بعد مرور أكثر من أسبوع علي مذبحة فض اعتصامي رابعة والنهضة، يطرح المفكر والكاتب فهمي هويدي- تساؤلا حول ما إذا كان هذا الفض بتلك القوة المفرطة، وبكل تلك الأعداد من الضحايا والمعتقلين والجرحي، هل قدم كل ذلك سبيلا لحل الأزمة المصرية الراهنة؟. يقول هويدي في مقاله المنشور أمس الخميس بجريدة الشروق: أبواق السلطة وقنواتها المختلفة ظلت تعتبر أن فض الاعتصام هو الهدف القومى الذى لا ينبغى أن تنشغل الأمة بغيره، وسمعت بأذنى مقدما لأحد البرامج التليفزيونية يعيد ويزيد فى أن التسعين مليون مصرى (لا تدقق فى الرقم) ينتظرون بفارغ الصبر فض الاعتصام، وأن اشغال الناس بغير هذه القضية الحيوية بمثابة طعن لثورة 30 يونيو، وإزاء ذلك الحماس الجارف فان مسألة تكلفة استخدام القوة لتحقيق ذلك الهدف «القومى» لم يكترث بها أحد، وانعقد الاتفاق بين المحرضين والمهيجين على أنه لا مفر من القوة، ولكن عند الحد الأدنى، ورغم أنهم لم يحددوا كم قتيلا ينبغى أن يسقطوا لتوفير ذلك الحد الأدنى إلا أنهم امتدحوا الشرطة وأشادوا بحرفيتها وكفاءتها فى ضبط النفس حين سقط 900 قتيل فقط (حسب الأرقام الرسمية) وأصيب ثلاثة آلاف آخرون (هذا فى القاهرة وحدها)". واضاف :استنادا لإحدى التقارير التي نشرتها صحيفة –النيويورك تايمز-فإن ما حدث إبان فض الاعتصامات وما تلاها من مشاهد لم يكن هدفه مجرد انهاء اعتصام بل إنه وبحسب التقرير كان هناك تيار نافذ فى دائرة القرار بمصر ظل رافضا للتفاهم ومؤيدا لفكرة التصعيد «للتخلص من الإخوان بصفة نهائية»، بعد تكريس الانطباع بأنهم جماعة إرهابية، وإذا صحت هذه المعلومات فإنها تفسر لماذا كان الصدام حتميا ولماذا كان استخدام القوة فى فض الاعتصامات قرارا مسبقا؟". وتابع هويدي: أن الأزمة بعد مجازر الفض تلك، لم يتم حلها بل إنها قد عادت إلي نقطة الصفر، وأضاف، مقارنا بين الوضع الذي كان عليه الحال إبان العام من حكم الرئيس الدكتور مرسي، وبالوضع الحالي:" وأيا كان رأينا فى تلك المرحلة فالشاهد أنها حققت بعض الخطوات على طريق الممارسة الديمقراطية، ورغم القصور أو الخطأ فى تلك الخطوات، فإننا كنا نعرف على الأقل أن ثمة آلية ديمقراطية تمكننا من تصويب الخطأ ومحاسبة من أخطأ واستبداله بغيره إن كان ذلك ضروريا، وهو ما اختلف بعد انقلاب 3 يوليو..". واختتم هويدي مقاله :أن مصر بصدد العودة إلى الوراء لأكثر من خمسين عاما على الأقل، والمشكلة فى هذه الحالة لن تتمثل فى مصير الإخوان، رغم أنها تبدو مهيمنة على الخطاب السياسى والإعلامى هذه الأيام، ولكن المشكلة الأكبر ستكون من نصيب مصير المسار الديمقراطى، الذى إذا كنا قد رأينا لصالحه ضوءا فى نهاية النفق بعد ثورة 25 يناير، إلا أننا فى ظل الانسداد الراهن صرنا نتلمس النفق ذاته فلا نجده".