"إيه دخل السيسي ومصر يا خونة؟".. هكذا علَّقت اللجان الإلكترونية للانقلاب أو "الذباب" كما يُطلق عليهم على مواقع السوشيال ميديا، فور انتخاب أعضاء المحكمة الدولية في لاهاي، القاضي الصومالي عبد القوي أحمد يوسف رئيسًا للمحكمة، خلفًا للفرنسي روني أبراهام، وتراجع مكانة مصر على صعيد الترشح للمنظمات الدولية في عهد الانقلاب العسكري، وتتردد هتافات الدكتور محمد البلتاجي من داخل القفص "يسقط حكم العسكر.. يسقط كل قضاة العسكر". وخلافاً لقضاة الشامخ الذين أسرفوا في الانتقام من مؤيدي الشرعية، بالأحكام الجائرة والإعدام، يعد الدكتور عبد القوي أحمد يوسف عمر، علمًا من أعلام الصومال، وهو أحد خبراء القانون الدولي الكبار في إفريقيا وفي العالم، تخرج من الجامعة الوطنية الصومالية قسم القانون، ثم واصل مشواره العلمي في كل من إيطاليا وسويسرا، كما أمضى 25 عامًا كمستشار قانوني في الأممالمتحدة، ولم تتلطخ يده بدماء أبناء بلده كما يفعل قضاة العسكر في مصر. وتخطَّت الانتقادات لأحكام الإعدام التي يصدرها قضاة الانقلاب في مصر ضد المعارضين، الجانب المحلي لتصل إلى الأوساط العالمية الحقوقية منها والرسمية، وبعد انقلاب 3 يوليو 2013 على الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب للبلاد، برز قضاة العسكر بأحكامهم "غير المسبوقة" على الساحة الإعلامية المحلية والدولية، وأصبحت أحكام الإعدام والمؤبد لكثرتها أقرب إلى العملية الإحصائية التي يصعب تداركها، من قبل عدد من القضاة الذين تم تعيينهم فيما تسمى ب"دوائر الإرهاب". دائرة الانتقام بدأت دائرة الانتقام والترويع للمصريين بإعدام المواطن محمود رمضان، الذي كان متهما في أحداث هزلية سيدي جابر، بالإضافة إلى إعدام 6 آخرين في الهزلية المعروفة إعلاميا بقضية "عرب شركس"، بينما ارتدى مئات المعارضين للانقلاب بدلة الإعدام الحمراء، ينتظرون مصيرًا مجهولًا يتسق مع ضبابية المشهد السياسي في مصر، ما أثار امتعاض العالم من قضاة العسكر. وفيما يلي نسلط الضوء على أبرز 5 قضاة من ذوي الأحكام المشددة على معارضي الانقلاب، في الوقت الذي اتجهت بعض أحكامهم إلى تبرئة المخلوع "مبارك" وعدد من المتهمين في قضايا قتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير 2011. 1– أسامة عبد الظاهر أصدر أسامة عبد الظاهر، رئيس محكمة جنايات المنصورة، عددًا من الأحكام المغلظة ضد معارضي الانقلاب، وبلغت أبرز تلك الأحكام في مجملها، 26 حكمًا بالإعدام، و19 حكمًا بالمؤبد في عدد من القضايا المختلفة. 2– معتز خفاجي أصدر معتز خفاجي، رئيس محكمة جنايات القاهرة، عددًا من الأحكام المغلظة ضد معارضي الانقلاب التي بلغت في مجملها، 24 حكمًا بالإعدام، و27 حكمًا بالمؤبد في عدد من القضايا المختلفة. وكان من أبرز تلك القضايا التي ترأسها "خفاجي"، القضية المعروفة إعلاميا ب"أحداث مكتب الإرشاد"، وقضى فيها بإعدام 4 متهمين والمؤبد ل14 آخرين، وعلى رأسهم الدكتور "محمد بديع" المرشد العام لجماعة الإخوان، ونائبه "خيرت الشاطر". وأصدر حكمًا في قضية أحداث "كرداسة" التي قتل فيها اللواء نبيل فراج، مساعد مدير أمن الجيزة، بإعدام 12 متهمًا، ومعاقبة 10 آخرين بالسجن المؤبد، وفي قضية أخرى بكرداسة أصدر أحكامًا بإعدام متهم والمؤبد لآخر. كما قضى "خفاجي" بالإعدام شنقًا على 5 متهمين في القضية المعروفة إعلاميًا ب"خلية أكتوبر"، والسجن المؤبد على اثنين آخرين وتغريمهما 20 ألف جنيه. 3- شعبان الشامي أصدر شعبان الشامي، رئيس الدائرة 15 بمحكمة جنايات شمال القاهرة، عددًا من الأحكام المغلظة ضد معارضي الانقلاب التي بلغت في مجملها، 142حكمًا بالإعدام، و17 حكمًا بالمؤبد في عدد من القضايا المختلفة. ففي مارس 2014، أصدر حكما غيابيا بإعدام 26 متهما في قضية استهداف المجرى الملاحي من دون سماع مرافعة الدفاع، وهو ما اعتُبر إجراءً غير مسبوق في تاريخ القضاء المصري في قضية من هذا الحجم. وفي 16 يونيو 2015، حكم الشامي بإعدام 16 متهما في القضية المعروفة إعلاميا