدها يمكن أن يتغير الموقف وأن حل إقامة الدولتين هو الأفضل لصالح الجميع، خاصة أن بعض الإسرائيليين لا يثقون بما يحدث بين فتح وحماس ويعتقدون أنه خدعة. وأضاف باراك أن حماس لن تحصل على دعم من مصر فى حال فوز السيسى بالرئاسة وسوف تنعزل تماما، مؤكدا أن أحدا لا يستطيع التنبؤ بما سوف يحدث غدا فالرئيس الأسبق حسنى مبارك كان صديقا لنا جند أكثر من 500 ألف رجل أمن، ولكنهم لم يستطيعوا إخباره بما حدث. وأشار إلى أن مصر الآن تعانى من صراع بين الإخوان المسلمين والجيش وبالتالى لايمكن لها فى هذه الظروف أن تساعد فى عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وفى أمريكا أعلن مسئول كبير أن الولاياتالمتحدة سيتعين عليها إعادة النظر في مساعدتها للفلسطينيين إذا شكلت منظمة التحرير الفلسطينية التي تقودها حركة فتح حكومة مع حركة المقاومة الإسلامية «حماس». وأضاف المسئول رافضا ذكر اسمه «أي حكومة فلسطينية يجب ان تلتزم بلا غموض وبوضوح بنبذ العنف والاعتراف بدولة اسرائيل وقبول الاتفاقات السابقة والالتزامات بين الطرفين في المحادثات الاسرائيلية الفلسطينية». وكانت الولاياتالمتحدة واسرائيل قد أعربتا عن خيبة أمل ازاء اعلان اتفاق المصالحة. وألغت اسرائيل جلسة محادثات مع الفلسطينيين كانت مقررة أول أمس، حيث تصف أمريكا حماس بأنها منظمة إرهابية. وكشفت مصادر اسرائيلية عن اجتماع طارئ لمجلس الوزراء الإسرائيلي الأمني المصغر ، لبحث رد إسرائيل على إعلان المصالحة الفلسطينية. وكانت حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو قد خيرت الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبومازن» بين السلام مع إسرائيل والمصالحة مع حماس. واكد النائب تساحي هنجبي المقرب من نتنياهو ان اسرائيل لا تعتزم انهاء مفاوضات السلام التي اطلقت في يوليو 2013 برعاية امريكية،والتي من المفترض ان تنتهي في 29 من الشهر الحالي. وقال هنجبي «لا مصلحة لاسرائيل ان تكون هي من يعلن فشل الحوار مع الفلسطينيين، بل سيكون من الافضل لها ان يقوموا هم بذلك». وأعرب وزير الخارجية الاسرائيلي افيجدور ليبرمان زعيم حزب اسرائيل بيتنا القومي المتطرف عن اعتقاده باستحالة التوصل لاتفاق مع اسرائيل طالما تحالفت السلطة الفلسطينية مع حماس. ونقل عن مسئول إسرائيلي رفيع المستوى أن نتنياهو أكد لكيري أن من يعقد مصالحة مع حماس التي تسعى لتدمير إسرائيل لا يمكن أن يحقق سلاما مع إسرائيل. ونقلت «هاآرتس» عن مسئول بارز في الإدارة الأمريكية أن الولاياتالمتحدة تعترف بحكومة الوحدة الفلسطينية المتوقع تشكيلها بناء على اتفاق المصالحة فقط في حالة اعترافها بإسرائيل ونبذها العنف والتزامها بالاتفاقات السابقة التي وقعت عليها منظمة التحرير الفلسطينية. وفى مصر رحب وزير الخارجية نبيل فهمي باتفاق المصالحة الفلسطينية الذي تم توقيعه أمس في قطاع غزة بين حركتي فتح وحماس وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية، معرباً عن أمله في أن يسهم هذا الاتفاق في إنهاء الانقسام الفلسطيني، وأن يصب إيجابياً في صالح دعم الموقف الفلسطيني في مفاوضات السلام الرامية إلى الحصول على كافة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونية 1967 تكون عاصمتها القدسالشرقية. وأكد «فهمى» استمرار مصر في ممارسة دورها التاريخي والقومي في مساندة الشعب الفلسطيني منوهاً بالجهود التي بذلتها عبر السنوات الماضية لإتمام عملية المصالحة بين مختلف الفصائل الفلسطينية والتي تمخضت عن توقيع اتفاق القاهرة في مايو.