* عمرو زكى: انتخاب النواب والمجالس المحلية بوابة القضاء على الفساد * مجدى قرقر: الهيكلة تبدأ باستبعاد بؤر الفساد وتغيير البيئة المنتجة له ورثت مصر جهازا إداريا متضخما يعانى أمراضا عديدة أهمها شبكات الفساد ورءوسه وأذرعه، فكيف يمكن إعادة هيكلته وفى الوقت نفسه استمرار عمله دون حدوث أى فراغ أو اختلال. يقترح خبراء وسياسيون روشتة لهيكلة الجهاز الإدارى للدولة تشمل ضرورة البدء باستئصال عناصر الفساد الثابت فسادها بأدلة للحفاظ على الجسد نفسه بعد تنقيته مع استكمال تجديد القيادات بالدولة، ووضع خطط طويلة الأمد وإستراتيجية لكل مؤسسة على حدة ووضع ميثاق أخلاقى للموظفين، وترشيد النفقات، وحيادية التعيين والتقييم، وتوفير حماية أمنية كافية للمبلغين عن وقائع الفساد، وتمكين الأجهزة الرقابية، وهيكلة كل مؤسسة بما تحتاج وتحتمل، فقد تؤدى التغييرات الجذرية السريعة على نطاق واسع إلى خلل. وطالبوا فى تصريحات ل"الحرية والعدالة" بالإسراع بإجراء انتخابات مجلس النواب وانتخاب المجالس المحلية لتجفيف منابع الفساد وتحقيق دائرة محكمة من الرقابة المباشرة عليها، محذرين من محاولة البعض عن عمد تأخير استكمال الهيكل القانونى والمؤسسى للدولة. من جانبه، قال المهندس عمرو زكى -أمين مساعد حزب الحرية والعدالة بالقاهرة، وعضو مجلس الشعب السابق: إننا عانينا كثيرا من تشريعات المخلوع مبارك ولوائحها التنفيذية ولم نجد الفرصة بمجلس الشعب السابق لإنهاء تعديلات تشريعية لا بد منها فى مرحلة ما بعد الثورة ومن ثم نستطيع بدء مشروع النهضة بفاعلية. وأضاف: لا بد أن تتطهر مؤسسات الدولة من بعض لوائحها الضعيفة والفاسدة حتى ينتظم الهيكل الحكومى التنفيذى بلوائح وروح الثورة، ولكى نستطيع القضاء على الفساد بالجهاز الإدارى للدولة فلابد من تنفيذ اتجاهين أساسيين أولا انتخاب مجلس النواب الذى يقوم بتعديلات القوانين لتلك الهيئات مثل هيئة الشرطة، وكذلك انتخاب المجالس المحلية التى ستقوم بالرقابة التنفيذية على كل الوحدات المحلية. وشدد زكى على أن أى حكومة لن تستطيع أن تنجح فى ظل تشريعات مبارك وقوانينها وفى ظل غياب مجالس محلية تنفيذية منتخبة تراقب وهنا تبدأ الثورة بالشكل التنفيذى الفعلى، موضحا أن المجالس المحلية دورها مراقبة أداء الوحدات بكل حى ومحافظة والإنفاق فيها، وسوف يسهم أى مجلس محلى منتخب للحى والمحافظة فى غل يد الفساد من منابعه الأصلية، ولكن هناك محاولة عرقلة عملية استكمال هيكل الدولة القانونى والدستورى. وأشار إلى أن هذا الجانب العلمى شرط لنجاح أى حكومة ويتمثل فى جناحى التشريع لعمل تعديلات على قوانين هيئات الدولة لأنها ضعيفة وليس بها إجراءات حاسمة لمكافحة الفساد، ثم المحليات وكلاهما جناح نجاح أى حكومة. وتابع: إن مصر تحتاج تعديلات مئات القوانين، ومجلسا محليا يراقب الأحياء، ودون مجلس تشريعى يعدل القوانين فلن نستطيع إعادة الهيكلة بمؤسسات الدولة، موضحا أنه من يريدون تأخير نهضة مصر وإظهار القيادة السياسية بصورة ضعيفة وعدم إنجازها لحل مشكلات المواطنين هم من يعوقون إجراء انتخابات النواب والمحليات عن عمد حيث يحاولون تأخيرها لإظهار رأس السلطة التنفيذية عاجزا عن تحقيق نهضة مصر. وبين زكى أن مجلس الشورى لا يستطيع القيام بدور المجالس المحلية فهى خارج اختصاصاته، كما أنه مطارد من "مدعى المعارضة" لتحجيم دوره، ومنع أى تعديل لأى قانون، وأعداء مصر من الداخل والخارج يريدون دوران مصر فى حلقة مفرغة ولن ينجحوا بذلك؛ لأننا ماضون فى استكمال هيكل الدولة. قمة الهرم من جهته، يرى د. مجدى قرقر-أمين عام حزب العمل الجديد- أن الفساد قد استشرى بالمجتمع المصرى منذ عقود بعد أن كان متمركزا فى قمة الهرم انتقل للجسد المصرى كله وفى كافة مؤسسات الدولة، وبعد الثورة إذا كنا تمكنا من وضع بعض رءوس الفساد الرئيسية فى السجون إلا أن الفساد المستشرى بالجسد لا يمكن معه الجراحة وإلا مزقنا الجسد