ب"التخابر"، بينهم ثلاثة قياديين بجماعة الإخوان، وذلك بعد استطلاع رأي المفتي، كما أصدر حكما بالسجن المؤبد على 17 متهما في القضية نفسها، في مقدمتهم الدكتور محمد مرسي ومرشد جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع. كما حكم في الجلسة نفسها بإعدام الرئيس محمد مرسي في القضية المعروفة إعلاميا ب"اقتحام السجون"، إلى جانب 5 آخرين حضوريا، و94 غيابيا بينهم رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي، ووزير الإعلام السابق صلاح عبد المقصود. وكان للشامي صورة أخرى في محاكمة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، حين قرر إخلاء سبيله في قضية "الكسب غير المشروع" ورفض طعن النيابة. وكانت القضية قد وصلته من دائرة أخرى قررت التنحي عن النظر فيها لاستشعارها الحرج. 4 – محمد ناجي شحاتة أصدر محمد ناجي شحاتة، رئيس محكمة جنايات الجيزة، عددًا من الأحكام المغلظة ضد معارضي الانقلاب بلغت في مجملها، 203 أحكام بالإعدام، و305 أحكام بالمؤبد في عدد من القضايا المختلفة، من أبرزها تلك القضايا (خلية الماريوت – أحداث مسجد الاستقامة – غرفة عملية رابعة – مذبحة كرداسة). وكانت القضية الأخيرة هي الأشد في أحكام الإعدام، إذ أصدرت المحكم حكمًا بالإعدام في حق 183 متهما ومعاقبة طفل بالحبس 10 سنوات، ووجهت النيابة للمتهمين تهمة الاشتراك في أحداث اقتحام مركز شرطة كرداسة التي راح ضحيتها 11 شرطيا بينهم ضابط. ومن أبرز من طالتهم أحكام "شحاتة" المغلظة: هو الحكم بإعدام الدكتور محمد بديع" المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والقيادي الإخواني "محمد البلتاجي"بالإعدام، والمؤبد للناشط السياسي "أحمد دومة". وتجدر الإشارة إلى أن "شحاتة" قد برأ 18 ضابطًا في قضية ضباط قسم إمبابة وكرداسة بعد اتهامهم بقتل "السادة الرمية وشهداء الثورة"، على حد تعبيره. 5– سعيد صبري أصدر سعيد صبري، رئيس محكمة جنايات شمال الصعيد، عددًا من الأحكام المغلظة ضد معارضي الانقلاب التي بلغت في مجملها، 220 حكمًا "نهائيًا" بالإعدام، بعدما أحال أوراق 1212 متهمًا للمفتي، وقرابة 496 حكمًا بالمؤبد في عدد من القضايا المختلفة. وفي أول قضية له في قضايا "الإرهاب"، أصدر "صبري" حكما بإعدام 529 من معارضي النظام، بتهم القتل والشروع في قتل ضابط شرطة في 14 أغسطس الماضي في المنيا، قبل أن يعود ويلغي إعدام 492 ويحكم عليهم بالسجن المؤبد ويكتفي بإعدام 37 متهما. وصدر الحكم بعد جلستين، الأولى لم تستغرق سوى 20 دقيقة، والثانية أصدر فيها القاضي حكمه بدون حضور متهمين ولا محامين عنهم، لتكون أول قضية – أيضا – يصدر فيها حكم بالإعدام، دون الاستماع إلى دفاع ولا شهود ولا حتى فض أحراز القضية، والشاهد الوحيد الذي استمع له القاضي هو ضابط شرطة نقطة مطاي، ولم يكن موجودا يوم الحادث، لأنه كان مسافرا. وعاد صبري للأضواء مجددا بعد أن أصدر حكما تاريخيا بسجن 11 من معارضي الانقلاب مددا تتراوح بين 57 و88 عاما، وذلك في أعلى عقوبة تصدر بحق متهمين في تاريخ القضاء المصري، ومن أول جلسة أيضا ودون أن يستمع إلى النيابة ولا الدفاع، وذلك بتهمة التجمهر والاعتداء على قسم شرطة مدينة سمالوط بمحافظة المنيا، والانضمام إلى جماعة "محظورة"، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين. وأصدر صبري حكما بإعدام 683 من معارضي الانقلاب، وبذات الطريقة من الجلسة الأولى، بل زاد هذه المرة أنه أحال محامي المتهمين للتأديب بحجة الاعتراض على قرارات المحكمة، وفي 21 يونيو تم تخفيف الحكم بإعدام 183 متهمًا، والمؤبد ل4 آخرين، والبراءة للباقين. ورغم أحكامه المشددة والسريعة بحق معارضي الانقلاب، أصدر صبري في 15 يناير 2013، حكما ببراءة مدير أمن بني سويف السابق وجميع الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين، أثناء أحداث 25 يناير 2011 في المحافظة، بعد محاكمة استمرت عامين ونصف عام، ورفض جميع الدعاوى المدنية المقامة من الأهالي، كما قرر تغريمهم 200 جنيه أتعاب محاماة.