شهدت مصر تصعيدا خطيرا أمس السبت فى أعقاب صدور الحكم في قضية "مجزرة بورسعيد". انطلقت الجماهير الغاضبة في القاهرة وبورسعيد، ومحافظات أخرى لتشعل النيران في كل ما يقابلها. في القاهرة.. قام مجهولون بإحراق مقر اتحاد الكرة، وناديي الشرطة بالجزيرة والضباط بالزمالك.. فيما أوقفت عناصر من مشجعي الأهلي مترو الأنفاق عند محطة "السادات". ورغم نفى "أولتراس أهلاوي" مسئوليته عن هذه الحوادث إلا أن الأجهزة الأمنية أبدت مخاوفها من أن يبدأ "الأولتراس" خطته لإحراق القاهرة، بحجة أن الأحكام لم تشمل عناصر الحزب الوطني "المنحل"، والتي شملتها التحقيقات، ولم يتطرق إليها الحكم. وزاد من غضب "الأولتراس" ما تردد عن أن محكمة النقض ستوقف تنفيذ الحكم بمجرد تسلمها مذكرة بالطعن، حيث ستقبل نقض الحكم شكلا، في الوقت الذي بدأت فيه عملية إخلاء سبيل المتهمين المحكوم عليهم بالبراءة. في غضون ذلك أكد مصدر قضائي بالمكتب الفنى للنائب العام، أن هناك متهمين جددًا فى قضية مذبحة بورسعيد من رجال الأعمال وأعضاء الحزب الوطنى المنحل، وبعض القيادات الأمنية بوزارة الداخلية، رافضًا الإفصاح عن أسمائهم؛ حفاظًا على سرية التحقيقات. وكشف أن لجنة تقصي الحقائق قدمت للنيابة بعض الأسطوانات المدمجة وبعض الشهود الجدد التي تفيد وجود متهمين جدد يجب ضمهم إلى المتهمين فى القضية، مشيرا إلى النيابة سوف تقوم بالتحقيق معهم قبل أن تأمر بإحالتهم إلى المحاكمة. وفشلت محاولات مؤسسة الرئاسة للتهدئة، حيث أعلنت أن الرئيس مرسي سيوجه خطابا للأمة في وقت لاحق، وغازل المستشار القانوني لرئاسة الجمهورية المستشار فؤاد جاد الله الشارع بالتأكيد على أن موقف النائب العام في يد "الأعلى للقضاء" وإقالته ستكون حلا سياسيا لجميع الأطراف ، وأنه سيتم اعتبار ضحايا بورسعيد الذين لم يعتدوا على السجن شهداء من جانب آخر أعربت مصادر أمنية رفيعة عن مخاوفها من أن تؤدي تصرفات الجماهير الغاضبة في بورسعيد – والي تتهم الحكم بأنه جاء مجاملة للنادي الأهلي وجماهيره - إلى تهديد حركة الملاحة في قناة السويس؛ بما لذلك من آثار سيئة على مصر عالميا ودوليا. وقد نجحت القوات البحرية فى إحباط محاولة الآلاف من أهالي بورسعيد لإغلاق المجري الملاحي العالمي، بعد أن أطلق المحتجون عددًا من الزوارق من المرسى إلى داخل المجرى لمحاولة إرباك وتعطيل حركة المرور بداخله، غير أن القوات البحرية تدخلت سريعا، وأعادت هذه الزوارق لمرساها. كما قام عدد منهم بغلق حركة المعديات (العبارات) التي تنقل الركاب بين ضفتي القناة، دون أن يؤثر ذلك على حركة الملاحة، وتفرض القوات المسلحة إجراءات أمنية مشددة على المجرى الملاحي. وتجمهر المئات أمام قسم شرطة ميناء بورسعيد المقابل لتلك المعديات، للتعبير عن غضبهم من الأحكام. ومن ناحية أخرى، تجمهر الآلاف من مشجعي النادي "المصري" البورسعيدي "ألتراس جرين إيجلز" أمام المقصورة الرئيسية باستاد بورسعيد، لبحث الخطوات التصعيدية القادمة. قامت مجموعة من أهالى بورسعيد بإشعال النيران فى إطارات السيارات فى محيط مقر قوات الأمن المركزى، وسط محاولات منهم لإشعال النيران فى المقر؛ كما قام المتظاهرون برشق مبنى المحافظة بالحجارة، وسط تواجد مكثف من قبل القوات المسلحة ، يأتى ذلك فى الوقت الذى طافت فيه سيارات بمكبرات الصوت بشوارع المحافظة تذيع القرآن الكريم. وردد بعض الاهالى فى المدينة الباسلة أن حركة حماس الفلسطينية هى التى أشعلت النار فى مصر وأحدثت الفتنة بين البورسعيدية والشرطة بعد تسلل أشخاص مساء يوم 24 يناير الماضى . وأعلنت رابطة جرين ايجليز عن أنهم لن يصمتوا وسيكون الرد على الأحكام الصادرة ضد أبناء بورسعيد فى قضية "مذبحة الاستاد" قاس. واتهم الأولتراس القضاء ب"المسيس" الذى أصدر أحكامًا فى صالح الألتراس الأهلاوى خوفا منهم، قائلين "يعنى قضاء مسيس لتهدئة طرف يخشاه النظام ولكن فليعلم النظام بأن بورسعيد ليست ملطشة أو كبش فداء لترضية طرف على حساب مدينة يظنون أنها صغيرة ويسهل النيل منها. فى المقابل ظهرت