أكاد أجزم أن ما يجرى -بعيدا عن غضب ألتراس الأهلى أو بورسعيد الذى يسعى كثيرون لاستغلاله فى أعمال عنف- هو المعركة الأخيرة لخلايا ورموز النظام السابق البائد العفن، لضرب الثورة عبر نشر العنف والحرائق وإشعال حرب شوارع.. وهو ما أعتقد أنه سيكون مدخل المعركة الثالثة الحاسمة ضد الرئيس محمد مرسى ومؤيدى الشرعية، بعد أن نجحوا فى معركتهم (الأولى) مع دولة العسكر وأطاحوا فيها بالمجلس العسكرى؛ و(الثانية) كانت مع قضاة الدولة العميقة وعرقلة تمرير الدستور وانتهت بالإطاحة بالنائب العام وإقرار الدستور وانفضاض القضاة من حول الزند. ما يجرى حاليا هو المعركة الثالثة مع دولة البلطجية وامتدادها داخل الشرطة وذروتها بدأت أمس السبت ? مارس بمناسبة الحكم فى قضية مذبحة بورسعيد، وهى القضية المتهم فيها قيادات من الشرطة والبلطجية معا بمجزرة بورسعيد، حيث تسعى قيادات شرطية متعفنة إلى استغلال هذا الحدث، ويستغلون أيضا غضب زملائهم من رجال الشرطة النبلاء المحتجين على العنف والاعتداء الممنهج ضدهم، للتحريض على وقف العمل وإلغاء دور الشرطة فى خدمة الشعب والانسحاب من الخدمة لتكرار مسلسل الفوضى الذى شهدته مصر عقب ثورة 25 يناير. لاحظ مثلا أن صحف وقنوات الفلول فى الداخل والخارج -مثل قناة (العربية) وجريدة (الوطن) و(الفجر) و(الدستور) وغيرها- نشروا أخبارا كاذبة عن استعداد الآلاف فى بورسعيد لاقتحام ميناء بورسعيد، وتعطيل الملاحة، وزعم بعضهم كذبا أن الملاحة تعطلت بالفعل، ما دعا قوات الجيش المصرى المكلفة بتأمين قناة السويس بنفى ما أذاعته قناة العربية وبعض مواقع الصحف المصرية من أخبار كاذبة حول غلق الملاحة فى قناة السويس، وناشدت القوات المسلحة جميع وسائل الإعلام بعدم بث الشائعات عن المجرى الملاحى لقناة السويس، مؤكدة أن ما يتم تداوله حول إغلاق الممر هى أخبار كاذبة تكدر الأمن القومى وتهدد السلم العام. ولاحظ أن هذا الإعلام نفسه نفخ فى صورة احتجاجات ألتراس بصورة مرعبة، وقال: إنهم أحرقوا نادى الشرطة بالجزيرة، ومقر اتحاد الكرة، وعطلوا المترو، وكوبرى أكتوبر، وأشعلوا النار فى مقر جريدة الوطن، ثم أعلنت قناة (الأهلى) نقلا عن بعض قيادات ألتراس أنهم لا علاقة لهم بحرق مقر نادى الشرطة، ونقل مراسل قناة الأهلى أن ألتراس أهلاوى استنكر حريق نادى ضباط الشرطة، وقالوا: إن هناك مندسين بينهم (من بلاك بلوك) يلبسون تشيرتات الجروب هم من قاموا بأعمال العنف هذه، وهو نفس ما حدث فى حالات قطع الطرق والمترو!. ولاحظ أن هذا الإعلام البائد تحرك بالتوازى مع قيام فلول الشرطة بالإعلان عن امتناعهم عن العمل، وضخم احتجاجات الشرطة على عدم السماح له بالرد بالرصاص على الاعتداءات عليهم، وحوّرها إلى مطالبتهم بإقالة رئيس الجمهورية ووزير الداخلية وعدم الزج بهم فى الصراعات السياسية، وكأن حفظهم للأمن هو تدخل فى السياسة؟!. لاحظ كذلك أن العميد طارق الجوهرى -الذى كشف لمراسل قناة "مصر 25" السابق أحمد عبد العليم- فى مناقشة جانبية أن بعض ضباط الشرطة يكرهون الرئيس ويتواطئون ضده، وأن أحدهم من قوة تأمين الرئيس فرح وشتم الرئيس عندما سحبت الداخلية فى عهد الوزير السابق جمال الدين جنودها من أمام القصر الرئاسى، وقال: إنه بعد نصف ساعة سيعود مرسى للسجن، وأبدى الرجل استعداده للشهادة عليهم، ولكن قيادته رفضت (!).. هذا الرجل فوجئ زميلنا أنه اتصل به منذ يومين ليبلغه أنه أقيل من منصبه، ما يعنى انتصار دولة المفسدين فى وزارة الداخلية!!. لاحظ كذلك أنه أرعبهم بشدة إعلان حركات إسلامية استعدادها لحماية الشرعية والنزول للشارع وتشكيل لجان شعبية لحفظ الأمن بدلا من ضباط الداخلية المتمردين، وخصوصا فى أسيوط، ومطالبة المصريين بإقالة هؤلاء الضباط وتحويلهم إلى المحكمة العسكرية وفصلهم ودون دفع معاش لهم أو مكافأة نهاية خدمة لأنهم قصروا فى حماية المنشآت العامة. السؤال هو: كيف سيرد الرئيس محمد مرسى والجيش وقوى الشعب التى تقف خلف الشرعية وتدرك حقيقة ما يدبر للثورة، على هذه الفوضى الممنهجة التى حددت لنفسها ساعة للصفر عقب صدور حكم مذبحة بورسعيد؟ وكيف نفرق بين الغضب المشروع للبعض الذى يستغله هؤلاء الفوضويون والبلطجية، وضرورة احترام الأحكام الصادرة لأنها صدرت من القضاة لا الرئيس أو وزير الداخلية؟!