أسعار الأسماك والخضراوات والدواجن.. اليوم 26 أكتوبر    نائب رئيس حزب المؤتمر: احتفالية «مصر وطن السلام» أبرزت وجه مصر الإنساني ورسالتها الحضارية للعالم    محسن صالح: لن نبدأ من الصفر في دعم المنتخبات وهذا الفارق مع المغرب    التحريات تكشف سبب حادث تصادم سيارات طريق السويس | صور    صابر الرباعي يحيي ذكرى محمد رحيم بأغنية «وحشني جدًا» في ختام مهرجان الموسيقى العربية    الأخضر الأمريكي في البنوك.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الأحد 26-10-2025    ترامب يعلن عن توقيع مرتقب لاتفاق السلام بين تايلاند وكمبودي    روبيو: أمريكا لن تتخلى عن دعم تايوان مقابل اتفاق تجاري مع الصين    رسميًا بعد قرار الحكومة.. موعد إجازة افتتاح المتحف المصري الكبير 2025    محمد سلام يشوق جمهوره لمسلسله الجديد «كارثة طبيعية»    ارتفاع كبير تجاوز 800 جنيه.. سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الأحد 26-10-2025    من «كارو» ل«قطار الإسكندرية».. مباحث شبرا الخيمة تعيد «محمد» لأسرته    شبورة كثيفة وتحذير مهم ل السائقين.. حالة الطقس اليوم الأحد 26-10-2025 ودرجات الحرارة المتوقعة    السيطرة على حريق في منزل بمنطقة المنشية بالأقصر دون مصابين    إصابة سائق في انقلاب سيارة نقل بأكتوبر    ضبط صانعة محتوى لنشرها فيديوهات رقص خادشة للحياء    الطريق إلى بروكسل    عاجل - غارة إسرائيلية تستهدف دراجة نارية في بلدة القليلة جنوب لبنان    آخر التحديثات.. أسعار الذهب اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025 بالصاغة محليًا وعالميًا    هشام عباس وميريهان حسين وياسر إبراهيم يشاركون أحمد جمال وفرح الموجى فرحتهما    هانيا الحمامي تتوج ببطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش بعد الفوز على أمينة عرفي    موعد بداية امتحانات نصف العام ومدة اختبارات شهر أكتوبر 2025    الهندسة النانوية في البناء.. ثورة خفية تعيد تشكيل مستقبل العمارة    سلوت عن هدف محمد صلاح: لقد كان إنهاء رائعا من مو    اشتباكات بين الجيش السوري و"قسد" شرق دير الزور    محافظ الغربية في جولة ليلية مفاجئة بالمحلة الكبرى لمتابعة النظافة ورفع الإشغالات    وسط غزل متبادل، منة شلبي تنشر أول صورة مع زوجها المنتج أحمد الجنايني    خلافات النسب تنتهي بالقتل في الوراق.. النيابة تأمر بتشريح الجثة وحبس المتهم    لتفادي النوبات القلبية.. علامات الذبحة الصدرية المبكرة    الصحة: مصرع شخصين وإصابة 41 آخرين في حادث مروري على طريق (القاهرة - السويس)    مدرب إيجل نوار: الأهلي كان قويا رغم الطرد    وزير الرياضة: سنساعد الزمالك وفقا للوائح والقوانين.. وقد نمنحه قطعة بديلة لأرض أكتوبر    مصرع شاب وإصابة شقيقه فى حادث تصادم سيارة نقل بدارجة نارية بالمنوفية    انتخابات الأهلي – الغزاوي: التنمية والاستثمار هما هدف المرحلة المقبلة للمجلس    محمد عبد الجليل: يانيك فيريرا أقل من تدريب الزمالك.. وأنا أفضل من زيزو بمراحل    وزيرة التضامن تتابع إجراءات تسليم الأطفال لأسر بديلة كافلة    استعدادات مكثفة لافتتاح «المتحف المصرى الكبير».. والحكومة: السبت المقبل إجازة رسمية    خليل الحية: سنسلم إدارة غزة بما فيها الأمن.. وتوافقنا مع فتح على قوات أممية لمراقبة الهدنة    هيئة سلامة الغذاء تُكرّم 10 مصانع لدخولها القائمة البيضاء لتصدير التمور    الانتخابات.. تحية