نقيب المحامين يكرم400 طالب متفوق من أبناء محامي الإسكندرية    نقيب المحامين: دعوة الجمعية العمومية للتصويت على زيادة المعاشات خلال الأيام المقبلة    وزير الاتصالات: أجهزة المحمول المصرية لا تفرق عن العالمية ونبدأ في تصديرها العام المقبل    ارتفاع البتلو والكندوز، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    باستثناء الرومي والشيدر، قفزات جديدة في أسعار الجبن الأبيض قرب افتتاح المدارس    في أول ظهور بعد الضربة، قيادي في حماس يكشف تفاصيل الهجوم الإسرائيلي على الدوحة    وزير الخارجية يتوجه إلى السعودية    "التايمز": بريطانيا ستعترف بدولة فلسطين بعد انتهاء زيارة ترامب    أبرزها الأهلي ضد سيراميكا، حكام مباريات غدا الجمعة في الدوري المصري الممتاز    كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع فوز ليفربول على أتلتيكو بدوري الأبطال؟ (كوميك)    "فقدت بريقها".. تعليق مثير للجدل من ميدو عن مباراة الزمالك والإسماعيلي    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    4 ظواهر جوية تضرب البلاد، الأرصاد تحذر من طقس اليوم    إخلاء سبيل 5 متهمين على ذمة قضية اتهامهم بنشر أخبار كاذبة    كنت باخد لفة بالعربية من ورا بابا، اعترافات المتهم بدهس مسن بسيارة دبلوماسية في المهندسين    وزير الثقافة ومحافظ القاهرة يسلمان جوائز أفضل ممارسات للحفاظ على التراث العمراني والمعماري    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    هتتفاقم السنوات القادمة، الصحة تكشف أسباب أزمة نقص الأطباء    أسباب الإمساك عند الطفل الرضيع وطرق علاجه والوقاية منه    أسباب جفاف العين وأعراضه ومخاطر الإصابة به    عاجل- بعد قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة.. حركة أسعار المجوهرات في محلات الصاغة    بعد قرار الفيدرالي هكذا تأثر المعدن الأصفر في ليلة واحدة.. اعرف أسعار الذهب    وجهة للتطوير العقاري تطلق مشروعين في مسقط باستثمارات 2 مليار دولار    نشرة التوك شو| تقرير دولي يكشف جرائم نتانياهو.. وتفاصيل سرقة إسورة من المتحف المصري    سان جيرمان يفوز برباعية في بداية مشواره للدفاع عن لقب دوري أبطال أوروبا    ميدو: ياسين منصور رحل عن شركة الكرة بسبب التدخلات.. وهناك تصور لوجوده نائبًا مع الخطيب    ثالث الضحايا.. إقالة محمد مكي من تدريب المقاولون العرب    بمشاركة وسام أبو علي.. مباشر مباراة كولومبس كرو ونيويورك سيتي (0-0) في الدوري الأمريكي    مواقف وطرائف ل"جلال علام" على نايل لايف في رمضان المقبل    رئيس جامعة طنطا يشهد حفل تخريج الدفعة ال30 من كلية الهندسة    "أصحاحات متخصصة" (1).. "المحبة" سلسلة جديدة في اجتماع الأربعاء    إصابة 4 أشخاص في 3 حوادث سير متفرقة بالعريش والشيخ زويد    إسرائيل تعلن عن إكمال بناء سلاح دفاعي بالليزر    يعطون دون مقابل.. 6 أبراج قلوبها ذهبية رحيمة    غلق كورنيش النيل بالأقصر استعدادًا لزيارة ملك وملكة إسبانيا    تحسن في الأوضاع على جميع الأصعدة.. حظ برج القوس اليوم 18 سبتمبر    "أحلامهم تحققت".. الذكاء الاصطناعي يجمع نجوم الفن مع آبائهم    أمريكا: إصابة شخصين في حادث إطلاق نار بجنوب ولاية بنسلفانيا    بريطانيا: زيارة الدولة الأمريكية جلبت 150 مليار باوند استثمارات أجنبية    السجن 35 عامًا ل قاضِ أنهى حياة زوجته بطريقة بشعة بسبب خلافات مادية بكاليفورنيا    عاجل| أطباء بلا حدود غاضبة بعد مقتل أحد ممرضيها في غارة إسرائيلية على غزة    زي المحلات.. طريقة «أكواب الرمان» بالكركدية    لتفادي الروائح الكريهة والتهاب اللثة.. خطوات تنظيف الأسنان من الجير بسهولة    نائب محافظ دمياط تتابع تطوير عواصم المدن والمراكز    هيدي كرم بفستان جريء وسيلفي مروان موسى.