حالة انقسام بين قيادات الاولتراس الاهلاوى عقب صدور الحكم حيث رفضت مجموعة من رابطة أولتراس أهلاوى طلب "عبدينيو" أحد قيادات الرابطة بعدم التوجه إلى مقر وزارة الداخلية للتظاهر أمامها إعتراضا على الأحكام الصادرة ضد قيادات بورسعيد الأمنية وهتفت الجماهير ضده وقالت "شكلك شارب شاى بالياسمين"، مطالبة بضرورة التوجه إلى مقر وزارة الداخلية للإحتجاج بقوة على الأحكام الصادرة ببراءة قيادات الداخلية . وهتف أعضاء أولتراس أهلاوى أمام بوابة النادى الأهلى ضد المشير حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق، والذى كان يتولى إدارة البلاد حين وقوع المذبحة مطالبين بإعدامه فيما نفى المستشار حسن ياسين رئيس المكتب الفني للنائب العام، صحة الأنباء التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية الالكترونية منسوبة إليه، من أن النيابة العامة ستقوم بالطعن أمام محكمة النقض على الحكم فيما تضمنه الحكم من تبرئة 28 متهما. وأوضح المستشار ياسين، ان النيابة العامة فور تسلمها حيثيات “أسباب” الحكم، ستعكف على دراستها وفحصها، لبيان ما إذا كان الحكم بكامل تفاصيله وأجزائه يتفق مع صحيح حكم القانون وواقع الأدلة المقدمة ضد المتهمين في الدعوى، من عدمه. وأضاف أنه إذا تبين للنيابة العامة من واقع دراسة وفحص حيثيات الحكم، أنه يتفق ويتماشى مع صحيح القانون وقوة الأدلة المقدمة للمحكمة بحق المتهمين جميعا، فإن النيابة لن تطعن عليه أمام محكمة النقض.. أما إذا كان الحكم مخالفا للقانون في بعض الجوانب أو لا يتفق مع طبيعة الأدلة، فإن النيابة ستتخذ حينها قرارها بالطعن بالنقض. في سياق مختلف أكد أحمد ترك المدعي بالحق المدني في القضية أن الحكم الصادر مرض لجميع الأطراف؛ حيث إنه أول حكم قضائي تصدر به أحكام بهذا الشكل رادعة وعادلة بين الإعدام والمؤبد وخمسة عشر عاما وغيرها من الأحكام؛ حيث أوقف سلسلة البراءات الهزلية المستمرة من قبل بقضايا سابقة لقتل المتظاهرين. وقال ياسر سيد أحمد مدع آخر بالحق المدني: إن الأحكام مرضية لنا كمدعين بالحق المدني بالقضية، وإن كانت هناك أحكام بسيطة نالها مدير الأمن وأعوانه، لافتًا إلى أن هناك طرقا شرعية للطعن على الحكم ومتاحة لجميع الأطراف بالقضية وهي محكمة النقض. وقال محمد عبد الوهاب المحامى وأحد المحامين عن بعض أسر الشهداء بمذبحة بورسعيد: إن النطق بالحكم كان متوقعًا لأن المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن المفتى له الحق في إرسال الرأي خلال عشرة أيام من إحالة الأوراق إليه، وإذا لم يفعل تصبح المحكمة في حل من هذا الرأي. واستنكرت الأوساط السياسية سلبية الرئاسة تجاه الأحداث التي تلت النطق بالحكم من إشعال النيران بنادي الشرطة النهري واتحاد كرة القدم المصري بالقاهرة، إلى جانب إغلاق المجرى الملاحي لقناة السويس ببورسعيد. وقانونيا تباينت ردود الافعال عقب الحكم.. وقال د. نور فرحات الفقيه الدستوري أنه يرفض أن يطلق علي أحكام القضاء بأنها أحكام سياسية ، قائلا " كلمة حكم سياسي أصبحت موضة منتشرة هذه الأيام ، ومن لا يعجبه حكم قضائي ذلك، وهذا يعني إنتهاء دولة القانون." وقال عبدالمنعم عبدالمقصود محامي جماعة الإخوان إن الحكم الصادر هو عنوان الحقيقة ويجب احترامه، رفضًا ما يتردد بشأن أنه حكم يخضع لاعتبارات سياسية أخرى. وأضاف "عبدالمقصود" معروف أن الاحكام لن ترضي كل الأطراف، ومن لم يرتضي هذا الحكم عليه اللجؤ للطعن بدلا من أعمال العنف والارهاب. من جانبه طالب علاء أبو النصر الأمين العام لحزب البناء والتنمية " الجناح السياسي للجماعة الإسلامية" بضرورة احترام أحكام القضاء، وقال إنه حكم قضائي بالدرجة الأولي ولا يجوز الاعتراض علي أحكام القضاء بأعمال العنف ولكن بالقانون أيضا ، ومن يعترض عليه اللجؤ لمحكمة النقض بدلا من التحطيم والتكسير الذي تنتهجه بعض العناصر. وأضاف أبو النصر، يجب الطعن على الحكم بطرق قانونية، لأن العنف مرفوض، لأنه يضر مصر. من المشهد الأسبوعى.. حاليًا لدى الباعة..