كشف تقرير حقوقي جديد ل "الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان" FIDH، أنّ الدولة الفرنسية وعدّة شركات فرنسية "شاركت في القمع الدموي في مصر خلال السنوات الخمس الماضية من خلال إمدادها نظام عبد الفتاح السيسي بمعدّات عسكرية وأجهزة مراقبة". وتزامن ذلك مع استقبال السيسي وزير الدفاع الفرنسي، بالقاهرة، في مباحثات عسكرية وسياسية، وإقامة السيسي له حقل بعيد ميلاده تضمن تقديم تورتة على صورة الوزير الفرنسي، ما يشير لحجم العلاقات الوثيقة بين الطرفين في ظل شراء القاهرة طائرات وبوارج حربية من فرنسا أيضا. وارتفعت قيمة عمليات توريد الأسلحة الفرنسية لمصر من 39.6 مليون يورو إلى 1.3 مليار يورو. وقالت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان"، في التقرير الذي أعدته بالتعاون مع "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان"، و"رابطة حقوق الإنسان"، و"مرصد الأسلحة"، أنه "من خلال تزويد أجهزة الأمن المصرية وأجهزة إنفاذ القانون بأدوات رقمية ذات قدرات عالية، ساعدت فرنسا في التأسيس لبنية مراقبة وتحكّم استبدادية تُستغّل للقضاء على كلّ أشكال المعارضة ونشاط المواطنين". وأشارت لأن "التقنيات العسكرية والسلع ذات الاستخدام المزدوج التي توفرها فرنسا هي الركائز التي تستند إليها بنية التحكم المصممة لإيقاع المواطنين في شبكة للمراقبة، وتحييد أي معارضة للنظام العسكري، ومنع تنظيم الحركات الاجتماعية، وتجنب ثورة جديدة كتلك التي أطاحت بمبارك". ودعت المنظمات الحقوقية الاربعة إلى "إجراء تحقيق برلماني، ووقفا فوريا لهذه الصادرات"، ل "مواجهة هذه الفضيحة الجديدة المتعلّقة بصادرات فرنسية للأسلحة وتكنولوجيا مزدوجة الاستخدام". وجاء في التقرير المشترك من 64 صفحة الصادر اليوم الإثنين 2 يوليو/تموز 2018، أن باريس سلّمت القاهرة أسلحة حرب (ارتفعت المبيعات من 39,6 مليون إلى 1,3 مليار يورو من العام 2010 إلى 2016)، فضلاً عن البرامج والمعدات المعلوماتية التي أتاحت «إنشاء بنية مراقبة وتحكّم استُخدمت لضرب أي محاولة انتفاضة أو تجمهر". ما هي أبرز المعدات الفرنسية؟ وتحدّث التقرير عن «تقنيّات لمراقبة الافراد ولاعتراض الحشود الشعبية وجمع البيانات الفردية والتحكم في الحشود، أدت إلى اعتقال عشرات الآلاف من المعارضين أو الناشطين». وقال بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: «إذا كانت الثورة المصرية عام 2011 قام بها جيل متصل بشكل وثيق بفيس بوك وعرف كيف يحشد الجماهير، فإنّ فرنسا تشارك اليوم في سحق هذا الجيل، من خلال إنشاء نظام مراقبة وتحكُّم هدفه أن يسحق في المهد أيّ تعبير عن الاحتجاج». وأقر البرلمان المصري قانونين يقيد نشاط المصريين على مواقع التواصل، الأول في 5 يونية 2018، وهو "قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات"، الذي يفرض قيود رسمية على تصفح الانترنت ويقنن ويُشرعن حجب المواقع، ويفرض على شركات الإنترنت الاحتفاظ بسجل تصفح المصريين ل 180 يوما حال طلب جهات قضائية ذلك، ما يعني السماح للنظام بالتجسس على بيانات المصريين لدي شركات المحمول الاربعة. والقانوني الثاني الذي جرت الموافقة عليه مبدئيا، واعترضت عليه نقابة الصحفيين هو "قانون الصحافة والاعلام" الذي صدر 10 يونية 2018، ويعاقب ليس فقط الصحفيين وإنما أيضا المواطنين العاديين الذين يتصفحون مواقع التواصل حال كتبوا ما يعتبره القانون "اخبارا كاذبة" أو تدعم "الارهاب". وقال "ديمتريس خريستوبولوس"، رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، أنه "بينما يعلن المجلس الأوروبي عن وقف الصادرات العسكرية ومعدات المراقبة للتعبير عن شجبه للانجراف نحو الدكتاتورية في مصر، تربح فرنسا حصصا سوقية وتسجل أرقاما قياسيّة في صادرات معدات القمع والسلاح لمصر". 