رغم الانتقادات المتواصلة من جانب منظمات حقوقية دولية للنظام العسكري في مصر على خلفية الانتهاكات المتكررة والمتواصلة لحقوق الإنسان والدعوات لوقف التعذيب والإخفاء القسري والقتل خارج إطار القانون إلا ان النظام السلطوي لا يكف عن انتهاكاته ولا يكترث لهذه الانتقادات. ومؤخرا اعتقل النظام نشطاء علمانيين سواء كانوا يساريين أو ليبراليين، كما اعتدى على إفطار الحركة المدنية في النادي السويسري الذي دعا إليه الحزب المصري الديمقراطي الذي كان عضوا فاعلا في جبهة 30 يونيو الانقلابية قبل أن يتحول إليه النظام العسكري بالقمع والتحجيم. آخر هذه الانتقادات جاءات من مكتب الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، الذي أصدر أمس بيانا يعرب فيه عن قلقه حيال الاعتقالات والاستجوابات والاحتجاز للنشطاء والمدونين والصحفيين في مصر خلال الأسابيع القليلة الماضية. وقالت المتحدثة باسم المكتب إن الحجز التعسفي أصبح مشكلة مزمنة، ودعت السلطات المصرية إلى ضمان حقوق جميع المحتجزين بشكل كامل وسلامتهم الجسدية والنفسية، واتباع الإجراءات القانونية الواجبة، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين حاليا من قبل السلطات المصرية لممارستهم حقوقهم الإنسانية المشروعة. الانتقاد الثاني جاء من صحيفة نيوزويك التي نشرت تقريرا موسعا، قالت فيه إن النظام المصري يتعرض على نحو متكرر لانتقادات من قبل المدافعين عن حقوق الإنسان لقيامه بقمع المعارضة. كما نشرت الواشنطن بوست مقالا للناشطة آية حجازي التي سبق اعتقالها عدة سنوات والتي خرجت بعد تدخل شخصي من الرئيس الأمريكي دنالد ترامب باعتبارها تحمل الجنسية الأمريكية، وحذرت فيه من عدم إدانة الديكتاتوريات العسكرية واعتبرت ممارسات السلطات العسكرية لها تداعيات مخيفة على مصر،منتقدة صمت المجتمع الدولي تجاه ممارسات النظام وحملاته المسعورة بحق نشطاء وتساءلت: "بعد حملة القمع الأخيرة في مصر، هل سيواجه العالم أخيرًا وحشية سيسي؟". وأضافت حجازي إن السيسي يستخدم خفة اليد الكئيبة عندما يتعلق الأمر بالاعتقالات، حيث يتم إطلاق سراح سجناء ثم إلقاء القبض على آخرين، مشيرة إلى عفو الجنرال عن 712 معتقلا بمناسبة عيد الفطر بينهم شباب احتجزوا في احتجاجات مناهضة ولكنه في المقابل يعتقل آخرين بدلا منهم. هيومن رايتس تكشف انتهاكات سيناء وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية قالت في تقرير لها 22 مايو الماضي 2018 إن الجيش المصري وسّع نطاق هدم المنازل والبنايات التجارية والأراضٍي الزراعية شمال محافظة سيناء، منذ التاسع من فبراير2018، ضمن حملته العسكرية على مجموعة منتمية لتنظيم "الدولة الإسلامية" هناك. وكانت حكومة العسكر قد بررت ذلك بأنها قد حددت منطقتين عازلتين في مدينتي العريش ورفح، ولكن المنظمة تؤكد أن "أعمال التدمير تجاوزت هاتين المنطقتين وأن أغلبها غير قانوني". وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، سارة ليا ويتسن، إن "تحويل بيوت الناس إلى أنقاض هو جزء من نفس الخطة الأمنية … التي أدت إلى التضييق على توفير الإمدادات الغذائية والتنقلات …". وتتهم المنظمة السلطات بأنها "تقوم بأعمال الهدم والإخلاء القسري دون إشراف قضائي، ودون توفير مساعدة كافية للحصول على سكن مؤقت". وتقول هيومن رايتس ووتش إنها "بعثت رسائل في 10 و11 مايو/أيار 2018 إلى وزارة الدفاع المصرية وإلى محافظ شمال سيناء عبد الفتاح حرحور وإلى "الهيئة العامة للاستعلامات" للتقصي حول أعمال الهدم الجارية، لكن لم يصلها أي رد". وأشارت المنظمة إلى أن تحليل صور للأقمار الصناعية – التقطت من 15 يناير إلى 14 أبريل – يدل على "تفشي أعمال الهدم في عدة قرى وبلدات في شمال سيناء، وإن الجيش هدم، خلال تلك الأشهر 3,600 بناية وجرّف مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية في مساحة 12 كيلومتر على امتداد الحدود مع غزة، بالإضافة إلى جيوب صغيرة من الهدم لأكثر من 100 بناية شماليّ مطار العريش، الذي يقع جنوبالمدينة مباشرة. والعفو الدولية تدين أوضاع السجون وفي أواخر مايو الماضي، قالت منظمة العفو الدولية إن المعاملة المريعة لجهاد الحداد، المتحدث السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين، في سجن العقرب سيء الصيت أمر غير إنساني وغير مقبول؛ وذلك في معرض ردها على المعلومات الجديدة التي تفيد بأن سلطات السجن صادرت كرسيه المتحرك، ومقتنياته الأخرى، وأعادته إلى الحبس الانفرادي؛ بعد أن قضى شهراً في سجن ليمان طرة في انتظار العلاج الطبي الذي لم يتلقه. وقالت نجية بونعيم، مديرة الحملات لشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية: "إن منظمة العفو الدولية تشعر بقلق بالغ إزاء تدهور صحة جهاد الحداد، والظروف السيئة التي يُحتجز فيها. فالظروف اللاإنسانية التي تعرض لها جهاد منذ احتجازه في 2013، بما في ذلك الحبس الانفرادي المطول، أدت إلى الكثير من معاناته المستمرة، وألمه والحاجة إلى كرسي متحرك. فعندما وصل إلى السجن كان رجلًا صحياً في أوائل الثلاثينيات من عمره، والآن لا يستطيع الوضوء أو استخدام الحمام دون مساعدة". ورغم تعدد الانتقادات إلا أنها تتعلق بالمنظمات الحقوقية الدولية ولا تزال تدين إجرام نظام العسكر على استحياء؛ بينما يتواصل دعم الحكومات الغربية سواء في الولاياتالمتحدةالأمريكية أو بريطانيا والمانيا وفرنسا وإسبانبا وروسيا ومعظم دول أوروبا للنظام العسكري السلطوي. لغة المصالح لا قيم الحريات والديمقراطية هي التي تحكم علاقات هذه الدول بالنظام العسكري في مصر، ولا يزال الاتحاد الأوربي يدعم النظام اقتصاديا وسياسيا وينسق معه أمنيا على مستويات واسعة في تأكيد على أن الغرب الأوروبي والأمريكي يكون دائما داعما للنظم المستبدة في بلاد العرب والمسلمين خوفا من تحرر الشعوب العربية من الظلم والطغيان وحماية مصالح وثروات الشعوب من أطماع الغرب صاحب الصفقات القذرة مع النظم المستبدة.