كله، ومن ثم نحتاج إلى صبر ووضع الخطط طويلة المدى لمعالجة كل حالة بحالتها وكل مؤسسة على حدة مع الاستفادة من الخبرات بين المؤسسات المختلفة. ويعتبر أن الأمر يستوجب تعديلات تشريعية لتحجيم الفساد من خلال القانون ولكنه وحده لا يكفى لأن الفساد يترعرع فى بيئة معينة فإذا تم علاجها يمكن التحكم فى الفساد سواء بتعديل هيكل الأجور بأن يكون التعامل المادى بوسائل مختلفة دون احتكاك الإدارة مباشرة مع الموظفين، ولابد من ميثاق عمل أخلاقى يحكم كل مؤسسة. ورفض قرقر آلية تطهير كل الفئات والصفوف لأننا لا نعلم هل يتركز بالصفوف الأولى أم الدنيا، لذا الأحوط التركيز على بؤر الفساد الواضحة ورءوسها، واستئصال العناصر الثابت فسادها بأدلة واضحة دون تعميم مخل وليس الصف أو الجسد كله. ويقول إن إعادة الهيكلة تعنى استبعاد من ثبت فساده لأن هناك عناصر تفاعلت مع الثورة واستقامت فلا مانع من استمرارها، وعناصر أخرى استمرت على فسادها وهذه وجب تغييرها وهذا واضح بمؤسسة الداخلية وينطبق على باقى المؤسسات. الجهاز التنفيذى بدورها، ترى شيماء بهاء الدين –الباحثة بمركز الحضارة للدراسات السياسية- أننا قبل الثورة اعتدنا التعامل مع الفساد فى الجهاز التنفيذى للدولة باعتباره أمرا مسلما به، وبدلا من الاجتهاد فى مواجهته كان اجتهاد كثيرين لابتكار أساليب للتماهى معه، فكان الحال أن تغذى الفساد على التدهور الأخلاقى والهمم المتراجعة. وأشارت "بهاء الدين" إلى أن التطهير فى الأجهزة التنفيذية للدولة كان فى مقدمة مطالب الثورة، إلا أن البطء وعدم الفاعلية سبَّبا إحباطا لدى البعض، لاسيما مع بقاء عدد كبير من الوجوه القديمة فى أماكنهم. وأوضحت أن أولى الخطوات لمواجهة الفساد تحديد مواطنه بعمق ودقة، فنحن أمام فساد إدارى ضخم هو بمنزلة مظلة، ولا يقف الفساد الإدارى عند مجرد وجود تعيينات بالواسطة والمحسوبية، وإنما هو يبدأ بالأساس بغياب الرقابة على خطط العمل الكلية بالجهاز التنفيذى والتى غالبا ما تكون صورية أن وجدت، يقترن ذلك بافتقاد ما يُعرف بالتوصيف الوظيفى الذى يحدد مهام كل موظف فى إطار تلك الخطة المفترضة. وتابعت: وهنا ننتقل إلى ما يمكن تسميته الفساد التقييمى والمهارى، حيث إن فساد الرؤية الكلية ينعكس فى عدم وجود معايير لتقييم للعاملين وكذا عدم جدية ما يتلقون من تدريبات، وإذ بنا نجد تقارير أداء شكلية تساوى بين الجميع بغض النظر عن الإنجاز، والأمر نفسه بالنسبة للحوافز التشجيعية. واستطردت قائلة: أما الفساد المالى فيبدأ من الإسراف والتبذير فى النفقات لقادة الجهاز التنفيذى، وهو الأمر الذى نلاحظ تراجعه الآن، فضلا عن الرشوة بمستوياتها المختلفة من كبار الموظفين وصغارهم فى شبكة عنكبوتية خاصة فى المحليات. وأضافت: إذا أردنا معالجة تلك الأمور، فإننا بحاجة إلى رقابة جادة من المجالس التشريعية، بحيث تمتد إلى خطط مختلف الهيئات التنفيذية وليس فقط الخطط العامة للوزارات، ووضع ما يعرف بالكود الوظيفى الذى يترجم عمل كل موظف بالدولة إلى نقاط محددة بوضوح، بما يسهم فى حيادية التعيين والتقييم، كذلك لا بد من تمكين الأجهزة الرقابية بالدولة، فمثلا أحيانا ما يحتاج المراقبون التابعون لوزارة المالية فى الهيئات المختلفة إلى مساعدة لجنة فنية محايدة تقيم الأعمال، حيث أحيانًا ما تكون الإجراءات شكليًا سليمة بينما يحدث تلاعب فنى. وتقترح شيماء أيضا توفير حماية أمنية كافية لمن يقوم بالإبلاغ عن وقائع الفساد، والاهتمام بتقييمات المواطنين للجهاز التنفيذى، واستكمال تجديد القيادات، وهو ما اتخذ فيه الرئيس خطوات واضحة، وبدء إعادة الهيكلة، ولكن هيكلة كل مؤسسة بما تحتاج وتحتمل، حيث قد تؤدى التغييرات الراديكالية على نطاق واسع إلى خلل فى بعض الأعمال، وعلى التوازى تتم التوعية الدينية، وتوعية المواطنين بأهمية المشاركة فى انتخابات المحليات، ومراقبة عملها بعد ذلك، حتى لا تتاح لها فرصة الفساد كما كان من قبل.