وسط صمت العالم تتواصل موجات الإبادة ضد أقليات مسلمة وتستمر المحاكمات الصورية لقادة العمل الإسلامى فى دول عدة.. ففى الوقت الذى تتواصل فيه حملة التطهير العرقى المصحوبة بمجازر يندى لها جبين الإنسانية ضد المسلمين فى بورما (15% من تعداد السكان البالغ 55 مليون نسمة)، يجرى التجهيز اليوم لحملة تطهير عرقى ومذابح مشابهة للمسلمين فى سريلانكا (9% من تعداد السكان). وفى الوقت الذى بدأت يوم الاثنين الماضى (4 مارس 2013م) محاكمة أربعة وتسعين من رجال الفكر والقانون والإعلاميين والتربويين بدولة الإمارات العربية الشقيقة بتهم مكررة مع كل الدعاة إلى الله فى دول القهر والظلم، وهى: "ارتكاب جرائم تمس أمن الدولة ومناهضة الدستور"، وسبق ذلك بأيام قيام "مقاصل" القضاء الصورى فى بنجلاديش بإصدار موجة جديدة من أحكام الإعدام والمؤبد لقادة الجماعة الإسلامية هناك، ففى يوم الأربعاء 27 فبراير الماضى حكمت ما تسمى ب"محكمة جرائم الحرب" البنغالية بالإعدام على الزعيم الإسلامى دلوار حسين رئيس حزب الجماعة الإسلامية، ومن قبله تم الحكم مطلع الشهر الجارى بالسجن مدى الحياة على البروفيسور عبد القادر ملا أحد زعماء الجماعة الإسلامية، وفى يناير الماضى أدين زعيم سابق للجماعة الإسلامية، هو البروفيسور عبد الكلام آزاد غيابيا بالإعدام، وينتظر ستة آخرين أحكاما مشابهة، بينما يقبع خلف القضبان كل قيادات ومعظم كوادر الجماعة الإسلامية، ويحاكم هؤلاء جميعا بتهم مر عليها أكثر من أربعين عاما، وهى ارتكاب جرائم خلال حرب الاستقلال عام 1971م (انفصال بنجلاديش عن باكستان)، ومحاولة إعاقة استقلال بنجلادش عن باكستان وإجبار هندوس على اعتناق الإسلام! فى تلك الأجواء المعتمة يعيش الشعب البنجالى محنة كبرى على أيدى حكومة «عوامى» العلمانية المدعومة من كل القوى المعادية للإسلام، فقد فاجأت هذه الحكومة شعب بنجلاديش المسلم (87% مسلمون) بانقلاب على الدستور ليصبح علمانيًّا بعد حذف كل ما يشير إلى الإسلام فيه من قريب أو بعيد، ولإنجاز ذلك الانقلاب على هوية الأمة ودينها الإسلامى الحنيف، قامت قوات الأمن باعتقال قادة «الجماعة الإسلامية»، وفى مقدمتهم مؤسسها البروفيسور غلام أعظم (90 عاما)، وأميرها الحالى الشيخ «مطيع الرحمن نظامى»، وكل قيادات الجماعة، وستة آلاف وخمسمائة من كوادرها؛ لإفساح الطريق أمام تلك الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين، والتمكين للفكر العلمانى والهندوسى والتغريبى، وقد سبق ذلك عملية تجفيف ممنهجة لمنابع التعليم الإسلامى، وإغلاق العديد من المؤسسات التعليمية والخيرية، وأعلنت وزيرة الخارجية البنجالية بصراحة: «إن بنجلاديش دولة علمانية وليست دولة مسلمة»! وهكذا يعيد حزب «عوامى» الحاكم تاريخه الأسود الملطخ بدماء المسلمين، والمكلل بعار الحرب على الإسلام والهوية الإسلامية.. فقد شنَّ حربًا شعواء على الإسلام والعاملين له داخل البلاد خلال فترتى حكمه للبلاد (1971-1975م، ومن 1996-2001م)، حيث أغلق مؤسسات التعليم الإسلامى، وزجَّ بعشرات الآلاف من الشباب خلف القضبان، وقتل عشرات العلماء.. واليوم يعيد الحزب نفسه حقبته الدموية السوداء ضد الإسلام والمسلمين، بدعم من الغرب والصهاينة والهندوس فى الهند، الذين طالما حرصوا وعملوا على أن تصبح بنجلاديش دولة هندوسية بعد تشجيع انفصالها من قبل عن باكستان. والغريب أن تلك الحملة الشعواء تزداد ضراوة يومًا بعد يوم، وسط صمت العالم الإسلامى، والعالم الحر، والأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان، وكل مؤسسات الضمير والفكر والرأى.. التى طالما تهزُّ العالم بردود فعل قوية عندما يُمسُّ غير المسلمين، بل عندما يُمسُّ واحد من الصهاينة المحتلين لفلسطين!.