ليست المرة الأولى التى يلطخ العار فيها جبين أوروبا فيما يتعلق بانتهاك "حقوق الإنسان" ذلك الشعار الذى اخترعه الغرب وجعل منه شماعة لاحتلال دول بحجة انتهاك حقوق الإنسان لكنها تسقط مع كل اختبار لمصداقيتها فى هذا الصدد، خاصة فيما يتعلق بقضايا المسلمين. ففى الوقت الذى ما زال العار عالقا فى جبين أوروبا التى تسترت على مذابح المسلمين فى البوسنة والهرسك (17/4/1992م-11/1995م) لحق قبل أيام بجبينها عار جديد إثر موقفها المشين من مذابح المسلمين فى بورما. فعلى وقع حملة الإبادة التى تشنُّها حكومة بورما البوذية ضد المسلمين هناك، قدمت المجموعة الأوروبية هدية للنظام البورمى المجرم برفع العقوبات التجارية والاقتصادية والشخصية المفروضة عليه منذ سنوات، ولم يخجل بيان المجموعة الأوروبية الذى أصدره وزراء الخارجية الاثنين الماضى (22/4/2013م)، عندما أعلن أن «القرار جاء مكافأة للحكومة البورمية على برنامج الإصلاح السياسى الذى تنتهجه»! ولذرّ الرماد فى العيون، لم ينسَ القرار التنبيه على الحكومة البورمية بأن عليها مواجهة «تحديات كبيرة»، وعلى الأخص فيما يتعلق بالأقلية المسلمة فى البلاد! الغريب أن القرار الأوروبى لم يأبه بالتقرير الخطير الذى أصدرته فى اليوم نفسه منظمة «هيومان رايتس ووتش» (الاثنين 22/4/2013م)، وهو تقرير فاجع، قدَّم -بأدلة لا يرقى إليها الشك- ما يثبت ضلوع الحكومة البورمية فى حملات للتطهير العرقى والجرائم ضد الإنسانية بحق المسلمين. وجاء فى التقرير أن «قوات الأمن البورمية إما لم تتدخل أو شاركت فعليا فى الهجمات التى نفذتها مجموعات بوذية على المسلمين».. وقالت المنظمة إنها عثرت على أربع مقابر جماعية فى الإقليم، كانت قوات الأمن قد استخدمتها لإخفاء الأدلة عن هذه الجرائم. وأضافت «هيومان رايتس ووتش»، التى تتخذ من نيويورك مقرا لها، أن قوات الأمن تواطأت فى تجريد المسلمين «الروهينجيا» من أسلحة بدائية كانوا يمتلكونها، ووقفت فى وضع المتفرج، بل شاركت خلال قتل بوذيين من «الراخين» رجالاً ونساء وأطفالاً (مسلمين)، فى يونيو وأكتوبر عام 2012م. واتهم التقرير قوات الأمن بعدم التدخل لمنع العنف وحماية المسلمين الفارين قائلا: إن «القوات كثيرا ما وقفت دون تدخل أثناء الهجمات، أو ساعدت بشكل مباشر المهاجمين فى ارتكاب جرائم قتل وانتهاكات أخرى». وقال «فيل روبرتسون»، نائب مدير قطاع أسيا فى «هيومان رايتس ووتش»: إن عدم التحقيق بشكل ملائم، أو معاقبة المسئولين الحكوميين؛ شجع من يقفون وراء الحملات المناهضة للمسلمين فى مناطق أخرى. وقد تزامن إصدار تقرير «هيومان رايتس ووتش» مع بث قناة «بى بى سى» شريطا حصلت عليه من الشرطة البورمية، يظهر فيه رجال الشرطة وهم يقفون إلى جنب، بينما يهاجم مشاغبون بوذيون مسلمين، وقتلوا منهم 43 شخصا! لقد تجاهل الاتحاد الأوروبى تلك الشهادات الحية عن المجزرة المتواصلة التى يرتكبها النظام البورمى ضد المسلمين دون ذنب إلا أن يقولوا: «ربنا الله»، وداس الاتحاد الأوروبى على قيم حقوق الإنسان وحقوق الشعوب فى حياة كريمة داخل بلادهم، فأصدر شهادة لصالح حكومة بورما تُحسِّن من صورتها القبيحة، وتُقدِّمها للعالم بأنها تتقدم على طريق الحريات وحقوق الإنسان، وذلك صحيح، ولكن فيما يتعلق بين البوذيين بعضهم بعضا فقط، وما بين الحكومة البوذية والمعارضة البوذية فقط.. أما المسلمون فلا مجال لهم سوى السحق والقتل والإبادة، وتلك وصمة عار فى جبين أوروبا والغرب عموما الذى صمت صمتا طويلا على مجازر الصرب ضد المسلمين فى البوسنة قبل سنوات، ويدعم –وما زال- الجريمة الصهيونية على أرض فلسطين. ويبقى على العالم الإسلامى والشعوب المسلمة أن تتحرك دفاعا عن إخوة لهم فى الدين والعقيدة، فكفى صمتا، وكفى تخاذلا، وكفى تجاهلا. أما المسلمون فى بورما فلهم الله وحده لا شريك له.. ناصر المؤمنين وقاهر الجبارين سبحانه وتعالى.