الأنباء المتداولة حول احتجاز اللواء أحمد وصفي، القائد السابق للجيش الثاني الميداني وعضو المجلس العسكري سابقا، في فندق الماسة مع زوجته بتهم تقول سلطات العسكر إنها تتعلق بالفساد، تبدو محطة من محطات انتقام الجنرال عبد الفتاح السيسي من اللواء وصفي؛ وذلك لتحفظه على انقلاب الجيش على الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، مع أطماع ورغبات الجنرال السيسي وباقي أعضاء المجلس العسكري. انتقام السيسي من وصفي يأتي في سياق التخلص من الجنرالات الكبار الذين لم يكونوا راضخين بما يكفي لأطماع الجنرال زعيم الانقلاب خلال مساعيه الحثيثة نحو السطو على الحكم بتوظيف المؤسسة العسكرية لتحقيق أطماعه وطموحه. وفي هذا التقرير نرصد أهم محطات انتقام الجنرال السيسي من اللواء أحمد وصفي. المحطة الأولى: تحفَّظ على الانقلاب كان المجلس العسكري في حالة انعقاد دائم، قبل اتخاذ قرار الانقلاب في 3/7/2013، وكان اللواء أحمد وصفي، قائد الجيش الثاني الميداني (أكبر تشكيل تعبوي في مصر، وفي الشرق الأوسط)، يتخذ موقفا متحفظا تجاه تدخل المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي، وكان صوته الأجش من الأصوات القليلة التي حذرت من آثار تدخل الجيش، حتى التقاه السيسي وقائد الجيش الثالث الميداني أسامة عسكر، وأكد لهما أنه لن يترشح أبدا لأي موقع مدني. وبحسب نور، فإن تعهدات السيسي لهما بعدم الترشح لأي منصب مدني هو ما ورَّط اللواء أحمد وصفي والفريق أسامة عسكر، في تصريحات تقطع بعدم ترشح السيسي للرئاسة. المحطة الثانية: محاولة اغتيال أنباء تحفظ اللواء وصفي على الانقلاب انتقلت إلى داخل اعتصام رابعة، الذي وصف القائمون على منصته ما تردد من أنباء باعتباره تمردًا لا تحفظًا. لكن المثير في الأمر أنه في العاشر من يوليو 2013، تعرض "وصفي" لمحاولة اغتيال غامضة، حيث انتقل اللواء أحمد وصفى، بناء على تكليف من السيسي، لتفقد عناصر التأمين في منطقة الشيخ زويد، إذ بسيارة مجهولة تطلق النيران بكثافة على سيارته وتلوذ بالفرار. الحادث الذي وقع فقط بعد أسبوع من انقلاب 3/7، وأذاعته الإذاعة الإسرائيلية، ومواقع صحفية مقربة من المخابرات الإسرائيلية، دفعت المتحدث العسكري للإفصاح عنه، مشيرا إلى أنه تم الاشتباك مع السيارة التي أطلقت النار، ولم يُعثر بداخلها إلا على طفلة صغيرة مصابة– بأعيرة نارية– وتوفيت فور نقلها لمستشفى العريش!. وبحسب محللين، فإن محاولة الاغتيال كانت مقصودة من جانب مليشيات الجنرال السيسي، قائد الانقلاب، والذي أراد تهديد وصفي بهذه المحاولة حتى يضمن رضوخه التام لأطماع الجنرال الأكبر وزير الدفاع آنذاك الذي رقاه مرسي وعينه وزيرا. المحطة الثالثة: إبعاد وصفي أما المحطة الثالثة فجاءت بعد حادثة محاولة الاغتيال الفاشلة بأشهر قليلة؛ حيث أصدر السيسي قرارا في 17 مارس 2014، بإبعاد أحمد وصفي من قيادة الجيش الثاني الميداني، ونقله إلى هيئة تدريب القوات المسلحة، التي سرعان ما تم تنحيته من رئاستها، ومنحه لقبا شرفيا "مساعد وزير الدفاع" بلا مهام أو اختصاصات، بل تم تجاوزه من الترشح لرئاسة الأركان، وكان