إذا تشابهت أفكار الناس فلا أحد يفكر، إنه فى مصر الجديدة تعيش عصر الديمقراطية بأجل معانيها وفى كل مواقع تداول السلطة، ليس فقط على مستوى رئاسة الدولة التى جاءت برئيس منتخب عبر إرادة شعبية، ولكن أيضًا على المستويات كافة، حيث اختيار القيادات فى الجامعات المصرية واختيار اتحادات الطلاب وفى مختلف النقابات المهنية، والأحزاب السياسية على اختلاف أطيافها وأيديولوجياتها، وهكذا تتجذر الديمقراطية كواقع يسهم فى انتقاء قيادات المجتمع والدولة، ناهيك عن وجود قوانين وقواعد قانونية ثابتة وأطر دستورية واضحة جاءت نتاجًا لثورة 25 يناير. إن هذه الإنجازات الديمقراطية التى تترى هى عقد اجتماعى يكفل تنظيم العلاقات بين رئس الدولة وجماهير الشعب ومؤسسات الدولة المصرية كافة، وحيث الضوابط لمن يحق لهم الترشح على المستويات التشريعية والتنفيذية والمؤسسية، وحيث ولد دستور مصر الثورة ليحدد ولاية رئيس الدولة بمدتين، وتقليص سلطاته، وحيث تعدد مراكز صناعة القرار وتعزيز البعد المؤسسى، وليس أدلة على عصر الديمقراطية من وقف القضاء المصرى للانتخابات البرلمانية ولقوانين جمهورية، إنها تدعم استقلال القضاء، وهو ما يفرض على الجميع امتثال قواعد نقل السلطة وخضوع كل أطياف المجتمع لرئيس الدولة الذى تم اختياره طواعية بتوافر الرضا الشعبى والحفاظ على شرعيته حتى انتهاء مدته، وتلك هى الديمقراطية التى تعنى التداول السلمى للسلطة. إن القول بتنوع الشرعيات ما بين الدستورية والثورية، فإن على الجميع أن يمتثل لشرعية الإنجاز التى تخطو فيها الدولة خطوات متنامية رغم جبهة الإنقاذ التى تقف بصلابة ضد الإنجاز، التى تفتقد الشرعية والمساندة فى الشارع المصرى وجماهيره الغفيرة، ووقوفها ضد الإنجاز سببه أنها تدرك أن شرعية الإنجاز هى التى تبقى، ويذكرها التاريخ، وأنها ترتبط بدولة قوية واقتصاد يتعافى، وعدالة اجتماعية تستند إليها القيادة السياسية الحالية وتستمد منها شرعية الحكم والبقاء، ناهيك عن هجومها الدائم والمستمر عبر الإعلام الفاسد المفسد، وعبر النقد الهدام، وإفك وتجنى وسخرية بعض مقدمى البرامج ممن يعانون من عدم الاتزان الانفعالى والتشوه النفسى، وهو ما يتطلب تعديلا لهذه الشخصية عبر إحدى المصحات النفسية حتى يعود إلى السواء النفسى. إن تدشين مشروع النهضة الوطنى هو الجامع للأمة المصرية بمختلف أطيافها، وهو ما يعبر عن طموح أمة جديدة وليدة وثورة أجهزت على عصر الفساد والمفسدين، وحيث الميراث الثقيل من المشكلات الاقتصادية وانهيار العدالة الاجتماعية، إن مشروع النهضة هو المشروع القومى الذى يسانده توأمة التعليم المصرى باعتباره البداية الحقيقية لبناء مصر الجديدة. إنها دولة الديمقراطية التى تعزز الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدنى فى مصر الجديدة باعتبارها آليات التنشئة السياسية وملء الفراغ، إن رئيس الدولة يحرص كل الحرص على بناء معارضة قوية وحياة حزبية فاعلة، إنه يعزز دائمًا من التعددية السياسية، وهو حريص أيضًا فى الوقت ذاته على تداول السلطة، وهو ما يتوجب على المعارضة السياسية أن تقدم البدائل والحلول وأن يكون نقدها إيجابيًّا بعيدًا عن الإفلاس السياسى والإضرار بالأمة المصرية من إضرابات واعتصامات ومليونيات وإعلام فاسد، خاصة فى تلك المرحلة الانتقالية التى تتطلب رشدًا ديمقراطيًّا وإدراكا لمكانة مصر ومكانها العالى فى المحافل الدولية عربيًّا وإفريقيًّا وإسلاميًّا وشرق أوسطيًّا ومكانتها السامية حضارة وتاريخيًّا وموقعًا إستراتيجيًّا، وكلها يتطلب من المعارضة الرشد والتعقل والوعى والقدرة على تعزيز تلك الديمقراطية الوليدة بالعمل الجماعى التعاونى الفريقى، إن مصر الديمقراطية حريصة على مهنية واحترافية المؤسسات السيادية من القوات المسلحة والقضاء والشرطة، والسعى نحو تقويتها لأداء رسالتها والحفاظ على المصالح المصرية من أجل مصر الجديدة.