8 شركات فرنسية متورطة وذكّرت المنظمات غير الحكومية أنه في 21 أغسطس/آب 2013 أعلن مجلس الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي أنّ «الدول الأعضاء قررت تعليق تراخيص تصدير جميع المعدات التي يمكن استخدامها للقمع الداخلي في مصر»، ولم يتم التنفيذ. وقالت المنظمات غير الحكومية: إنّ «ثماني شركات فرنسية على الأقل قد استفادت، بتشجيع من الحكومات المتعاقبة، من هذا القمع لجني أرباح قياسية»، وطالبت «الشركات والسلطات الفرنسية بالوقف الفوري لهذه الصادرات المميتة»، و"بإجراء تحقيق برلماني في شحنات الأسلحة إلى مصر منذ عام 2013″. ومنذ الانقلاب العسكري الذي تحل ذكراه الخامسة غدا 3 يوليو 2013، تعيش مصر في خضّم بطش بلا هوادة من جانب نظام السيسي، تضمنت تفريق مظاهرات بأدوات عسكرية أبرزها فضّ اعتصام رابعة العدوية يوم 14 أغسطس 2013، الذي قتل فيه ما لا يقل عن الف مصري بحسب حازم الببلاوي رئيس الوزراء حينئذ، واعتقال ما لا يقل عن 60 ألف مصري منذ 2013، وآلاف الإعدامات خارج نطاق القضاء نفذ منها قرابة 32 حالة، وحالات الاختفاء القسري تعدت 2,811 حالة وتعذيب منهجي وقتل داخل اقسام الشرطة طال 32 مواطنا حتي الان، حسبما رصد ذلك منظمات حقوقية مصرية. وقال التقرير أن بعض الشركات الفرنسية باعت أسلحة تقليدية للجيش المصري رغم أنه "مسئول عن قتل مئات المدنيين بحجة الحرب على الإرهاب". وباعت الشركات الفرنسية لمصر أجهزة نظما تكنولوجية لمراقبة الأفراد، مثل نظم AMESYS/NEXA/AM)، وأخري للمراقبة الجماعية واعتراض البيانات، مثل نظم SUNERIS/ERCOM)، وثالثة لجمع البيانات الشخصية مثل نظام IDEMIA). كما باعت أجهزة للسيطرة على الجماهير، بينها طائرات بدون طيار لشركة "سافران" Safran، وقمرا صناعيا من شركتي AIRBUS/THALES، وعربات خفيفة التصفيح من انتاج شركة "آركوس (Arquus). واتهمت الفيدرالية الدولية، جميع هذه الشركات بأنها "قد ساهمت في إنشاء بنية واسعة للمراقبة والسيطرة على الجماهير تهدف إلى قمع كل التحركات المعارضة والاجتماعية، وأدت إلى اعتقال عشرات الآلاف من المعارضين والنشطاء". أخطر برامج التجسس على المصريين وسبق أن كشفت مجلة تيليراما Télérama الفرنسية 5 يوليه 2017 أن الامارات أهدت السيسي نظام للمراقبة الإلكترونية واسعة النطاق «سيريبر» تطوره شركة فرنسية تدعى «آميسيس»، تكلفته 10 ملايين يورو. ونظام Remote Control System (RCS) هو برمجية خبيثة لشركة Hacking Team الإيطالية، تجعل من الممكن السيطرة على جهاز كمبيوتر، والوصول إلى كل المحتوى المحفوظة عليه، ومراقبة استخدامه في الوقت الحقيقي، والتقاط كلمات المرور وضربات المفاتيح، وأيضا أخذ لقطات الشاشة وتفعيل كاميرا الويب. كما اشترت مصر شبكة x25 من شركة نوكيا سيمنز Nokia Siemens Network -NSN)، قبل عام 2011، وهي تقنية تمكن السلطات من الوصول إلى الإنترنت حتى في حالة إغلاق البنية التحتية العامة للشبكة. أيضا حصل جهاز أمن الدولة علي برنامج Finfisher مقابل مليوني جنيه مصري من الشركة الألمانية-البريطانية "Gamma Group International" وهو نظام قادر على اختراق حسابات Skype وحسابات Hotmail وYahoo وGmail والتحكم في أجهزة الكمبيوتر المستهدفة وتسجيل المحادثات والأنشطة حولها بالصوت والصورة. ويسعي السيسي ونظام الامارات الداعم له منذ انقلاب 3 يوليه 2013 وتدبير عشرات المجازر ضد المعارضين لمراقبة لصيقة لكل المصريين الساخطين على حكمه، خاصة بعدما انضمت اعداد أكبر من المصريين لمعارضته واتهامه بالفشل ما دعا الامارات لمده بنظم مراقبة حديثة للشعب. ومنذ استيلائه على السلطة اوعز لداخلية الانقلاب بشن حملة شرسة ضد المعارضين ومراقبة اتصالات ومواقع فيس بوك عبر اجهزة تم شراؤها خصيصا للداخلية لتتبع أي معارضة على مواقع التواصل التي كان لها دورا في ثورة يناير 2011، كما اوعز لبرلمان الانقلاب بإصدار عدة تشريعات لتقييد حرية الانترنت.