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    محمد رمضان يطرح أغنية جديدة بعنوان "تصدق ولا متصدقش"    إصابة ربة منزل سقطت عليها شرفة عقار في مينا البصل غرب الإسكندرية (صور)    4 أبراج يحققون إنجازات خلال أسبوع: يجددون حماسهم ويطورون مهاراتهم ويثبتون جدارتهم في العمل    700 فصل و6 مدارس لغات متميزة جديدة لاستيعاب طلاب الإسكندرية| فيديو    العمل تعلن وظائف جديدة في الأردن بمجالات صناعة الكرتون والشيبسي    ما حكم كثرة الحلف بالطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    "الأرصاد": أمطار غزيرة على منطقة نجران    هل الحب يين شاب وفتاة حلال؟.. أمين الفتوى يجيب    مدارس «القليوبية» تستعد لاستقبال مليون و373 ألف طالب    خالد الجندى: الإنسان غير الملتزم بعبادات الله ليس له ولاء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    ضبط المتهم بذبح زوجته بسبب خلافات بالعبور.. والنيابة تأمر بحبسه    اجتماع طارئ للمكتب التنفيذي لاتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموجبات الشرعية والاقتصادية لإنشاء السوق العربية المشتركة

من الآمال الاقتصادية للشعوب العربية إنشاء السوق المشتركة حتى تكون خيرات العرب للعرب، ويحدث استغلال رشيد للموارد البشرية والطبيعية والمالية والفكرية وغيرها، وتنهض الأمة العربية من كبوتها وتحقق الحياة الكريمة لمواطنيها، ولتحقيق ذلك نظمت المؤتمرات والندوات والملتقيات، وشكلت اللجان العديدة، وصدرت التوصيات والقرارات، ولكن الواقع العملى يؤكد أن نسبة المعاملات البينية بين الدول العربية لا تزيد عن 9%، بمعنى أن العرب لا يفضلون التعامل مع العرب.
ولقد أكدت الدراسات العلمية والعملية أن مقومات التكامل والتعاون والتنسيق الاقتصادى بين الدول العربية موجودة ولكن لم توظف التوظيف الرشيد لأسباب عديدة، لوجود العديد من المعوقات التى يجب إزالتها ووضع إستراتيجيات موضوعية وعملية نحو تفعيل إنشاء السوق العربية المشتركة.
حول موجبات إنشاء السوق العربية المشتركة تدور محاور هذه المقالة ولا سيما والعالم العربى مقبل على عهد جديد بعد قيام الثورات فى بعض بلاده.
أهداف السوق العربية المشتركة
إن من أهم أهداف إنشاء السوق العربية المشتركة هو تحقيق التكامل والتنسيق والتعاون والتكافل الاقتصادى بين الدول العربية بما يحقق التنمية الشاملة فى كافة نواحى الحياة فى إطار قواعد الشريعة الإسلامية.
فالأمة العربية تشترك فى وحدة العقيدة ووحدة العبادة ووحدة القبلة ووحدة الدستور ووحدة المنهج ووحدة التاريخ ووحدة المصالح ووحدة المصير، لذلك يجب أن تتحد وتتضامن اقتصاديا لتحقيق الأمن والاستقرار والعزة لشعوبها وهذا من الموجبات الشرعية.
وتمتلك هذه الأمة كل مقومات الوحدة الاقتصادية وكل عوامل الإنتاج الأساسية التى لو استغلت استغلالا رشيدا فى ضوء أحكام الشريعة الإسلامية لحققت للعرب الحياة الطيبة الرغدة فى الدنيا ولأصبحت قوتها الاقتصادية درعا منيعا للمحافظة على مصالح ومنافع العرب وعلى أراضيهم.
إن المصالح المشتركة بين الأمم قاطبة تدور فى تحقيق المصالح المادية البحتة، أما المصالح المشتركة بين العرب فإنها مصالح عقدية بالدرجة الأولى، بجانب المصالح المادية لأن الدين الإسلامى يوازن بين الإشباع المادى والإشباع الروحى معا.
