رغم الهدوء الذى يسود العلاقات بين دولتى السودان وعودة تدفق نفط الجنوب إلى الشمال، تظل الخلافات حول ترسيم الحدود بين الدولتين وبخاصة "أبيى" "نارا تحت الرماد" تؤججها أقل رياح للخلافات تهب على البلدين، مما يعيق الجهود بوقف حرب غير معلنة ظلت تشعل علاقتهما المتأرجحة. وأعلنت اللجنة الفنية المشتركة بين السودان وجنوبه لترسيم الحدود، أمس الأول، عن تأجيل الاجتماعات المشتركة لمناقشة موقف الطرفين حول المناطق الخمس الحدودية المختلفة عليها، وذلك بطلب من حكومة الجنوب. ونقل المركز السودانى الصحفى عن مصدر باللجنة الفنية المشتركة لترسيم الحدود قوله: "تم بناء على طلب من دولة جنوب السودان تأجيل الاجتماع الذى كان من المقرر مناقشة موقف الطرفين حول المناطق الخمس الحدودية المختلفة". وأكد أن الوفد السودانى جاهز لمناقشة أمر المناطق المختلف عليها، مبينا أن الاجتماع المشار إليه كان من المفترض عقده خلال الشهر الجارى. واتفق البلدان على كافة الملفات الخاصة بفك الارتباط بعد انفصال الجنوب رسميا فى يونيو 2011، فيما تبقى ملفا ترسيم الحدود وقضية منطقة (أبيى) الغنية بالنفط، وتمكن الجانبان فى اجتماعات سابقة من الاتفاق حول 80% من الحدود البالغ طولها نحو ألفى كيلو متر، فى حين تبقت خمس مناطق لا يزال كل طرف يدعى أحقيته بها. دعم المتمردين واستبعد مراقبون حدوث تقارب حقيقى بين دولتى السودان "الشمال والجنوب"، ورجحوا عودة الاتهامات ولغة التهديد المتبعة بين حكومتى الرئيسين عمر البشير وسلفاكير ميارديت لحين معالجة مصير منطقة أبيى والحدود المتنازع عليها ودعم المتمردين الذى تقوم بها دولة الجنوب ضد الشمال. وأشار المراقبون إلى أن الأحداث التى شهدها السودان مؤخرًا تنبئ بأن الأزمة بلغت مداها وأن المعالجات الجزئية الراهنة قد وصلت إلى طريق مسدود، وكلما حدث انفراج مؤقت نتيجة لمعالجات جزئية بين الدولتين انفجرت بؤرة من بؤر الصراع الكامن لتنسف كل مجهود بذل فتعود العلاقة بينهما إلى مربع الصراع الأول بطريقة أكثر حدة. وأوضحوا أن الاتهامات التى يتبادلها البلدان باستمرار وهى الحرب بالوكالة سيطرت على أجواء اجتماعات اللجنة الأمنية التى جاءت بعد أحداث أم روابة وأبو كرشولا الأسبوع قبل الماضى، مشيرين إلى أن ما يجرى فى كردفان ودارفور والنيل الأزرق ليست أحداثا متفرقة، بل هى أجزاء من صورة واحدة ينبغى النظر إليها جميعا على أنها أعراض لمرض واحد يحتاج لعلاج شامل، موضحين أن مخرج الأزمة يكمن فى تغيير شامل ومشروع وطنى جديد.