للأغلبية وكشفٌ لواقع المعارضة    غادة عبد الرحيم تدعو وزارة التعليم لتبني حقيبة "سوبر مامي" لدعم أطفال فرط الحركة وتشتت الانتباه    أكثروا من الألياف.. نصائح فعالة لعلاج شراهة تناول الطعام    السر في فيتامين B12.. أبرز أسباب الإرهاق المستمر والخمول    بداية شهر من الصلابة.. حظ برج الدلو اليوم 26 أكتوبر    عضو إدارة بتروجت يكشف كواليس انتقال حامد حمدان للزمالك    صلاح يسجل أمام برينتفورد وليفربول يخسر للمرة الرابعة تواليا في الدوري الإنجليزي    الطفل آدم وهدان: فخور بوقوفى أمام الرئيس ومحمد سلام شخص متواضع    رئيس جامعة المنيا يشارك الاحتفالية العالمية «مصر وطن السلام» بمدينة الفنون بالعاصمة الإدارية    عمرو أديب: مُهمة التدخل للبحث عن جثث الرهائن فى غزة تظهر قوة مصر وحكمتها    الأزهر للفتوى: الاعتداء على كبير السن قولًا أو فعلًا جريمة فى ميزان الدين والقيم    امتحانات أكتوبر.. تعليم القاهرة تشدد على الالتزام بالنماذج الامتحانية المعدة من قِبل الموجهين    يوسف زيدان: قصة أبرهة الحبشي غير دقيقة.. واستخدام الفيل لهدم الكعبة تصور غير عملي    خالد الجندي: لو تدبرنا إعجاز القرآن لانشغلنا بالخير عن الخلاف    6 صور ترصد تفاصيل حفل وطن السلام بحضور الرئيس السيسي    جلسة خاصة بمؤتمر الإيمان والنظام تسلط الضوء على رجاء وثبات المسيحيين في الشرق الأوسط    فتح باب التقديم للأجانب بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عضو اللجنة الرئاسية لحل أزمة السد: الجانب الإثيوبى يتعمد إخفاء معلومات كثيرة!

شدد د. أكرم الجنزورى -عضو اللجنة الرئاسية لحل أزمة سد النهضة- على ضرورة التفاهم والتفاوض مع الجانب الإثيوبى للتوصل إلى حل واتفاقية إطارية للتنمية تخدم مصر وإثيوبيا ولا تضر بأى من البلدين، وحذر من غرق السودان بالكامل فى حال استمرار بناء السد بعيوبه الفنية، مطالبا الجميع بأن يتحدث كل فى اختصاصه، حفاظا على سير المفاوضات.
وقال الجنزورى، فى حوار مع "الحرية والعدالة": إن الوفد الشعبى الذى سافر إلى إثيوبيا عقب الثورة فشل فشلا ذريعا، وعاد بصور وتصريحات غير حقيقية، مؤكدا أن الرئيس محمد مرسى بدأ خطوات جيدة فى إفريقيا تتطلب تحركات أكبر.
وأشار إلى أن تشكيل لجنة رئاسية تضم فنيين وخبراء ومتخصصين خطوة على الطريق الصحيح، مقللا فى الوقت نفسه من جدوى مشروع نهر الكونغو، ووصفه بأنه مجرد ضجة إعلامية لما يترتب عليه من تكاليف اقتصادية كبيرة.
مزيد من التفاصيل فى نص الحوار التالى.
* بداية.. ما أهم ملامح مشروع سد النهضة الذى يثير أزمة على الساحة المصرية الآن؟
سد النهضة فى إثيوبيا يشبه إلى حد كبير السد العالى فى مصر، مع اختلاف أننا دولة مصب. فمصر عندما أرادت تنظيم المياه وإيجاد وسيلة لزراعة أكثر من محصول فى العام، وقررت أن يكون لها رصيد مائى تعتمد عليه طوال العام، قررت إنشاء السد العالى فى أسوان، وقامت بوضع معايير تصميمية وهندسية تحدد مساحته ومساحة البحيرة الموجودة خلفه والأراضى المحيطة به التى تغمرها المياه، وتشغيله وفقا لاتفاقيات ومعايير لا تضر بأى دولة أخرى، وساعدنا فى ذلك أننا دولة مصب.
لكن بالنسبة لإثيوبيا الأمر يختلف؛ لأنها من دول المنبع، ومن ثم فإن إقامة سد على النيل بحجم سد النهضة يؤثر على الدول الأخرى، خاصة دول المصب كمصر والسودان، فضلا عن اكتشاف عيوب فى السد قد تؤدى إلى إغراق الخرطوم فى حال انهيار السد -لا قدر الله.
