أصبحت موضة انهيار العقارات في ظل فساد نظام الانقلاب، شبحا مخيفا يواجه الأسر المصرية، بعد زيادة هذه الظاهرة، التي نتجت عن فساد المحليات والرشاوى، التي تغض فيها الحكومة الطرف عن المعايير والمواصفات الهندسية في البناء، الأمر الذي سمح لضعاف النفوس وتجار المكسب السريع، بالتحايل على القانون، والتلاعب في النسب الهندسية لمواد البناء، ما تسبب في انهيار مئات العقارات ومصرع العشرات من الضحايا. وانهار عقار مكون من سبعة طوابق في شارع الوحدة في إمبابة، اليوم الثلاثاء، تسبب في انهيار جزئي لمنزل آخر مكون من 4 طوابق. وقال مصدر أمني ، إن انهيار العقار تسبب في التأثير في العقار المجاور له، وانهيار جزء منه، ما تسبب في إصابة 4 من قاطني العقارين دون حدوث أي وفيات، حيث تمكن باقي السكان من إخلاء العقارين دون خسائر في الأرواح. وتلقت غرفة الحماية المدنية بالجيزة، بلاغًا من أهالي شارع الوحدة بمنطقة إمبابة، يفيد انهيار منزل، على الفور انتقلت قوات الحماية، وقوات الشرطة إلى موقع الانهيار، وتم نقل المصابين إلى مستشفى المركزي بإمبابة، ومستشفى العجوزة. فساد المحليات سبب الكوارث الغش والتدليس والتلاعب في مواد البناء ثالوث الفساد المستشري داخل قطاع البناء والتشييد، وهو ما أدي لانهيار العديد من العقارات خلال الفترة الأخيرة الماضية ليشهد العام الماضي أسوأ حالات الانهيارات فلم تعد هناك محافظة تخلو من تلك الكوارث. ولم تتوقف الكوارث عند عقار امبابة، ولكن الأونة الأخيرة شهدت سقوط العشرات من العقارات المبنية حديثا بسبب التلاعب في مواد البناء والرشاوى. حتى ان تجارة العقارات أصبحت رائجة في الآونة الأخيرة، نظرا لتحصيل المكسب السريع، حيث يقوم بعض المقاولين ببناء أبراج سكنية مرتفعة يزيد عدد أدوارها عن 10 ادوار، ويتم بنائها بمخالفة المعايير الهندسية، ثم يقومون بتمليكها للضحايا، حيث يعتبر التمليك أسهل طريق لبيع العقار والتخلص مسئوليته، بعد تحصيل ملايين الجنيهات كمكسب سريع، وبعدها يفاجأ السكان بانهيار العقار فوق رؤوسهم دون تحديد مسئول عن هذا الفساد. ومن أحدث العقارات التي انهارت عقار مكون من 7 طوابق في شارع القدس بمنطقة مصطفى كامل، شرقي الإسكندرية، وعقار مدينة منيا القمح بمحافظة الشرقية، الذي سقط على قاطنيه، وتم تشييع جثث 4 من الضحايا الذين تم انتشالهم في جنازة جماعية، وإصابة 12 من قاطنيه، بينهم 7 أطفال وسيدتان. ولم يمر وقتًا طويلاً على مأساه عقار منيا القمح، حتى تكرر الأمر في مارس 2017، حيث أصيب 6 أشخاص نتيجة حادث انهيار جزئي ل3 عقارات متلاصقة بشارع بولاق أبو العلا الجديد، وفي يونيو 2017، انهار برج سكني مكون من 12 طابقًا بمنطقة الأزاريطة التابعة لحي وسط الإسكندرية، وتسبب الانهيار في ميل شديد من البرج السكني على العقار المقابل دون سقوطه، ودون وقوع أية إصابات. وتواصل مسلسل الإهمال، ففي ديسمبر 2017، استيقظ مواطنو روض الفرج على كارثة أودت بحياة عدد منهم جراء انهيار 3 منازل بمنطقة جزيرة بدران، ما أدى إلى مصرع مواطنين اثنين، وإصابة 4 آخرين. ووقف المواطنون في حالة من الذهول والصدمة وسط آثار الانهيار، ينظرون إلى رجال الحماية المدنية وهم ينتشلون الأشخاص من تحت الأنقاض، كما شهدت منطقة منشأة ناصر، الخميس 22 فبراير 2018، حادثة