عاشت الكويت ليلة دامية مساء الأربعاء الماضى، استخدمت فيها شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية والهراوات لتفريق آلاف المتظاهرين من أنصار المعارضة، وقامت باعتقال 19 شخصا وإصابة المئات. وكان نحو 15 ألف متظاهر قد تظاهروا على مدار ثلاثة أيام أمام ديوان النائب السابق مسلم البراك بمنطقة الأندلس؛ احتجاجا على دهم الشرطة منزله، وحكم على البراك يوم الاثنين الماضى بالسجن خمس سنوات مع النفاذ؛ بسبب خطاب ألقاه فى 15 أكتوبر الماضى، اعتبر مسيئًا لأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح، وهذه أول مواجهات تحدث فى الكويت منذ ثلاثة أشهر. ونشر قراصنة الإنترنت على موقع وزارة الإعلام الكويتية الخطاب الذى ألقاه البراك وكان سببا للحكم عليه، حسب ما أعلنت الوزارة الأربعاء الماضى. وكان البراك قد تقدم بعدد من الطعون لاستئناف الحكم الصادر ضده، فيما تصر الداخلية على القبض عليه أولا، دون انتظار الإجراءات القانونية المتبعة فى مثل تلك القضايا، الأمر الذى تعتبره المعارضة (الشعبية والإسلامية) تصعيدا من السلطات ضد رموزها المطالبين بإصلاحات سياسية. أما ائتلاف المعارضة المكون من (التحالف الشعبى والحركة الدستورية الإسلامية والسلفيين المستقلين وعناصر عشائرية و...) قد أصدر بيانًا، استنكر فيه إقدام وزارة الداخلية على اقتحام ديوان النائب البراك ومنزل أخيه فواز البراك؛ بحثا عن النائب دون سند قانونى، مستنكرة نهج القوات الخاصة فى الفترة الأخيرة بانتهاك حرمة المنازل والديوانيات فى السنوات الخمس الأخيرة، كما حدث فى تظاهرات البدون وأحداث "تأبين عماد مغنية" وديوانيات قبيلة العوازم وأحداث ديوانية الحربش؟! الاحتقان السياسي وترى قوى المعارضة الشعبية والإسلامية والقبلية أن سبب الاحتقان السياسى الذى تشهده الكويت حاليا، يرجع إلى نهج الانفراد بالسلطة وتجاهل عمل المؤسسات وأدوارها المنصوص عليها دستوريا، التى تنظمها القوانين، والتى تفاقمت منذ سنوات بصدور مرسوم الضرورة القاضى بإلغاء النظام الانتخابى السابق (خمس دوائر وأربع أصوات)، وهو النظام الذى قدمته الحكومة فى عام 2006 وتم إقراره فى مجلس الأمة وسط توافق شعبى كبير. ويرى "ائتلاف المعارضة" أن إزالة الاحتقان السياسى يبدأ من إقالة الحكومة الحالية وحل مجلس الصوت الواحد والعودة إلى النظام الانتخابى السابق، كما تطالب قوى المعارضة بسرعة اتخاذ قرارات سيادية نحو الإصلاح السياسى الشامل من خلال الوصول لنظام برلمانى متكامل (حكومة منتخبة) وقضاء مستقل وإنشاء الهيئات السياسية ونظام انتخاب القوائم النسبية ووقف نهج الملاحقات السياسية تجاه معارضى السلطة وإطلاق الحريات. وجه آخر فيما يرى النظام الحاكم أن مطالبة المعارضة بحكومة منتخبة هو تجاوز على الدستور الكويتى الذى منح أمير البلاد سلطة اختيار رئيس الوزراء وفق المادة 38 من دستور 1962م. وإزاء تلك الحالة من السجال السياسى تدخل الكويت صيفا بالغ السخونة، حيث تتصاعد الحلول الأمنية فى وقت تتراجع فيه الحلول السياسية، رغم الظروف الإقليمية الضاغطة على منطقة الخليج العربى والأزمة الإيرانية والسورية، ويبقى المخرج فى حوار وطنى يتم التوافق خلاله على إصلاحات دستورية وسياسية دون الانحياز إلى أى طرف على حساب الآخر.