* لكنّ هناك سدودا فى دول أخرى.. لماذا لا تثار حولها هذه الضجة نفسها؟
السدود الموجودة قديمة وصغيرة ومحدودة، وكميات المياه المخزنة وراءها قليلة، وهناك شبه اتفاق وتعارف عليها من حيث كميات المياه المخزنة وقواعد التشغيل وكل ما يلزم ضمان حصة كل دولة من المياه.
لكن سد النهضة أول سد يقام دون اتفاق ودون معاهدة، خاصة أن المتعارف عليه بين دول حوض النيل أنه يشترط موافقة الجميع، إلا أن أغلب دول الحوض ترفض هذا الشرط خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة. كما أن لدولتى المصب مصر والسودان أهمية فى الموافقة على أى سد يتم بناؤه؛ لأنهما تتأثران من إنشاء أى سد على النيل.
* قبل الدخول فى تفاصيل السد.. ما أهم مصادر المياه التى تصل إلى مصر؟
مصر تدخلها المياه عبر النيل من مصدرين: الأول من الهضبة الإثيوبية بنسبة 85% من حصة المياه، والثانى من الهضبة الوسطى (بحيرة فيكتوريا) بنسبة 15% فقط، ومن ثم الرصيد الرئيسى الذى يصلنا من إثيوبيا مرورا بالسودان.
* ما حجم هذه الحصة؟ وما استخداماتها؟
حجم المياه الذى يصل من المصدرين والذى يتم تخزينه بالبحيرة الكبيرة الموجودة خلف السد العالى وتشترك فيها مصر والسودان (350 مترا داخل حدود مصر- 150 مترا بالسودان)، هذا الحجم يمثل متوسطه 84 مليارا تتقاسمها مصر والسودان وفقا لاتفاقية تمت فى عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر عام 1959.
وقد اتفق فيها على أن تحصل السودان على 18.5 مليارا، وتحصل مصر على 55.5 مليارا، وتتبقى 10 مليارات يحدث لها بخر من البحيرة. ومن ثم فحصة مصر من مياه النيل 55.5 مليارا، يستخدم 80% منها فى استخدامات الزراعة، و20% للشرب والصناعة واستخدامات ملاحية.
* هل مصادر مصر المائية تعتمد فقط على النيل؟
هناك مصادر أخرى، مثل الأمطار وتمثل مليار متر مكعب، والسحب من الخزان الجوفى العميق غير المتجدد بحوالى 2 مليار متر مكعب، بالإضافة إلى عمليات التحلية التى لا تتجاوز 0.5 مليار متر مكعب فى السنة، وعلى ذلك إجمالى حصة مصر المائية 58 مليار متر مكعب سنويا.
* وماذا عن إعادة استخدام المياه؟
نقوم بإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى بحوالى 6 مليارات متر مكعب، ومياه الصرف الصحى والخزان السطحى بقرابة 6 مليارات، ومن ثم تصبح حصتنا النهائية نحو 68 مليار متر مكعب فى العام.
* بالنسبة لسد النهضة.. لماذا لم تحصل إثيوبيا على موافقة دولتى المصب؟
بصراحة، إثيوبيا أخذت عدة خطوات للتباعد مع مصر طوال السنوات الأخيرة، بدأت منذ محاولة اغتيال المخلوع عام 1995، وبدأت حينها إثيوبيا التفكير واتخاذ خطوات ووسائل أخرى للتنمية بعيدا عن مصر، خاصة أنها من أفقر دول العالم، ولديها مشاكل فى التنمية.
* ما أسباب تضارب المعلومات حول السد وسعته التخزينية؟
فى البداية قالوا إن السعة التخزينية لبحيرة سد النهضة حوالى 4 مليارات متر مكعب مياه، ثم قيل إنها تتراوح من 13 إلى 14 مليارا، إلا أنهم أعلنوا بعد الثورة أن اسمه سد النهضة، وسعته التخزينية 74 مليار متر مكعب!! وهذا التضارب ناتج عن أن الإعلان والتفاصيل الصادرة أحادية المصدر دون اتفاق مع دول حوض النيل، خاصة دولتى المصب.