مأسوية عندما انهار عقار سكني مكون من 4 طوابق على السكان، وأسفر عن مصرع 3 مواطنين وإصابة 18 آخرين. وتكشف اللجان الهندسية في أغلب تحقيقاتها عن العقارات المنهارة أن الانهيار كان سببه الرئيسي وجود عجز في نسبة الحديد المستخدم واصابتها بالصدأ اضافة إلي انخفاض نسبة الأسمنت والرمل المستخدم لبناء العقار والغش في مواد البناء. وكشفت دراسة أعدها عدد من المكاتب الهندسية الاستشارية، أن نسبة مخالفات المباني في مصر بلغت 90% من اجمالي العقارات الموجودة والتي قدرتها احصائيات وزارة الاسكان ب4.9 مليون مبني يفتقر 50% منها لأعمال الصيانة مشيرة إلي أن حجم المخالفات بلغ في حي المطرية وحده 8.92% وفي حي السلام 94% بينما بلغت أعداد محاضر المخالفات التي تم تحريرها بواسطة الأجهزة الرقابية عشرة أضعاف تراخيص البناء، ففي عين شمس بلغت مخالفات البناء 96% باجمالي عدد مخالفات 5030 مخالفة، وفي الدرب الأحمر 70% وحي الجمالية 50%، كما تشير الدراسة إلي أن محافظة الإسكندرية أصدرت 57 ألف قرار إزالة لم ينفذوا رغم ما شهدته المحافظة الساحلية من حالات سقوط للعديد من العقارات. وتوضح الدراسة أن محافظة أسيوط حصلت علي نصيب الأسد في عشوائيات البناء بنسبة 98% وتأتي في المرتبة الثانية محافظة القاهرة وتضم 81 منطقة عشوائية لتشهد كارثة إنسانية في الدويقة بمنشأة ناصر. ومن بين المناطق العشوائية في حلوان عرب غنيم والحكر وعرب راشد وكفر العلو والتبين والهجانة بالمعصرة وعرب الوالدة والعزبتين بالاضافة للبساتين بمنطقة دار السلام وتوضح الدراسة أن أبرز أشكال مخالفات البناء التي تم رصدها تنوعت بين البناء بدون ترخيص والتعلية بدون ترخيص والتعدي علي أملاك الدولة وتجاوز قيود الارتفاع والبناء علي موانع التنظيم. وقالت الدراسة أن ارتفاع معدلات الفساد داخل المحليات كان أهم الأسباب نتيجة تفاقم المشكلة وانهيار العديد من العقارات التي ثبت أن أغلبها حديثه وليست قديمة، وأن الفساد أدي إلي صعوبة حصول المواطن علي تراخيص البناء من خلال القنوات الشرعية، فضلا عن ضعف أجور مهندسي الأحياء والذي فتح الباب أمام الرشوة والمساومات وهجرة الكفاءات الهندسية من العمل في المحليات هرباً من المسئولية الهندسية والتي تجعلهم دائماً عرضة للمساءلة القانونية، كما أن تضارب القوانين والتشريعات الخاصة بالبناء وتعددها يسهل اختراقها والالتفاف حولها واستغلال ثغراتها. فيما قال النائب خالد عبد العزيز، عضو برلمان العسكرن عن حزب المصريين الأحرار، ووكيل لجنة الإسكان بالمجلس، إنه تقدم لوزيري الإسكان و التنمية المحلية، بطلب إحاطة حول انهيار العقارات، وسرعة الانتهاء من قانون التصالح والبناء الموحد. وأضاف عبد العزيز، في تصريحات له، أن انهيار عقار سيدي جابر في الإسكندرية، كان أمرا متوقعا بسبب خراب الذمم وفساد بعض مكاتب الإسكان، لافتًا إلى أن معظم العقارات المنهارة ثبت أنها مبان مخالفة لتراخيص البناء. وتابع " خلال الأربعين عاماً الماضية تجاوزت المخالفات العقارية 2مليون و800 ألف مخالفة، ولا نعلم السلامة الإنشائية لهذه العقارات لعدم وجود أي دور للرقابة والتفتيش الفني علي تلك المباني المخالفة منذ عشرات السنين مما تسبب في تسارع بنائها، وكانت النتيجة أن 40 % من الكتلة العمرانية في مصر عشوائيات.