إن عقيدتنا هى المصلحة العليا، والدفاع عن ديننا هو سبيلنا للبقاء مرفوعى الهامات، وتمسكنا بوحدتنا هو الذى يجبر العدو والصديق على احترامنا، فنحن أمة قوية بعقيدتها، وشامخة برسالتها، ويجب أن نستغل كل عوامل القوة التى منحها الله لنا ومنها القوة الاقتصادية حتى نحافظ على هويتنا وحضارتنا، وهذا لن يتم إلا من خلال السوق المشتركة.
منافع السوق العربية المشتركة
سوف ينجم عن إنشاء السوق العربية المشتركة المنافع الآتية:
الموجبات الشرعية والاقتصادية لإنشاء السوق العربية المشتركة
لقد اهتم فقهاء المسلمين بالسوق ووضعوا لها الضوابط اللازمة، لأنها أساس البناء والاقتصاد الذى تقوم عليه المعاملات الصحيحة وعصب الحياة وشريانها النابض.
إن قيام السوق العربية المشتركة يعتبر عاملا رئيسيا فى تحقيق الوحدة المنشودة، وهذا ما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة إلى المدينة، حيث بنى للمسلمين سوقا، وقال: ((هذه سوقكم لا تتحجروا فيها، ولا يفرض عليها الخراج)) (متفق عليه).
إن هذا المطلب ليس عزيزا على أولياء الأمور المخلصين لدينهم والصادقين فى تحمل مسئولياتهم تجاه بارئهم وأمتهم وتاريخهم، واقتداء برسولهم.
إن السوق العربية المشتركة هى الجسر الذى تعبر عليه الدول العربية لتفادى الخسائر الفادحة التى ستصيبها من اتفاقية الجات الدولية، إذ يجب أن تتفق على حد أدنى من حرية التجارة فيما بينها.
وتأتى حتمية إنشاء السوق العربية المشتركة من الموجبات الآتية:
مقومات السوق العربية المشتركة
يضم العالم العربى والإسلامى أكثر من 50 دولة، منها دول ذات دخل منخفض، ودول ذات دخل متوسط، ودول مرتفعة الدخل تتمثل فى مجموعة الدول العربية البترولية الواقعة فى الخليج والجزيرة العربية وليبيا، ويبلغ عدد سكان العالم العربى والإسلامى أكثر من مليار ونصف نسمة وفقا للتقديرات الإحصائية الدولية عام 2005م، ويوجد بين هذه الدول كل مقومات التكامل الاقتصادى، ومن أهمها ما يلى:
1- توزيع الموارد الطبيعية فى الدول العربية والإسلامية:
يتسم العالم العربى والإسلامى بترامى أرجائه المختلفة شرقا وغربا، ومن ثم تنوع المناخ والتربة والتضاريس وما يرتبط بذلك من ثروات طبيعية أو موارد أولية.
2- تنوع المناخ والنشاط الاقتصادى فى الدول العربية:
يؤدى تنوع الموارد الطبيعية ونوع المناخ إلى تنوع مماثل فى النشاط الاقتصادى داخل الأمة العربية، وهذا يمكنها من تحقيق التكامل والتنسيق بينها.
3- توافر عوامل الإنتاج فى الدول العربية:
يتوافر لدى الدول العربية والإسلامية كل عوامل (عناصر) الإنتاج، وتحليل ذلك على النحو التالى:
أ) عنصر العمل: يبلغ عدد سكان العالم العربى والإسلامى أكثر من مليار نسمة، ويبلغ معدل نمو السكان بها حوالى 2.5% سنويا، وتوضح الإحصاءات الدولية أن 50% من سكان الدول العربية والإسلامية فى سن العمل والإنتاج أى ترتفع نسبة العمالة فى العالم العربى الإسلامى، خاصة فى الدول المزدحمة بالسكان، وهذا يمكنها من تحقيق التنمية الاقتصادية فى الدول العربية.
ب) عنصر رأس المال: تعتبر الدول العربية والإسلامية من أغنى دول العالم فيما لديها من رءوس أموال فائضة ناتجة عن الثروات النفطية مثل دول (أوبك)، وتقدر استثمارات دول الخليج العربى خارج الدول العربية الإسلامية عام 2010 م نحو 2000 مليار دولار، أما حجم رءوس الأموال العربية فى الخارج فيقدر بما يتراوح بين 2500 مليار دولار، وحجم الودائع العربية فى البنوك الدولية الغربية أكثر من 1800 مليار دولار، يستثمر 25% منها فى صورة مشروعات قصيرة الأجل، ولو استثمرت هذه الأموال فى البلاد العربية لحققت طفرة اقتصادية عالية.