هو الأقرب لها قبل تعيين محمود حجازي نسيب السيسي قبل عزله في أكتوبر 2017. المحطة الرابعة: اتهامات بالفساد مع نجاح الجنرال السيسي في ترتيب الأوضاع داخل المؤسسة العسكرية لصالحه وفرض هيمنته عليها، لم يشفع للواء أحمد وصفى محاولة إصلاح تصريحاته السابقة، التي قال فيها: "لو ترشح السيسي يبقى 3/7 انقلاب"، بقوله "هنطلب من مين غير كبيرنا يترشح؟". هذه التصريحات لم تشفع لوصفي، وظلت دائرة الانتقام تدور على وصفي حتى أعلنت صحيفة العربي الجديد مؤخرا، عن أنباء- لم يتم التأكد منها- مفادها اتهام وصفي بالاستيلاء على مليارات، واحتجازه وزوجته منذ أسابيع داخل مكان خاص بفندق الماسة العسكري، وهي الأنباء التي لم تُكذب رسميا للآن!. أسباب الانتقام ووفقا للدكتور أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة سابقا ورئيس مجلس أمناء قناة الشرق الفضائية، في مقاله المنشور اليوم بعنوان "مذبحة الماسة.. وصفي وعسكر"، يبدو أن قواعد اللعبة لا تسمح بالخلاف، خاصة داخل المؤسسة العسكرية، فالخلاف بين السيسي ووصفي كان أبعد من تاريخ 3/7/2013، وربما كان قبل أن يصعد السيسي لموقع وزير الدفاع. وبحسب نور، فإن الشيء الوحيد الذي قد يكون جمع بين النقيضين- السيسي ووصفي- أن كلًّا منهما عمل لفترة مديرًا لمكتب المشير طنطاوي، وكلاهما كان مقربا من المشير، حائزا لثقته، حتى دفع المشير بالسيسي لموقع مدير المخابرات الحربية، وصعّد وصفي لرئيس أركان الجيش الثاني الميداني ثم قائدا له عام 2012. ويضيف نور: «ما زلنا ننتظر تأكيدا أو تكذيبا لتلك الأنباء حول مصير كل من اللواء أحمد وصفى والفريق أسامة عسكر، ليس فقط للاطمئنان على رجل بسيط ومحبوب وشجاع مثل أحمد وصفى، ولكن للاطمئنان على سلامة الجيش نفسه». مؤكدا أن الوقائع التي تتردد، أكبر من تصفية حسابات وأبعد من خلاف مديري مكاتب أو انتقام غرماء، بل هي تعم المؤسسة وآليات الرقابة الذاتية داخلها بما لا نتمناه لها. لكن الدكتور أحمد غانم، المراقب السياسي، يرى أن نظام الانقلاب يفتقد إلى الشفافية التي تعد أساس العدل والقضاء. وقال غانم في مداخلة هاتفية لقناة مكملين: إنه في غياب الشفافية لا توجد محاربة للفساد، بل يمكن أن يكون الأمر تصفية حسابات سياسية أو عسكرية، وجزءًا من صراع السلطة بين المجلس العسكري. وأضاف غانم أن توجيه تهم فساد ل"أحمد وصفي"، الذي كان جزءًا من الانقلاب، ربما لوجود ثأر بينه وبين النظام أو لوجود خلافات على البزنس. وكشفت مواقع صحفية عن تحقيقات موسعة تجريها دوائر داخل القوات المسلحة مع القائد الأسبق للجيش الثاني الميداني ومساعد وزير الدفاع الحالي، اللواء أحمد وصفي، بتهم فساد مالي. ونشر العربي الجديد، وفقًا لمصادر مطلعة، أنَّ التحقيقات تجري بمعرفة قيادات بارزة في المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد مراجعة ميزانيات العديد من المشاريع التابعة للجيش الثاني في وقت جاءت الحصة الأكبر من اتهامات الفساد والاستيلاء على أموال القوات المسلحة الموجهة لمساعد وزير الدفاع اللواء أسامة عسكر، وذلك بشأن مشروع حفر تفريعة قناة السويس الجديدة.