العفو الذى أعلنه الرئيس مرسى عن أحد الصحفيين الكذابين، وإعلانه سحب القضايا المرفوعة من مؤسسة الرئاسة ضد أى صحفى، يجب أن يقابل من نقابة الصحفيين بخطوة عملية لا مجرد شكر للرئيس وإشادة بقراره.. لأنه لا كذب وفبركة بعض الصحفيين لأخبار مختلقة توقف بعد سحب الرئيس البلاغات، ولا سوء الأدب والسب والشتم توقف! لدى النقابة شىء يسمى "ميثاق الشرف الصحفى" ينص على "صيانة الآداب العامة.. وعدم التشهير.. والالتزام فيما ينشره الصحفى بمقتضيات الشرف والأمانة والصدق"، وهناك لجنة تأديبية تحاسب الصحفيين -من الإنذار للغرامة للفصل من العضوية- لا تقوم بدورها، ببساطة لأن بعض من يمسكون بناصية النقابة كانوا هم أول من يمارس هذا الخرق لميثاق الشرف الصحفى، ويكذب ويلفق اتهامات! ولذلك أدعو النقابة لتفعيل العقاب الذاتى الداخلى ضد كل صحفى كذاب أو يمارس المهنة بعيدا عن الأخلاق والمهنية والمصداقية، وأطالب بعلاج هذه الأمراض الأربعة: أولا: انتقال ما أسميه "أمراض الإنترنت" إلى الصحف والفضائيات، أى السباب والشتائم والتجاوزات اللا أخلاقية ونشر أخبار مفبركة وصور فوتوشوب مفبركة.. بعدما بدأ قسم كبير من الصحفيين النقل عن الشبكة العنكبوتية فى الصحف دون تمحيص، وتقليد أسلوب الإنترنت فى الكتابة المنفلتة دون ضوابط صحفية أو مدونة سلوك أو تقصٍ لحقيقة الخبر المنشور واستخدام لغة الإنترنت الحرة التى تحتوى على ألفاظ وشتائم غير لائقة. ثانيا: الصحافة الخاصة المصرية حققت تراجعا مهنيا غير معقول على مستوى منظومة القيم الصحفية العالمية فيما يخص "استخدام المصادر المجهَّلة".. حيث انتشرت مؤخرا ظاهرة نشر أخبار ملفقة كاذبة تحت عناوين براقة مثل: (كشفت مصادر عسكرية).. (مصادر سيادية).. (مسئول عسكرى).. (مصدر مطلع).. (مصادر) ثم دس السم فى العسل وسرد وصلة أكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان، ينخدع بها المواطن البسيط ويتصور أنها مصادر حقيقية ويصدق الخبر، مع أنها فى الحقيقة مصادر (وهمية) أو بحسب تعبيرى الخاص هى مصادر (مكشوف عنها اللحاف).. فالقاعدة الصحفية تؤكد (ضرورة نسب المعلومات والآراء والتقييمات لمصادر واضحة كلما أمكن).. ولكن ما يحدث هو أن جزءا كبيرا من الصحف الخاصة- ولأسباب أعتقد أنها تتعلق بالتوجهات الفكرية لملاكها من رجال الأعمال أو الرغبة فى تحقيق سبق كاذب أو ابتزاز مصادر معينة للحصول على إعلانات- قلبت هذه القاعدة فأصبحت قاعدتها غير الصحفية هى: (ضرورة نسب المعلومات والآراء والتقييمات لمصادر مجهلة أو مفبركة كلما أمكن!!). ثالثا: الصحفى أو الإعلامى فى بعض وسائل الإعلام الخاصة أصبح يخالف قواعد المهنية والمصداقية ويخلط بين كونه (صحفيا) محايدا وبين دوره (ناشطا سياسيا)، ويحول بالتالى أداة الإعلام فى يده لوسيلة للىّ عنق الحقائق، فى أحيان كثيرة، بهدف توظيفها وفق معتقداته السياسية ضد خصومه بأكثر مما يعمل بصورة مهنية، والبعض الآخر متفرغ للحصول على أموال الإعلانات بما يخالف الميثاق الموضوع منذ مارس 1998. رابعا: بعض الصحف الخاصة -التى هناك علامات استفهام حول مصادر تمويلها- أفسدت الصحفيين بدفع رواتب خيالية وأصبحت تستقطب بهذا كبار الصحفيين والمذيعين برواتب خيالية وتفرض عليهم أجندة معينة، وهذا خلق فجوة فى الأجور وفتنة بين الإعلاميين؛ فأصبح المال أحيانا هو الهدف لا المصداقية أو المهنية، ويجب أن يكون هناك حد أدنى وأعلى للصحفى. وعليه فالمطلوب من نقابة الصحفيين ومن كل مذيعى الفضائيات لحين وضع نظام لهم بدل الفوضى الحالية الآتى: أولا: نسب الأخبار لمصادر معروفة وواضحة، وأن يكون هذا التزاما أساسيا لتقديم عمل صحفى جيد ومنع تجهيل المصدر إلا فى حالات محددة للغاية لحماية المصدر. ثانيا: إعلاء قيمة (الإنصاف) المتصلة بالمهنية والمصداقية فى كتابة الخبر أو التحقيق أو التقرير كى لا يقع ضرر على أى طرف جراء التغطية الصحفية. ثالثا: الحرص على نقل الحقائق للجمهور وآراء كل أطراف المشكلة أو القضية بالتساوى دون تشويه آراء أحد منهم وترك الحكم للقارئ. رابعا: عدم الخلط بين العمل الإعلامى والإعلانى (قضية إحالة 602 صحفى للكسب غير المشروع). خامسا: العودة للتقاليد الراسخة للعمل الصحفى فى الدقة والمهنية والمصداقية، وعدم نشر أخبار مجهلة أو أحادية الجانب أو ملونة بلون سياسى واحد، والبعد عن نشر معلومات كاذبة أو شتائم، وإلا سيؤدى هذا لانخفاض مصداقية الصحف وتضرر سمعة الصحفيين والتشويش على وعى الجمهور وزيادة اختلاق الوقائع وتفاقم تشويه الحقائق وفساد البيئة المعلوماتية وزيادة درجة الارتباك والغموض.. والأهم إفساد وإفشال ثورتنا العظيمة فى 25 يناير. سادسا: تسريع صدور قانون تداول المعلومات، وحسم ميثاق الشرق الصحفى الجديد (الذى انتهى وينتظر موافقة النقابة) وتشكيل المجلس السمعى والبصرى الذى سيكون بديلا لوزارة الإعلام كى يضع الضوابط للعمل الصحفى والإعلامى.