ج) عنصر الأرض: تبلغ حجم الأراضى الزراعية القابلة للزراعة نحو 1500 مليون هتكار، بالإضافة إلى الثروات النفطية والمعدنية المتعددة والمتنوعة. وتوجد أراض صحراوية وأخرى جبلية يمكن الاستفادة منها فى أنشطة غير زراعية لتخدم عملية التكامل الاقتصادى بين الدول العربية.
د) عنصر التنظيم: يوجد فى العالم العربى العديد من بيوت الخبرة والمعاهد والأكاديميات العلمية المتخصصة، ورجال الأعمال الذين لديهم الخبرات العملية والعلمية، أى أن عنصر الإدارة والتنظيم متوفر ولكن للأسف يستعان بغيره من الخبرات الأجنبية.
معوقات السوق العربية المشتركة
يتضح مما سبق أن مقومات إنشاء سوق عربية مشتركة موجودة، ولكن حتى الآن لم تنشأ، وهذا يرجع إلى مجموعة من المعوقات، من بينها ما يلى:
1- التخلف العلمى لمعظم الدول العربية:
من أهم سمات عالم اليوم: التقنية الحديثة التى وصلت إليها العديد من دول العالم، ونصيب الدول العربية من هذا التفوق ضئيل جدا إذا ما قيس بما عليه من سبقنا فى هذا المضمار، والعرب أصبحوا مستهلكين لإنتاج هذا العالم، وليس لهم فيه سوى كونهم سوقا مفتوحة للعالم يستغل خيراتهم ويستنزف ثرواتهم.
2- اختلاف النظم السياسية المطبقة فى الدول العربية:
إن تعدد الدول العربية واختلاف الأنظمة السياسية السائدة فى معظمها والتبعية للدول الأجنبية، وحالات التردى التى وصلت إليها بعض العلاقات الثنائية، وعدم الرضوخ لصوت الحق للفصل فيما بينها عند الأزمات، الإنفاق الكبير على التسليح، واستعمال السلاح أحيانا فيما بينها وعدم احترام المعاهدات الجماعية والثنائية يعتبر هذا من أبرز العقبات السياسية أمام تحقيق التكامل والتنسيق الاقتصادى فيما بينها.
3- اختلاف المذاهب الاقتصادية المطبقة فى الدول العربية:
تتخبط الدول العربية بين الإشتراكية وبين الرأسمالية وبين خليط منهما، ولا تطبق المنهج الاقتصادى الإسلامى، كما تقع تلك الدول ضمن مجموعة الدول المتخلفة اقتصاديا، ومن الدول المنتجة للمواد الأولية ولا تستفيد من إنتاجها مباشرة وتحتاج لأسواق خارجية، فتعمد إلى بيعه للدول الصناعية وهذا يجعل الدول العربية مغلوبة على أمرها وتابعة للدول المتقدمة التى تستغل خيراتها.. ومثال ذلك دول منظمة أوبك.
4- وجود الأنانية وتفضيل التعامل مع غير العرب والمسلمين أحيانا:
هناك بعض الدول العربية تعيش فى ظلال الأنانية والاعتماد على نفسها، كما أن البعض يفضل التعامل مع الدول غير العربية والإسلامية بدعوى الجودة والتقدم.
إنشاء السوق العربية المشتركة من الموجبات الشرعية والاقتصادية
إن العالم العربى غنى بموارده البشرية والطبيعية والمنتجات الزراعية والحيوانية ومصادر الطاقة والمعادن الصلبة والسائلة واليورانيوم بما يمكنه من تحقيق التكامل الاقتصادى والاكتفاء الذاتى فى كثير من هذه الموارد، ولا بد وأن تكون الدول العربية أولى بالرعاية والاهتمام والتعامل ولا يلجأ إلى الغير إلا عند الضرورة، وهذا لن يتحقق إلا من خلال الأخوة التى ميز الله بها العرب من المسلمين، مصداقا لقوله تبارك وتعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ"، إن تطبيق هذا المبدأ يحقق للعرب وللمسلمين العزة والقوة. والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات.
--------------------
د. حسين حسين شحاتة
الأستاذ بجامعة الأزهر والخبير فى المعاملات المالية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.