* إثيوبيا قالت إن السد لن يؤثر على حصة دولتى المصب.. كيف تفسر ذلك؟
هناك معلومات كثيرة تم إخفاؤها، والجانب الإثيوبى لا يجيب عن كل التساؤلات، ولا يضع الخرائط والتصميمات كاملة للجميع، وإثيوبيا تقول ولا تزال تقول إن السد لن يؤثر على حصة مصر المائية وسيأتى بالخير للجميع، ولكن دون أى تفاصيل.
* إثيوبيا دولة فقيرة فمن أين جاءت بالأموال لإنشاء سد يحتاج إلى تمويل ضخم؟ وما حقيقة دور إسرائيل فى تمويله؟
إثيوبيا تبحث عمن يمولها، خاصة أن الجهات الدولية المعتمدة كالبنك الدولى والأمم المتحدة ترفض تمويل مشروعات تسبب مشكلات، ومن ثم فهو طريق مسدود أمامها، مما جعلها تبحث عن جهات أخرى وممولين آخرين ومصادر مالية وتحاول أن توصل رأيا عاما لشعبها أن مشروع السد مسألة قومية يمكن أن يحدث فيه اكتتاب شعبى.
أما بالنسبة لتدخل إسرائيل فى التمويل فيجيب عنه رجال السياسة والمخابرات لكنى أتحدث من الجانب الفنى حسب تخصصى، وقد سمعت عن تدخل إسرائيل مثلما سمع الكثيرون، والمؤكد أن إثيوبيا وحدها لا تستطيع إنشاء السد.
* هل تحويل مجرى النيل الأزرق أولى خطوات البناء؟
بالفعل.. بدأت إثيوبيا فى بناء السد بتحويل مجرى النيل الأزرق، وعند إنشاء أى سد مائى يجب غلق المياه فى اتجاهين، وتحويل المجرى المائى لتفريغ المنطقة المقرر إقامة السد فيها، بهدف تكثيف وتجفيف المياه. وجاءت هذه الخطوة قبل أسبوعين فى احتفالاتهم بالعيد القومى فى ذكرى تغلبهم على القائد الشيوعى لإثيوبيا مانجستو هيلا ماريام، وظهور ملس زيناوى.
* المشروع قديم.. لماذا بدأ العمل فيه الآن؟
السؤال يجب أن يكون: لماذا شعرنا بالخطر الآن، ولماذا استيقظنا من سباتنا العميق طوال السنوات الماضية. فقرار إنشاء سد النهضة قديم ولكن نحن المصريين لم نكن نراه!!
* هل معنى ذلك أن النظام البائد كان يهمل ملف حوض النيل؟
بكل تأكيد، فمنذ 19 عاما تقريبا يتم التعامل مع ملف حوض النيل بنظام التسويف وكسب الوقت، على أمل أن الوقت كفيل بالعلاج وحل الأزمة. وآلية اتباع كسب الوقت والتهوين والتقليل من السد وإمكانية بنائه لعدم القدرة المالية والفنية أوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن، ومن ثم تقاعسنا كثيرا فى هذا الملف.
* ولكننا قمنا بإنشاء مبادرة حوض النيل فى عهد د. محمود أبو زيد وزير الرى الأسبق لجمع شمل هذه الدول؟
المبادرة قامت من أجل هدف جميل هو تقريب وجهات النظر وتحسين العلاقات بيننا، ولكن ما حدث أن المبادرة جمعت هذه الدول خاصة دول المنبع فى مواجهة دولتى المصب، وحشدناهم وتكتلوا ضدنا، ولم تتم الاستفادة من المبادرة بصورة جيدة رغم إنفاق مبالغ مالية ضخمة.
وفشلت المبادرة لعدم وجود تخطيط أو متابعة، فضلا عن ضعف التنسيق بين الأجهزة المعنية، خاصة أن ملف النيل تتعامل معه أطراف عديدة غير وزارة الموارد المائية والرى كالمخابرات لكونه ملف أمن قومى.
وفوجئنا بعد المبادرة أن دول الحوض أصدرت اتفاقية إطارية، وبدأت تتحدث عن الأغلبية وليس الإجماع، رغم أن المتعارف عليه هو وجوب موافقة دولتى المصب باعتبار تعرضهما للضرر، وهو ما لم يتم.
