فى صمت رحل عنا الدكتور مهدى القماطى وكيل وزارة الإعلام السابق، وأستاذ الإعلام والمخرج المعروف.. ذلك الرجل الذى عمل على خدمة وطنه وفكرته فى صمت كما رحل فى صمت. أعرف الدكتور مهدى منذ فترة طويلة، فهو بلدياتى وشخصية مشهورة، حيث كان مخرجا بالتليفزيون المصرى، لكن لم أتعرف عليه إلا فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حيث وجدته شعلة من نشاط يعتصر ألما على حال الوطن، ويؤيد ثورة هذا الشعب وينتمى لدينه دون مزايدة ويمد يده بالخير لكثيرين دون إعلان. رغم اقترابه من مؤسسات الدولة العميقة ودرايته الكاملة بتداعيات تأييده للثورة أو رفضه لأحد رموزها، إلا أنه كان من أشد المعارضين لعقد مؤتمر انتخابى للمرشح الخاسر "شفيق" فى نزلة السمان بالهرم، ثم سرعان ما انضم لحملة الدكتور محمد مرسى، خاصة فى المرحلة الثانية، وشارك فى عقد واحد من أهم مؤتمرات دعمه بمنزل أحد رموز عائلته بنزلة السمان، متحملا تبعات ذلك فى منطقة يغلب على أهلها العمل بالسياحة، وكان شعار مناهضى الدكتور مرسى هو أن وصول الإسلاميين للحكم سوف يوقف السياحة المصدر الرئيس لرزق أبناء البلدة. وواصل الدكتور القماطى دعمه للدكتور مرسى، وكان يتابع مع حملة الدكتور تليفونيا ربما بصورة شبه يومية فعاليات الحملة، ويوجه نصائحه لخدمة حملة "الرئيس"، واذكر اتصالا لن ينسى أجراه معى يوم إعلان النتيجة، وكان فى قلق من تأكيد الإعلام أن "شفيق" سوف يفوز، وظل هكذا حتى إعلان النتيجة لصالح الدكتور مرسى. ظل القماطى يثرينا بأفكاره الإعلامية وحاول أن يخدم "الشرعية" من خلال مكانته بأحد القنوات الخاصة التى لاحظ الكثيرون من متابعيها تحولا إيجابيا نحو تأييد الشرعية فى وقت كانت قنوات أخرى تسعى للانتقاص منها. وعندما طرح البعض عليه فكرة العمل فى مؤسسات قريبة من الحركة للاستفادة بخبراته، قال كلمته الشهيرة: "دعونى أخدم الشرعية بطريقتى ولا أريد مقابلا لذلك". ظل القماطى عضوا فاعلا، وصاحب فقرة رئيسية فى صالون الوسطية بالهرم، يمد أعضاءه من أبناء الهرم المخلصين بكل ما يعرف عن مجاله، وما يدور فى كواليس هذا القطاع المجهول لدى الكثيرين، والمبالغ الخيالية التى تنفق على عدد من القنوات لخدمة هدف واحد فقط؛ وهو "إسقاط الرئيس الشرعى المنتخب". سعى القماطى إلى وجود إعلام نظيف، فشارك فى تأسيس جمعية حماية المشاهدين والمستمعين والقراء، التى تضم كبار الخبراء والأكاديميين، كما ناضل القماطى من أجل "فكرة" و"شرعية" حبا فى بلده، التى كان يريد أن يراها فى وضع أفضل مما هى عليه، وكان على يقين أن الثورة هى البداية لذلك الطريق، وأن الدفاع عن الشرعية هو الأمل للخروج بالبلاد من مأزقها الحالى وتحقيق أهداف الثورة.. رحم الله د. مهدى القماطى وجزاه الله خيرا عما قام به لخدمة بلده، وألهم أهله وذويه وتلاميذه وأبناء بلدته ومهنته الصبر والسلوان.