تلقي الرئيس "محمد مرسي" ضربة إثيوبية قاصمة للظهرعقب مشاركته بالقمة الإفريقية أول أمس بعد أن فوجئ عقب انتهاء القمة بقرارالحكومة الإثيوبية بالبدء في تحويل مجرى مياه نهر النيل تمهيدًا لبناء سد النهضة والذي سينهي فكرة الحصص التاريخية لدولتي مصر والسودان، في مياه النيل. كانت مصر تحصل على 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، والسودان 18.5 مليار متر من الماء في السنة مما يهدد أمن مصر المائي وينذر بعواقب وخيمة وخاصة بعد تحذيرات الخبراء بأن سد النهضة الذى يتم بناؤه الآن فى إثيوبيا هو كارثة لمصر والسودان بكل المقاييس. وجاء إعلان الحكومة الإثيوبية بعد فشل مفاوضات ومباحثات الرئيس مرسى فى زيارته الأخيرة بعد أن التقي رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ماريام. وخرجت تصريحات من الدكتور محمد بهاء الدين وزير الموارد المائية والري الذي حضر اللقاء، بأن المباحثات بين الرئيس مرسي ورئيس الوزراء الاثيوبي تطرقت إلى مشروع سد النهضة، وأن رئيس الوزراء الإثيوبي أكد حرص بلاده على تحقيق المنفعة لمصر والسودان قبل إثيوبيا، وأن سد النهضة مشروع إقليمي لصالح الجميع بما في ذلك دولتي المصب، وأن هناك لجنة ثلاثية مشكلة من الخبراء المصريين والسودانيين والإثيوبيين تدرس حاليا النتائج التي ستترتب على بناء السد ومدى أضراره بحصة دولتي المصب. وعقب ساعات من مغادرة الرئيس لإثيوبيا تعلن الحكومة الاثيوبية بدء تحويل مجري النيل استعدادًا لبناء سد النهضة. أعلان إثيوبيا لهذا القرار وصفه مراقبون بأنه خطوة استفزازية، تعمق الأزمة القائمة بين دول حوض النيل بشكل عام، خصوصاً بين إثيوبيا وكل من السودان ومصر. لاسيما أن الإعلان الجديد يأتي بالتزامن مع الاحتفال في إثيوبيا بمرور عامين على تدشين العمل في "سد النهضة" الذي أصبح يمثل مشكلة جوهرية بين مصر وإثيوبيا بصفة خاصة. ومع تواتر معلومات عن تعاون "إسرائيلي" إثيوبي في مجال المياه ومشروعات السدود. ومما يثير الشكوك في الخطوة الإثيوبية الجديدة، أنها تتعارض سياسياً وفنياً مع المسار القائم حالياً لإدارة الخلاف مع مصر والسودان، والمتمثل في اللجنة المشكلة من الدول الثلاث لبحث المشروعات المائية الإثيوبية خصوصاً السد الكبير “سد النهضة” الذي يمثل الخطر الأكبر على الدولتين الأخريين . ويكشف السلوك الإثيوبي أن أديس أبابا تتحرك في اتجاه تنفيذ مشروعاتها بغض النظر عن مسار التفاوض أو الحوار القائم في تلك المشروعات، وقبل التوصل إلى أي موقف نهائي بشأنها سواء بالتعديل أو الإيقاف أو حتى بتثبيت تلك المشروعات وتنفيذها كما هي . ورغم الطابع الاحتفالي والدعائي الذي أحاط بالإعلان عن نية إقامة السد الخامس، إلا أن اختيار توقيت الاحتفال بمرور عامين على البدء في “سد النهضة” وتأكيد المضي في تنفيذه قدماً، أمر يصب في تفسير السلوك الإثيوبي بأنه أقرب إلى التهدئة التكتيكية والسياسية مع مصر والسودان، مع الاحتفاظ بالخطوات التنفيذية الخاصة بالمشروعات المزمع إنشاؤها كما هي دون تعديل أو تعطيل . ومن ثم فإن التفاوض تحول إلى غطاء وإطار احتوائي للموقفين المصري والسوداني، أكثر منه مساراً فعلياً لإدارة هذا الملف الشائك والتوصل من خلاله إلى حل فعلي أو تسوية عملية قابلة للتنفيذ بشكل يرضي الأطراف الثلاثة . ومما يؤكد أن هذا هو مضمون الموقف الإثيوبي، تمسك خطابها السياسي بأن الآثار المترتبة على “سد النهضة” لن تكون سلبية بالنسبة إلى السودان ومصر . ومن ثم فإن مهمة اللجنة الثلاثية ببحث ودراسة تلك التأثيرات المحتملة، لا تتعارض وفقاً لهذا المنطق الإثيوبي مع الخطوات الجارية لتنفيذ مشروع السد أو غيره من المشروعات المائية على النيل الأزرق . وفي هذا المنطق استباق لنتائج مهمة اللجنة وافتراض مسبق بأن التأثيرات إما إيجابية وإما على الأقل ليست سلبية بما يكفي لإلغاء المشروع أو حتى تعليقه مؤقتاً . على خلاف الموقف الإثيوبي الرسمي، تشير الدراسات الفنية وتقديرات الخبراء، إلى أن “سد النهضة” وبقية السدود المزمع إقامتها فوق النيل الأزرق، ستتسبب في خسائر وأضرار مباشرة بحصتي مصر والسودان من مياه النيل . خاصة بالنسبة إلى القاهرة التي تتلقى عبر النيل الأزرق ما يزيد على 85 % من حصتها المائية البالغة 55 مليار متر مكعب . وتتفاوت التقديرات بين الخبراء المصريين عن حجم الخسارة المائية التي ستتكبدها مصر والسودان سنوياً . وتصل بعض التقديرات إلى ما يزيد على 30% من حصة مصر المائية و20% من حصة السودان التي تتدفق عبر النيل الأزرق . بينما تنخفض في بعض التقديرات إلى أقل من 10% فقط بالنسبة إلى مصر ونصفها بالنسبة إلى السودان . هذا في ما يتعلق بالنصيب المائي السنوي . وهو ما سينعكس مباشرة في تراجع معدل المساحات المنزرعة في الدولتين، وبالتالي انخفاض حجم المحاصيل الزراعية الغذائية بصفة خاصة التي تعاني الدولتان فيها عجزاً يصل في حالة مصر إلى أكثر من 50% من حجم الاستهلاك الغذائي المرتبط بالمحاصيل زراعية . وهي النسبة التي قد تصل إلى 70% مع النقص المتوقع في حجم مياه الري اللازمة للزراعة المحصولية . وكانت الحكومة الإثيوبية، مساء الإثنين،قد اعلنت على نحو مفاجئ، أنها ستبدأ، الثلاثاء، في تحويل مجرى النيل الأزرق "أحد روافد نهر النيل"، إيذانا ببدابة العملية الفعلية لبناء سد النهضة. وقال المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية، بريخيت سمؤون، في تصريحات للتليفزيون الإثيوبي الرسمي، إن بلاده ستبدأ، الثلاثاء، في تحويل مجرى النيل الأزرق قرب موقع بناء "سد النهضة"، وذلك للمرة الأولى في تاريخ نهر النيل.