* وماذا عن دور بعثات الرى المصرية فى هذه الدول؟
لم تتم الاستفادة منها، ولم يتم تفعيلها، ولم تلق الدعم الكاف، وترتب على ذلك تحرك إثيوبى للبحث عن مكان داخل القارة، وبدأ "زيناوى" يجمع الشعب على مشروع السد، وجمع الدول المجاورة على رفض التبعية لمصر بوصفها دولة مصب، وهو ما قابلته مصر بتكبر وتعال شديد وعدم اهتمام، فكانت المحصلة أننا بمجرد أن بدأت الثورة انتهزوا فرصة أزمتنا الداخلية، وتوافقت الإرادات بين هذه الدول بإيعاز خارجى أو دونه وبدأ إنشاء السد.
* بعد الثورة ومع بدء الحديث عن المشروع أرسلت مصر وفدا شعبيا دبلوماسيا إلى إثيوبيا.. فهل حقق أى نتيجة؟
مع بدء تحركات إثيوبيا أقمنا مؤتمرات وحوارات وطنية، اتسمت بالعشوائية كالعادة، وأرسلنا وفدا من المجتمع المدنى زعم أنه حل المشكلة، وهو ما لم يحدث.
وكل ما فعله الوفد الشعبى الذى شارك فيه حمدين صباحى وعبد الحكيم عبد الناصر ومصطفى الجندى وغيرهم، أنهم التقطوا صورا مع "زيناوى"، وهذه مشكلتنا أننا نهتم بالإعلام، وقام الوفد بعمل دعاية لنفسه، وهذه أزمتنا أننا لا نسير وراء العلم والحقائق، ونثور مرة واحدة ونهدأ مرة واحدة، لكنهم سائرون فى طريقهم ويعرفون ما يسعون إليه ويريدون تنفيذه، لا يهتمون بمصر.
* إذا كان هذا الوفد الشعبى قد فشل.. فأين الخبراء؟ وأين الدولة؟
نحن فى "الحرية والعدالة" حذرنا الحكومة منذ 5 أشهر، وطالبنا بتحرك سريع لوقف بناء السد، وطلبنا من رئاسة الجمهورية إصدار تصريحات قوية تطالب الجانب الإثيوبى بالتوقف عن البناء حتى انتهاء اللجان الفنية من تقاريرها.
* وماذا عن جهود الرئيس محمد مرسى خاصة زياراته إلى إثيوبيا فى حل الأزمة؟
الرئيس مرسى لا يعاونه أحد، ودليل على ذلك التصريحات الفكاهية والغريبة والمرتبكة التى صدرت عقب إعلان إثيوبيا بدء تحويل مجرى النهر. ولو تحدثت عن العلاقات بين مصر وإثيوبيا على مدار سنوات طويلة، فإن فترة الرئيس مرسى التى لم تتجاوز 10 أشهر غير كافية لحل الأزمة، خاصة أن هناك مشكلات داخلية تكبل أيدينا فى التعامل مع الأزمة بحرية.
وما قام به الرئيس مرسى بادرة إيجابية بتوصيل رسالة قوية إلى دول حوض النيل، أنه متفهم موقفهم ومشاكلهم، وأنه شريك معهم فى التنمية، فهى بداية لا بد أن تتبعها خطوات حقيقية، مع وضع إفريقيا فى الأولوية القصوى.
* هل ترى أن السودان فشلت هى الأخرى فى إدارة هذه الأزمة؟
لا أقول "فشلت"، ولكن عدم التناغم بين مصر والسودان وتباين المواقف والآراء فى الفترة الأخيرة زاد من الأزمة.
* كيف ترى طريقة التعامل الأفضل مع الأزمة؟
الرئيس بدأ بالفعل السير على الطريق الصحيح، باجتماعه مع أعضاء اللجنة الثلاثية وهم الخبراء والفنيون الأجدر ببحث الأزمة، واستمع لهم قرابة 3 ساعات فى حضور وزير الرى ووزير الخارجية ومساعد الرئيس للشئون الخارجية وسكرتيره، ونتمنى أن يستمر الرئيس فى هذه السياسة والاستماع للمختصين مباشرة دون وساطة. وعقب اللقاء طلب منهم كتابة مختصر التقرير باللغة العربية لعرضه على رؤساء الأحزاب وتم نشره للرأى العام.
* هل ترى أن نشر التقرير خطوة إيجابية للحل؟
نعم، لأن الغموض غير مفيد، وبالطبع لم تنشر كل تفاصيل التقرير، لكن هى خطوة جيدة، خاصة أن الخبراء ومَن يعملون فى ملف الرى يعلمون ما فى التقرير ، وأنه لا توجد دراسات كافية، وأن إثيوبيا لا تتعاون معنا وتتلكأ.
