رغم تأكيدات رسمية وشعبية وتحليلية بأن السودان سيشهد استقرارا كبيرا بعد انفصال الجنوب عنه إلا أن الأحداث الأمنية المتكررة واستمرار وجود الجماعات المتمردة والحالة الاقتصادية التى عليها الطرفان تؤكد عكس ذلك، بل تشير إلى أن هناك حربا غير معلنة بين الطرفين رغم توقيع عدة اتفاقيات مؤخرا لبدء صفحة جديدة. هذه الاتفاقيات -التى لم تفعل بعد- ليست كافية على طى صفحة مليئة بالحروب والتمرد والاتهامات المتبادلة لكنها ربما تكون بداية لمحاولة العيش جنبا إلى جنب والاستفادة من خيرات السودان كله وتفعيل التعاون بعيدا عن فوهة البندقية. تحركات مسلحة وفى خطوة للوصول إلى حل وتفاهم بعيدا عن التصعيد، بعث الرئيس السودانى عمر البشير رسالة إلى رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، تفيد بوجود معلومات حول تحركات لمجموعات مسلحة فى جنوب كردفان تنوى عبور الأراضى الجنوبية وهى مزودة بأسلحة ثقيلة، مضيفا أن هذه التحركات تشكل تهديدا لأمن السودان واستقراره. وللتأكيد على أدلة الاتهام ضد جوبا، استدعت وزارة الخارجية السودانية منتصف الأسبوع الماضى القائم بالأعمال البريطانى، ونظيره الأمريكى، والسفير النرويجى لإطلاعهم على "ما ثبت من دعم دولة جنوب السودان للحركات المتمردة" التى هاجمت منطقتى أم روابة وأبو كرشولا فى جنوب كردفان مؤخرا. وذكرت وكالة الأنباء السودانية (سونا) أنه تم استدعاء الدبلوماسيين الثلاثة كل على حدة، حيث اجتمع بهم وكيل وزارة الخارجية رحمة الله محمد عثمان، الذى أكد "رفض الحكومة السودانية مثل هذا العمل العدائى، الذى من شأنه التأثير سلبا على العلاقات بين البلدين، ويمثل تهديدا مباشرا للجهود المبذولة حاليا للتطبيع وتطبيق الاتفاقيات الموقعة". الجيش يتحرك وكانت الجبهة الثورية المتمردة قد أعلنت فى 27 إبريل الماضى أن قواتها استولت على مناطق أبو كرشولا، السميح، الله كريم، وأم روابة دون أى مقاومة من الجيش السودانى وأنها تقدمت نحو العاصمة الخرطوم. وهو ما رد عليه السودان بالتأكيد على جاهزية قواته المسلحة لدحر المتمردين فى كل جبهات القتال بأقاليم السودان المختلفة، حسبما أكده السكرتير الرسمى لرئاسة الجمهورية عماد سيد أحمد -بعد اجتماع مطول لمجلس الأمن والدفاع- عندما قال إن المجلس اطمأن على الترتيبات والمجهود الحربى، الذى تقوم به القوات المسلحة والقوات المساندة لها فى الدفاع عن الوطن ومكتسبات المواطنين، على حد تعبيره. فى حين أعلن وزير الدفاع الفريق عبد الرحيم محمد حسين أن وزارته وضعت ترتيبات نهائية لتطهير ولاية كردفان الكبرى من متمردى الجبهة الثورية، وقال إن الرد سيكون قويا وحاسما للحركات المسلحة وكل المتمردين بالبلاد. هذه الممارسات من قبل المتمردين وغض الطرف من قبل السلطات فى الجنوب من شأنهما نسف أى تحرك إيجابى فى العملية التفاوضية حول توقيع حزمة من الاتفاقيات التعاونية لطى صفحة الصراع وبدء صفحة التفاهم والتعاون من أجل سودان قوى ومستقر، وهذه مسئولية الطرفين.