تساءل الكاتب الصحفى فهمي هويدي عما إذا كان الاعتصام هو المشكلة الحقيقية أم أنه فرع منها، وعما إن كانت المشكلة قد حلت أم أنها لا تزال كما كانت قبل الفض مجمدة ومستعصية على الحل. يأتي هذا بعد مرور أسبوع علي يوم الأربعاء الأسود كما يسميه الكاتب، والذي راح ضحيته الآلاف في فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة الرافضين للانقلاب العسكري، والذي كما يبدو كان الهدف القومي للسلطة وأبواقها الإعلامية. ويتابع هويدي في مقاله بجريدة الشروق اليوم: "انعقد الاتفاق بين المحرضين والمهيجين على أنه لا مفر من القوة، ولكن عند الحد الأدنى ورغم أنهم لم يحددوا كم قتيلاً ينبغي أن يسقطوا لتوفير ذلك الحد الأدنى، إلا أنهم امتدحوا الشرطة وأشادوا بحرفيتها وكفاءتها في ضبط النفس حين سقط 900 قتيل فقط (حسب الأرقام الرسمية)، وأصيب ثلاثة آلاف آخرون (هذا في القاهرة وحدها)". ويذكر الكاتب أن المشكلة صارت الآن سياسية وأنها بدأت بالانقلاب العسكري الذي أدى إلى عزل الدكتور محمد مرسي وتنصيب آخر مكانه. ومن ثم هدم كل ما تم بناؤه بعد انتخاب الدكتور مرسي، وفي المقدمة من ذلك حل مجلس الشورى المنتخب، وتجميد الدستور المستفتى عليه. ويؤكد هويدي أنه مهما كان اختلافنا مع المرحلة السابقة فالشاهد أنها حققت بعض الخطوات على طريق الممارسة الديمقراطية. ورغم القصور أو الخطأ في تلك الخطوات، فإننا كنا نعرف على الأقل أن ثمة آلية ديمقراطية تمكننا من تصويب الخطأ ومحاسبة من أخطأ واستبداله بغيره إن كان ذلك ضروريًّا. وهو ما اختلف بعد انقلاب 3 يوليو، الذي استدعى إلى الواجهة شرعية جديدة استندت إلى التأييد الشعبي الذي اتكأت عليه القوات المسلحة، وهذه حلت محل شرعية الصندوق التي استند إليها نظام الدكتور محمد مرسي. وقال الكاتب: إنه لم يتح لنا أن نسمع وجهة نظر الإخوان إلا أن صورتها كجماعة إرهابية واجبة الإقصاء والاستئصال ظلت تعمم طول الوقت من خلال تصريحات السياسيين والأبواق الإعلامية، إلى أن انتهى الأمر بالتضحية بعدة ألوف بين قتيل وجريح. وفي أعقاب ذلك قرأنا أمس أن مجلس الوزراء سيبحث مقترحات جديدة لحل الأزمة، أعدها الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء. ولا نعرف ما إذا كانت الحكومة صاحبة قرار في هذه المسألة أم لا، إلا أن فكرة تقديم المقترحات بحد ذاتها تعني أن فض الاعتصام لم يحل الأزمة، ولكنه عالج بعض أعراضها في الأجل القصير على الأقل، وهو ما يعني أيضًا وضمنًا أن الأزمة لا تزال تراوح مكانها تنتظر الحل. وتنبأ هويدي باستمرار الأزمة إلى أجل غير قريب؛ فهناك من القرائن والإشارات ما يدل على أن الرغبة في حلها بشكل جاد لم تتوفر بعد، وأن مصر بصدد الدخول في أجواء الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي التي تأجج فيها الصدام بين الرئيس عبد الناصر والإخوان (هل يكون ذلك سببًا في استدعاء اسم عبد الناصر هذه الأيام؟). واختتم هويدي مقاله بأن مصر على ما يبدو بصدد العودة إلى الوراء لأكثر من خمسين عامًا على الأقل. والمشكلة في هذه الحالة لن تتمثل في مصير الإخوان، رغم أنها تبدو مهيمنة على الخطاب السياسي والإعلامي هذه الأيام، ولكن المشكلة الأكبر ستكون من نصيب مصير المسار الديمقراطي، الذي إذا كنا قد رأينا لصالحه ضوءًا في نهاية النفق بعد ثورة 25 يناير، إلا أننا في ظل الانسداد الراهن صرنا نتلمس النفق ذاته فلا نجده.