* ما تقييمك لتشكيل لجنة رئاسية لبحث وحل الأزمة واختيارك ضمن الفريق؟
الرئيس مرسى يسير بخطوات إيجابية، خاصة أن اللجنة تضم متخصصين وفنيين يعملون بهذا الملف منذ سنوات، وجديرين بالمشاركة فى حل الأزمة.
* ما الضرر المتوقع على مصر لو أنشئ السد؟
خلال فترة ملء البحيرة الواقعة خلف السد التى قد تستغرق من 5 إلى 6 سنوات، وفقا لحجم إيراد الفيضان السنوى، هناك ضرر على مصر، يتمثل فى حجم المياه التى تصل إليها، وستكون فترة الملء صعبة على مصر لتأثر إيرادها المائى، إلا إذا حدث تفاهم بيننا بإطالة فترة الملء حتى لا تتأثر الحصة، وفقا لحجم إيراد الفيضان، ومعايير الملء. كما ستتسبب قوة اندفاع المياه وحجمها على توليد الكهرباء من السد العالى.
وبعد التشغيل، الضرر الذى قد يقع هو عدم التفاهم بيننا فى مواعيد حجب وخروج المياه من السد، فقد تصل لنا مياه غير كافية، أو تصل مياه لا نحتاجها فى أوقات أخرى.. وباختصار، هناك ضرر يقع علينا إذا لم نتمكن من إيجاد صيغة تفاهم مع إثيوبيا، فى طريقة ملء السد وطريقة التشغيل.
* تتردد أقوال أن هناك أخطاء هندسية قد تؤدى إلى انهيار السد.. ما مدى صحة ذلك؟
هذا عيب عدم توفر المعلومات الكافية، وإذا حدث ذلك ستغرق السودان بالكامل، وقد تصل المياه إلى السد العالى وتتخطاه، ومن ثم غرق بلاد النوبة حتى السودان، نظرا لطبيعة الانحدارات. وهنا لا بد من دراسات حقيقية وجادة لمدى قدرة تحمل السد العالى هذه الكمية من المياه.
* هل يمكن الاستفادة من تقرير اللجنة الثلاثية؟
التقرير قدم معلومات مهمة وجيدة للفنيين والمتخصصين، وما خرج للرأى العام مختصر للتقرير، ولم يتم نشره كله. فهناك معلومات لا تهم الرأى العام، ومعلومات أخرى فنية وهندسية بحتة، ومعلومات تمس الأمن الوطنى. وما يهم الرأى العام هو الانتهاء من دراسات كبيرة وكثيرة للتعرف على تأثير السد على النواحى الاجتماعية والبيئية والاقتصادية. وهناك معلومات أكبر بين يدى القيادة السياسية والفنيين والخبراء والفنيين ليبنوا عليها مفاوضاتهم خلال الفترة المقبلة.
* يقال إن مشروع نهر الكونغو سيكون بديلا لمصر فى المياه والكهرباء فى حال إنشاء سد النهضة.. ما جدوى هذا المشروع وإمكانية تنفيذه؟
للأسف، مشروع نهر الكونغو مجرد فكرة إعلامية دعائية، ومشكلتنا أن غير المتخصصين يتحدثون أكثر من الفنيين والمتخصصين. وهناك بالفعل غزارة فى مياه الكونغو؛ لقربها من خط الاستواء، وهناك نحو 1000 مليار متر مكعب من المياه تهدر فى المحيط الأطلنطى لدرجة أن المياه العذبة تصل لنحو 30 كيلو مترا داخل المحيط، كما أن متوسط نصيب الفرد من المياه هناك 35 ألف متر مكعب سنويا، مقابل 600 متر مكعب فى مصر.
ويمكن أن نأخذ المياه من هذا النهر، لكن تواجهنا مشكلة أنها ستمر من جنوب السودان، وهى منطقة مليئة بمستنقعات كبيرة، ومن ثم نحتاج إلى حفر مجارى مائية لمسافة 500 كيلو متر، كما أن هذه المجارى ستمر بمنطقة غابات كبيرة وكثيفة، وهو ما يتطلب اعتمادات مالية ضخمة، وأثبتت الدراسات أن تحلية المياه أوفر من الناحية الاقتصادية من ذلك. وأرى أن النقاش والمفاوضات حول المصدر الطبيعى للمياه أفضل فى هذه المرحلة، بدلا من البحث عن مصادر جديدة.
