لمزيد من قمع الدوائر المعارضة له داخل أجهزة الانقلاب، قام السفيه عبد الفتاح السيسي بالإطاحة بمدير الجهاز خالد فوزي، وتكليف مدير مكتب السفيه اللواء عباس كامل بإدارة الجهاز حتى إشعار آخر، ليصبح أول مسئول يأتي على رأس هذا الجهاز إلى جانب عمله الإداري برئاسة الجمهورية، لم يكن ذلك كافيا بعد تفجير ملفات الصراع بين المخابرات العامة من جهة والجيش من جهة ثانية، أهمها المصالحة بين حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين، ثم إعلان عنان ترشحه في مسرحية الرئاسة، وبعدها إعلان الجيش مخالفته للقواعد والقبض عليه وتفتيش منزله وحبسه، عقب تسريبات بين المخابرات الحربية وإعلام الانقلاب، يعتقد بأن المخابرات العامة تقف خلفها. المصالحة بين فتح وحماس كانت من أولويات المخابرات العامة والملف الأهم في كف اللواء الراحل عمر سليمان، إلا أن السفيه السيسي من هواة استعمال العصا الغليظة، فدفع باللواء الشهير بتناول الترامادول عباس كامل، بعدما عاد من الزيارة التي رافق خلالها السفيه السيسي إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ليقود عملية "إعادة ترويض واسعة وعاجلة " في جهاز المخابرات العامة. ويمكث كامل في مقر الجهاز بشكل شبه دائم على مدار اليوم، ويعقد اجتماعات على مدار الساعة بوكلاء الجهاز من كل الإدارات، ويشاركه في ذلك فريق من قيادات الجهاز المنتقلين حديثا من المخابرات الحربية، يضم بين أعضائه محمود السيسي نجل السفيه، الذي يحمل رتبة مقدم، وكان يعمل في المخابرات الحربية وانتقل إلى المخابرات العامة عام 2013، وتم تصعيده بصورة لافتة في عهد مدير الجهاز الأسبق محمد فريد التهامي، الذي اختاره السفيه السيسي لقيادة الجهاز بعد الانقلاب على محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب للبلاد. من قتل عمر سليمان؟ من جانبه، رأى رئيس تحرير صحيفة المشهد الأسبوعية "مجدي شندي"، أن قرار تكليف عباس كامل بإدارة المخابرات العامة، يعني وجود حالة من توجس العسكر من جهاز المخابرات العامة الذي يحاول أن يعصم مصر من التغيرات المفاجئة، ويحاول فتح المجال العام بتوفير حد أدنى من الحريات الإعلامية، لمنح متنفس للناس، مع الحفاظ على الثوابت في سياسات مصر العربية والدولية. من جهته، قال الكاتب الصحفي جمال الجمل: إن تكليف عباس كامل يُعد "استمرارا متطرفا في طريقة السيسي لإدارة البلاد، وهي بعيدة تماما عن الإدارة عبر مؤسسات الدولة، والتحول الديمقراطي". وأضاف أن هذه الطريقة تتجه إلى ما يمكن وصفه ب"العصابة الحاكمة" عبر توريث "الدائرة الضيقة للهيمنة على كل مؤسسات مصر وتحويلها إلى ثكنة عسكرية تأتمر بأوامر شخص واحد". وأشار الكاتب الصحفي إلى أن التطورات الأخيرة تُذكّر بمحاولة اغتيال مدير المخابرات العامة الأسبق عمر سليمان في الأيام الأولى لثورة يناير، وهو ما يشير بأصابع الاتهام إلى الأطراف التي سعت للتخلص من عمر سليمان، ثم التخلص من رجاله داخل جهاز المخابرات العامة. تخريب أما الكاتب الصحفي سليم عزوز، فرأى أن هناك عملية تخريب متعمدة يقوم بها السفيه السيسي في جهاز المخابرات العامة منذ الانقلاب، نتجت عنها إحالة 73 وكيلا لجهاز المخابرات إلى التقاعد، بما يشير إلى وجود حساسية لديه وعدم ثقة تجاه هذا الجهاز، مضيفا أن "تعيين السيسي سكرتيره رئيسا للمخابرات العامة يخصم كثيرا من رصيد أي نظام حاكم". وأوضح عزوز أن القرار له علاقة بالانتخابات الرئاسية المقبلة، خاصة فيما يتعلق بترشح رئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق قبل عدوله عن القرار، ومن ثم الدفع بالفريق سامي عنان، لافتا إلى أن المخابرات العامة تؤيد طرح بديل للسفيه السيسي. وأشار عزوز إلى أن الإجراء السريع بإقالة خالد فوزي وتعيين عباس كامل، وهو القادم من خارج جهاز المخابرات العامة، يشير إلى أن السفيه السيسي يشعر بقلق تجاه الجهاز، خاصة بعد التسريبات الأخيرة. وتابع عزوز أن هناك صراعا بين المخابرات العامة والمخابرات الحربية منذ ثورة يناير، لكن السفيه السيسي حسمه وقت أن كان مديرا للمخابرات الحربية؛ بسبب قربه من قائد المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي، الذي تولى مقاليد الحكم في فترة ما بعد الثورة. وبينما يدير جنرالات الانقلاب اتصالات على أعلى المستويات مع حركة حماس لدفع المصالحة الفلسطينية، يواصل الانقلاب محاكمة الرئيس المنتخب، محمد مرسي، و23 آخرين في الهزلية المعروفة إعلاميا ب"التخابر مع حماس"! مكائد الترامادول من جهة أخرى، حذرت تركيا من وجود مكائد تحاك تجاه فلسطين، ضد حكومة الوفاق الفلسطينية التي بدأت عملها في قطاع غزة، وحذر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، من وجود مكائد تحاك تجاه فلسطين، حيث تعمل بعض دول المنطقة (يقصد جنرالات الانقلاب المصري) على تغيير السلطة الفلسطينية، وتنصيب دمى تابعة لها على رأسها. مشددا على ضرورة وأهمية إنهاء ازدواجية القيادة في فلسطين، وأوضح أن تركيا ترى تلك التهديدات كافة، وأن السلطة الفلسطينية أيضا مدركة للمخاطر المحدقة بها، ونوه بأن تركيا تبذل ما بوسعها لحل قضية الشرق الأوسط، وتقوية موقف فلسطين على مائدة المفاوضات، من خلال توحيد الصف الفلسطيني، كما لفت إلى وجود مساهمات كبيرة لتركيا في وصول الأمر لهذه المرحلة، فيما يتعلق بإنهاء الانقسام الفلسطيني. وأشار إلى تعرض تركيا لانتقادات كثيرة بسبب تواصلها مع حماس عقب فوزها بشكل شفاف ونزيه في الانتخابات عام 2006، وأكد جاويش أوغلو أن تركيا كانت ترمي من خلال ذلك، لجذب حماس إلى الخط السياسي. وشدد على ضرورة تحقيق تنمية اقتصادية في المنطقة، وتركيا سرعت عملية بناء المنطقة الصناعية في مدينة جنين الفلسطينية، وأشار إلى أن تركيا ستواصل كافة أنواع الدعم من أجل إعادة إعمار المشافي والمدارس في قطاع غزة، وحل مشكلتي المياه والكهرباء، وتابع: "نحن نقدم الدعم المادي الأقوى لفلسطين في المجتمع الدولي وسنواصل دعمنا بنفس الوتيرة". طريقه للزوال.