تحت التعذيب فى مركز تحقيق الحلمة بالخليل، استشهد الأسير الفلسطينى عرفات جرادات مساء السبت الماضى، ليفتح الساحة الفلسطينية على المواجهات والمصادمات بين الشباب الفلسطينى وقوات الاحتلال، وسط توقعات بأن تتحول تلك المواجهات إلى انتفاضة شعبية ثالثة على خلفية إضراب الأسرى الفلسطينيين الذين يواجهون مرارات ووحشية الاحتلال بأمعاء خاوية. ووسط دعوات للتظاهر فى عموم الأراضى الفلسطينية منذ السبت الماضى، انطلقت دعاوى حقوقية بالتحقيق الدولى فى جريمة الاحتلال، وللأسف هذه الدعوات لا يعيرها المحتل الصهيونى بالا فى ضوء الضعف العربى وعدم امتلاك السلطة الفلسطينية أية أوراق ضغط أو حتى أفق سياسى لمشروع مقاوم... بل وعدم قدرة المجتمع الدولى الضغط على الإسرائيليين، كما مرت عملية تصفية عميل المخابرات الأسترالى "إكس" دون محاسبة. وعمت التظاهرات الشعبية الغاضبة فى الخليل ورام الله وبقية مدن الضفة، مطالبة بالثأر للشهيد الذى مات تحت التعذيب، وطالب نادى الأسير الفلسطينى بتحقيق دولى ومشاركة أطباء فلسطينيون فى تشريح الجثة. فيما أعلنت حركة حماس إقامة خيمة عزاء مساء الأحد فى ساحة الجندى المجهول بغزة، مشددة على ضرورة التحرك القوى على الأرض فى الضفة ضد الاحتلال الذى لا يقيم أية حسابات لتحركاته ضد الفلسطينيين فى الضفة المحتلة. وحمّلت "حماس" الاحتلال المسئولية الكاملة عن وفاة الأسير الفلسطينى عرفات جرادات، نتيجة الإهمال الطبى المتعمّد والظروف القاسية والمعاملة غير الإنسانية التى يتعرّض لها الأسرى الفلسطينيون فى سجونه. ودعت حماس المؤسسات الحقوقية والإنسانية ومنظمة التعاون الإسلامى وجامعة الدول العربية إلى تحمّل مسؤولياتهم فى حماية الأسرى الفلسطينيين الذين يتعرّضون يوميا للموت البطىء، والضغط على الاحتلال للإفراج الفورى عنهم. زيارة أوباما على الجانب الآخر، أعلن الصهاينة رفع حالة التأهب فى الضفة الغربيةالمحتلة، تحسبا لمواجهات، وذكرت مصادر عبرية أن رئيس أركان جيش الاحتلال "بينى غانتس" أصدر تعليماته إلى قادة الجيش فى مناطق الضفة الغربية، باستكمال كافة الاستعدادات الضرورية؛ تحسبا لاستمرار المظاهرات والاحتجاجات، واندلاع انتفاضة جديدة يقوم بها الفلسطينيون، وتدهور الأوضاع أمنيا فى الضفة الغربية، وذلك على خلفية استشهاد أسير فلسطينى من الخليل فى سجن مجدو، واستمرار عدد من الأسرى فى الإضراب عن الطعام منذ أكثر من 217 يومًا. وفى سياق متصل، حذرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، من تدهور الأوضاع الأمنية مع تصاعد المواجهات فى مناطق مختلفة من المناطق الفلسطينية. ونقلت عن مصادر أمنية صهيونية قولها: "إن السلطة الفلسطينية لن تسمح بتصعيد الموقف قبل زيارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما المقررة لإسرائيل ورام الله الشهر القادم". قتل ممنهج ويأتى استشهاد جرادات على أيدى سلطات الاحتلال بدم بارد، ليفاقم سياسات قتل الأسرى الذى وصل عددهم نحو (196 شهيدا) فى سجون الاحتلال منذ عام 1967، بسبب سياسات الإهمال الطبى والتعذيب، كان آخرهم الشهيد محمد عابدين، وسبقه الشهيد رائد أبو حماد عام 2010 من القدس. كما استشهد العديد من الأسرى عقب الإفراج عنهم بفترة قصيرة، وكان آخرهم الشهيد أشرف المسالمة من "بيت عوا" غرب الخليل بداية عام 2013 وسبقه الشهيد زهير لبادة عام 2012 من نابلس شمال الضفة. وتنوعت وسائل القتل الإسرائيلى الممنهج، بين رصاص أجهزة الأمن بحجة هربهم من السجن أو الاعتداء على الجنود، و 50 منهم بسبب الإهمال الطبى، 70 منهم جراء التعذيب خلال التحقيق والضغط النفسى، بالإضافة إلى سبعة آخرين استشهدوا نتيجة استخدام القوة المفرطة بحقهم. إضافة إلى سرقة أعضائهم، والأمراض الخطيرة التى يصابون بها بعد خروجهم من السجن، الأمر الذى يؤدى إلى وفاتهم مثل زهير لبادة وزكريا عيسى وأشرف أبو ذريع، والضرب المبرح للأسرى، كحادثة ضرب القيادى عباس السيد فى العزل الانفرادى والتى كادت أن يودى بحياته، بالإضافة إلى وجود عدد كبير من السجون بجانب المفاعلات النووية لإجراء تجارب لأثر هذه المفاعلات على حياة الإنسان، وهذا ما يفسر إصابة الأسرى بعدة أمراض خطيرة. ويبقى مسلسل القتل الممنهج ضد الأسرى العزل متواصلا لإنهاء أية ورقة بيد الفلسطينيين يتحركون من خلالها أو يحصلون بمقتضاها على أى دعم دولى.