* إذا كانت هذه رؤيتكم.. كيف ترى حل أزمة سد النهضة؟
هناك مسارات عدة يجب السير فيها بخطوط متوازية، تبدأ بتشكيل مفوضية تترأسها شخصية ذات مستوى تمثيلى رفيع وليكن نائبا لرئيس الوزراء، تضم التخصصات والكيانات كافة، حتى تتم إدارة الملف من مكان واحد، خاصة أننا ضعفاء فى التنسيق بين الكيانات.
وعلى المستوى الفنى، يجب أن تستكمل الدراسات للتعرف بدقة أكثر على السيناريوهات المتعددة، ونتفق على سيناريو واحد بحيث لا تتأثر حصة مصر المائية تحت أى ظرف.
وعلى المستوى الدبلوماسى، يجب البدء فى مفاوضات جادة مع إثيوبيا، والاتفاق على عمل مفاوضات ثنائية؛ حفاظا على ال85% من حصتنا التى تصل من هناك، والبدء فى تعاون اقتصادى، والدخول فى شراكات واستثمارات كبيرة، والعمل بأيدى مصرية هناك، وعلى الأصعدة كافة، ووضع خطة إستراتيجية فى محاور عدة.
* وهل ستوافق إثيوبيا على هذا؟
المصلحة تحكم كل بلدان العالم، خاصة أننا عندما كشفنا لهم عن بعض عيوب السد بدءوا فى الاستماع إلينا، كما أن السودان عندما اكتشفت التأثير الحقيقى الذى يهددها بدأت هى الأخرى فى الاستماع إلينا، وأثبتت التجربة أن الشراكة الحقيقية تؤتى ثمارها، والمصالح تغلب فى النهاية.
* وماذا عن الخيار العسكرى؟
هذا يتحدث عنه العسكريون والسياسيون، ولكن فى الأوضاع المتأزمة حاليا دوليا وإقليميا لا نفكر فى الخيار العسكرى إلا عندما تفشل كل المسارات الدبلوماسية.
* عرض السياسيون ورؤساء الأحزاب رؤيتهم لحل الأزمة فى حوار مع الرئيس.. فهل قدموا حلولا حقيقية للأزمة؟
بداية.. أعترض على بث الحوار على الهواء، فهذه قضية كانت وما زالت يجب أن تحل بعيدا عن الإعلام، خاصة أن ما قيل على الهواء يفسد العلاقات والمفاوضات لشهور مقبلة، وتحرج أطرافا عديدة من دوائر المفاوضات فى هذا الملف. ونحن نحتاج إلى متخصصين فنيين يعرفون كيف تحل الأزمة وفقا لمعلومات حقيقية كاملة لديهم، وهو ما افتقده الحوار.
* كيف ترى حل الأزمة مستقبلا؟
بغض النظر عما ستصل إليه المفاوضات، يجب أن يدرك الشعب المصرى على المستوى الداخلى أن المياه سلعة غالية، ولا بد أن ننظر لملف المياه باهتمام شديد، وأن نُنمى ثقافة الندرة عوضا عن ثقافة الوفرة التى يعيش فيها الشعب. وأعتقد أن هذا هو الوقت المناسب لفتح ملف الاستخدامات السيئة للمياه، والإهدار غير المستساغ، وعدم ترشيد الاستخدام، واللامبالاة فى التعامل مع هذا الملف. أما الأزمة الخارجية فسيتم حلها بشكل أو بآخر، ولن تسبب مشكلة لمصر إن شاء الله.
* وهل لنقابة المهندسين دور فى حل الأزمة؟
النقابة لها دور كبير منذ شهور، فقد عقدت لجنة المياه أكثر من حلقة نقاشية للمتخصصين، وخرجنا بتوصيات تم رفعها للرئاسة، ونحن بصدد إقامة فاعليات أخرى خلال الفترة المقبلة، ونهدف أن تصل رؤيتنا وتوصياتنا إلى الحكومة والرئاسة.
وقد طرحنا فكرة لإنشاء "تجمع مهندسى إفريقيا" لتكون مصر ممثلة دول الشمال الإفريقى فى اتحاد المهندسين الأفارقة، وهى خطوة ستكون مدخلا لتعاون فنى بين كل النقابات الهندسية فى إفريقيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.